خرائط السياحة الإسرائيلية تمحو الضفة وتبقي غزة

خرائط السياحة الإسرائيلية تمحو الضفة وتبقي غزة
الرابط المختصر

لقد زار المبعوث الأميركي الخاص جورج ميتشل المنطقة، مسلحاً برسالة خاصة من الرئيس باراك أوباما للرئيس الفلسطيني للتأكيد مجدداً، على ما يبدو، أنه كان هناك تفاهما بين الولايات المتحدة وإسرائيل يفيد أن المحادثات غير المباشرة حول حل الدولتين ستعقد قريباً

 

أما الجانب الفلسطيني فكان حريصا هذه المرة على عدم إضاعة الوقت في الحديث من أجل الحديث أو الحديث على أساس فكرة المفاوضات الإضافية، فالفلسطينيون مصممون على حل مسألة الحدود أولاً، ثم العودة إلى موضوع تنفيذ إقامة الدولة الفلسطينية.

 

وفي غضون ذلك، ضمت وزارة السياحة الإسرائيلية (في خرائطها الأخيرة) على نحو أحادي الجانب فلسطين لإسرائيل وحذفت أي وجود للمجتمع الفلسطيني، فالخرائط الأخيرة لا تشمل الخط الأخضر الفاصل بين الضفة الغربية وإسرائيل في حين تم رسم حدود قطاع غزة، كما تم وضع العبارات التوراتية "يهودا والسامرة" على الخارطة في مناطق شمال وجنوب الضفة الغربية

وحتى الآن فإن إسرائيل، التي تمنع تحقيق دولة فلسطينية، أضاعت الوقت وهي تولي انتباهاً إلى قضايا رمزية، ويتساءل الإسرائيليون وأصدقاؤهم: لماذا يرفض الفلسطينيون أن يعترفوا بإسرائيل في مختلف الصور والخرائط والمنشورات التي ينشرونها؟ ولماذا لا يوجد أي ترسيم للحدود يظهر الخط الأخضر الذي يفصل الضفة الغربية عن إسرائيل؟ ولماذا لا تذكر خرائط المناطق الغربية لنهر الأردن أبداً المدن الإسرائيلية مثل تل أبيب، بينما يتم تسليط الضوء على مدينة يافا القريبة؟ ولماذا، حتى عندما يتم ذكر الضفة الغربية على الخرائط لا يتم ذكر كلمة إسرائيل على الأراضي الإسرائيلية؟

 

 

لقد حاول الفلسطينيون الرد على هذه الأسئلة بتساؤلهم حول ماهية حدود إسرائيل؟ هل تشمل أو تستبعد القدس؟ هل يقبل الإسرائيليون إقامة دولة فلسطينية في الوقت نفسه الذي يطالبون فيه الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل؟ لكن على الرغم من اللغة، فإن الجهات الفلسطينية الرسمية قد غيرت نهجها بهدوء واتبعوا نصيحة أصدقائهم الدوليين بإجراء تغييرات على الخرائط وخاصة في الكتب المدرسية

 

 
 

فمنذ عام 1994، بدأت السلطة الوطنية الفلسطينية بتغيير الكتب المدرسية القديمة وفي عام 1999 و2000، نشر البروفيسور ناثان براون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، دراسة عن هذا الموضوع يقول فيها: "إن الكتب الجديدة تسرد التاريخ من وجهة النظر الفلسطينية، ولا تسعى إلى محو إسرائيل ونزع شرعيتها أو استبدالها بدولة فلسطين؛ يحتوي كل كتاب على مقدمة تصف الضفة الغربية وقطاع غزة بأنها "شطري الوطن"، وتظهر الخرائط بعض الغرابة إلا أنها تشير في بعض الأحيان إلى حدود عام 1967 وتتخذ تدابير أخرى لتجنب إظهارها؛ وفي هذا الصدد فإنها في الحقيقة أكثر تقدماً من الخرائط الإسرائيلية؛ وتتجنب الكتب ذكر إسرائيل بشكل مفصل إلا أنها في الواقع تذكرها بالاسم

 

".
 

وعلى الرغم من هذه التغييرات، استمرت هذه المسألة تلاحق الفلسطينيين على الصعيد الدولي. تعود كل الهجمات حول هذا الموضوع تقريباً إلى عمل منظمة واحدة وهي "مركز رصد تأثير السلام." ويصر ناثان براون، بأن هذا المركز يعتمد على تقارير مضللة ومغرضة لدعم إدعائهم أن الفلسطيني يقوموا بالتحريض. في عام 2001، هدد أرمين لاشيت، عضو في الوفد الألماني لبرلمان الاتحاد الأوروبي، بوقف تمويل المؤسسات التعليمية الفلسطينية... "حتى يتم إزالة كل المقاطع المعادية لإسرائيل من الكتب المدرسية الفلسطيني

 

".
 

لم يأتِ الرد على هذا التهديد من الفلسطينيين، ولكنه جاء من قبل بيتر هانسن، مفوض الأونروا في ذلك الوقت، حيث أوضح لصحيفة الحياة الجديدة الفلسطينية أنه: "لا يمكننا أن نتوقع من شعب تحت الاحتلال أن تحتوي كتبه المدرسية على مقاطع تعبر عن الإجلال والثناء والحب لمحتلي

 

".

تسبب هذا التصريح غضباً شديداً في العديد من الدوائر، وأجابت المؤسسة التعاونية الأميركية الإسرائيلية

 

 

(American-Israeli Cooperative Enterprise) على رد هانسن بقولها: "إن النصوص الإسرائيلية لا "تعظم ولا تمدح ولا تُعرب عن الحب" للفلسطينيين، لكنها لا تهين أو تنشر الكراهية ضدهم أيضاً".

في عام 2002، طلب الكونغرس الأميركي من وزارة الخارجية الأمريكية أن تفوض منظمة محترمة غير حكومية بإجراء مراجعة المناهج الدراسية الفلسطينية الجديدة،

 

 تم تكليف مركز إسرائيل/فلسطين للأبحاث والمعلومات (IPCRI) من قبل السفارة الأميركية في تل أبيب والقنصل العام الأميركي في القدس لاستعراض الكتب المدرسية التابعة للسلطة الفلسطينية، وانتهى تقريرها في شهر آذار 2003 وتم تسليمه إلى وزارة الخارجية لعرضه على الكونغرس، وجاء في الملخص التنفيذي: "إن التوجه العام للمناهج هو لأغراض سلمية على الرغم من الحقائق القاسية والعنيفة على أرض الواقع، إنها لا تحرض ضد إسرائيل واليهود ولا تحرض على الكراهية والعنف علنا؛ وتؤكد على التسامح الديني والسياسي في عدد لا بأس به من الكتب المدرسية وفي سياقات متعددة."
 

في حين أن ما سبق ينبغي أن يضع حداً للاتهامات المستمرة والتي لا أساس لها، فإن قليلين سألوا عما هو واضح ألا وهو: ما هو الموقف الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين وما إذا كانت الخرائط الإسرائيلية ترسم الأراضي الفلسطينية

 

.
 

إن نظرة على الحملة الإسرائيلية الأخيرة لتشجيع السياحة إلى إسرائيل هو رد قوي على ذلك. وحملة وزارة السياحة الإسرائيلية تلغي أي وجود فلسطيني. فإن ستاس ميزينيكوفهو وزير السياحة من حزب إسرائيل بيتونا، (حزب وزير الخارجية افيغدور ليبرمان)، قام مع وزارته بإلغاء تام لمناطق الضفة الغربية وأية مناطق فلسطينية من مطبوعاته

 

(www.goisrael.com). وتم إعلان فلسطين التاريخية بكونها إسرائيل دون أية حدود أو ترسيم للحدود سوى قطاع غزة، وجميع الخرائط المدرجة في الحملة تحذف أو تقلل من الاهتمام بالمناطق والمدن الفلسطينية في حين إبرازها للمناطق الإسرائيلية واليهودية.

في حين أن العديد ممن قد يقولون أن هذه المسألة هي رمزية، فليس هناك شك في أن هذه الرمزية تتعارض مع فكرة الحل القائم على دولتين والتي يؤيدها العالم اجمع وحتى أيدها علناً رئيس وزراء إسرائيل الحالي.

 

وهكذا وبينما ستبدأ المفاوضات قريباً، مياشرة كانت أم غير مباشرة، فسيبقى سؤال يدور في أذهان العديد: ماذا لو طلب المجتمع الدولي طلباً بسيطاً وهو أن تنهي إسرائيل تجاهلها للفلسطينيين وفلسطين على الأقل على الخرائط التي تنتجها وتروج لها رسمياً وزارتها؟

 

* مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي العاملة في الاردن وفلسطين