خبير :  احتفال "جوجل" بآثار عين غزال رسالة بأهمية التوعية بالمواقع الأثرية

الرابط المختصر

لم تكن تماثيل عين غزال معروفة لدى الكثير من الأردنيين حتى احتفل بها موقع Google، الأمر الذي دفع العديد للتعرف عليها من خلال بدء عمليات البحث حول تاريخها وأهميتها في التراث الثقافي للمنطقة، وسط دعوات لخبراء في مجال الآثار الى ضرورة  زيادة التوعية بأهمية المواقع الاثرية في المملكة، لجذب المزيد من الزوار المحليين والدوليين لاستكشاف هذه الثروات التاريخية.

بجانب مدينة البتراء ومادبا وجرش وأم قيس وجدارة، يشير خبراء إلى وجود آثار تعود إلى العصور الرومانية والبيزنطية في الأردن، مثل التماثيل العمائرية التي تعكس تراثا ثقافيا غنيا وتاريخيا يجب الاهتمام به.

يوم السبت الماضي، احتفل Google  بعد مرور أربعين عاما على  اكتشاف هذه التماثيل في الأردن، من قبل دائرة الآثار العامة بالتعاون مع جامعة اليرموك معهد الآثار، حيث يعود تاريخ هذه التماثيل الى عصور ما قبل التاريخ وتعتبر واحدة من أقدم التماثيل البشرية المعروفة بحجمها وتاريخها القديم البالغ نحو 9000 عام .

وتقع هذه التماثيل  في منطقة عين غزال الموجودة في نهاية الطريق لمنطقة ماركا، على بعد حوالي 30 كيلومترا  من  العاصمة عمان، وتحظى بحماية دائرة الآثار العامة، حيث تم عرض بعض أجزاء منها في متحف التاريخ الطبيعي الأردني في جامعة اليرموك، للزوار للاستمتاع بمشاهدتها بعد أن تم ترميمها.

 

لماذا موقع عين غزال؟

منذ أكثر من مليون عام، تم تسجيل أكثر من 14 ألفا و965 موقعا أثريا  في المملكة ، بعد مسح 36 % من مساحتها الاجمالية، ويعد أول استيطان بشري قديم في منطقة عين غزال وتماثيلها من أوائل تواجده على هذه الارض، تصل الى عمر 9 آلاف عام في العاصمة عمان، وفقا لأرقام دائرة الآثار العامة.

رئيس جمعية التنمية للإنسان والبيئة الأردنية الدكتور أحمد الشريدة يشدد على أهمية تمييز جوجل شعاره بـ تماثيل عين غزال، حيث يعطي دلالة واضحة على أهمية التوعية الاثرية، وتعتبر هذه التماثيل جزءا من التراث الأردني الذي يجب الاعتزاز به، حيث سيراها ملايين الأشخاص في العالم ويثير استفساراتهم حول مكان وجودها.

ويوضح الشريدة وهو أيضا باحث في مجال الآثار والبيئة، أن هذه الاثار الذي سجلت بتاريخ  الأردن ساهم باكتشافها سكان وأهالي المنطقة، و يعود  تواجدها الى العصر الحجري الحديث، مرجعا أسباب وجودها في المنطقة بسبب الاستيطان البشري عبر كل التاريخ بالقرب من مصادر المياه المتعددة لضمان استدامة الحياة، حيث كانت تتمتع منطقة عين غزال بمواردها المائية الغنية في فترة الخمسينات.

هذه التماثيل تعبر عن الجانب الإنساني الأبدي والبحث عن الخلود، وتمثل جوانب مهمة من الثقافة والحضارة والفلسفة الوجودية في تلك الحقبة.

وتُظهر الرموز الموجودة على هذه التماثيل الطبيعة البشرية والرغبة في البقاء ذكرى تتجاوز الحياة البشرية، و ترتبط بعادات وتقاليد وديانات وثنية كانت سائدة في تلك الفترة، وهي جزء من الإرث الفلسفي القيم.

وعلى الرغم من الصنع البدائي للتماثيل في عين غزال، إلا أن نوعية الصلصال المستخدم وطريقة حفظها وتغطيتها بالتربة ووجودها داخل المباني العمائرية في عين غزال ساهمت في الحفاظ عليها لمدة تزيد عن 40 عاما، رغم التحديات الجوية التي واجهتها على مر السنوات.

 

دعوات لنشر ثقافة المتاحف

يشدد الدكتور الشريدة على ضرورة نشر ثقافة الوعي حول المتاحف الموجودة في المملكة، وتحديدا في العاصمة عمان، وزيادة الوعي بين  طلبة المدارس والجامعات، إذ يعتبر الكثيرون منهم غير ملمين بوجود هذه المؤسسات الثقافية.

ويشير الشريدة الى هناك دور كبير تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في التعريف على هذه المتاحف وما تحتويه من آثار لتشجيع الشباب على زيارتها واكتشاف تراث بلادهم بطرق جديدة ومثيرة. 

وشهد الأردن اكتشافات أثرية عديدة كان آخرها العام الماضي، حيث تم اكتشاف مغارة أثرية تحتوي على فخاريات وآثار رومانية أثناء أعمال الحفر الإنشائية في وسط العاصمة. كما تم العثور على موقع يضم أكثر من 250 قطعة أثرية متحجرة، تشمل فنونًا بحرية ودمى وأدوات صوانية ومواقد تعكس ممارسات دينية قديمة من العصور الرومانية. هذه الاكتشافات تعزز تراث الأردن الثقافي وتساهم في زيادة الوعي بالتاريخ والثقافة الغنية للبلاد.

 

متاحف في "عمان"

تتركز في العاصمة  العديد من المتاحف ومع ذلك يشعر خبراء الآثار بأن هذه المتاحف يعيبها عدم جذب الزوار بشكل كاف، على الرغم من توفر تكاليف الدخول المنخفضة، وتشمل هذه المتاحف، متحف الأردن للتقاليد الشعبية، ومتحف السيارات الملكي، ومتحف الأطفال، ومتحف الحياة البرلمانية.

ويعد متحف جبل القلعة الأثري ثاني أكبر متحف في الأردن، حيث شيد عام 1951، حيث يتمتع بإطلالة خلابة على وسط عمان وتم تأسيسه في عام 1951 وقام المهندس البريطاني أوستن هاريسون بتصميمه على مساحة تبلغ نحو 550 متر مربع، يتميز المتحف بخزائن عرض فاخرة مصنوعة من النحاس والزجاج والخشب تم استيرادها من بريطانيا.

تم تصميم متحف جبل القلعة للاعتماد على الإضاءة الطبيعية من خلال نوافذه العلوية، بالإضافة إلى مصابيح كهربائية تم تثبيتها على الجدران وفوق الخزائن، مما يضمن عدم تعريض القطع الأثرية للإضاءة المباشرة والتي قد تؤذيها.

يحتضن متحف جبل القلعة مجموعة ضخمة تتجاوز عدد القطع الأثرية فيه 20,000 قطعة متنوعة، بما في ذلك فخاريات وزجاج وأدوات صوانية ونقوش وأواني معدنية وحلي ذهبية. يحتوي أيضًا على تماثيل رخامية وحجرية وجصية ومسكوكات ذهبية وفضية وبرونزية تتجاوز عددها 36,000 مسكوكة.

ويضم المتحف أيضًا قطعًا أثرية نادرة لا توجد مثيل لها في أي مكان آخر في العالم، مثل تماثيل "عين غزال" الجصية التي تعود إلى العصور الحجرية (حوالي 6500 قبل الميلاد) والتي تم اكتشافها بالصدفة في عام 1985 أثناء أعمال الحفر. يتضمن أيضًا الملف النحاسي لمخطوطات البحر الميت، والمنقل البرونزي النادر الذي يرجع للعصر الأموي، والتوابيت الفخارية المشابهة لتلك التي كانت تُستخدم في فترة مصر الفرعونية.