في اليوم الـ32 من الحرب على غزة، تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى تحقيق "فترات توقف تكتيكية صغيرة"، بهدف تسهيل دخول المساعدات الإنسانية أو السماح بخروج الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس، الأمر الذي يعتبره خبراء سياسيون وعسكريون أن هذه الخطوة تأتي نتيجة إلى الضغط الدولي المتزايد على الحكومة الإسرائيلية نتيجة فشلتها بارتكابها انتهاكات إنسانية تمثلت بقتل الأطفال والنساء واستهداف المناطق الامنة.
ويواصل الاحتلال الاسرائيلي في شن غاراته على القطاع، مستهدفا بشكل متكرر مختلف الأماكن الآمنة للمدنيين، مما ينتهك القوانين الدولية وحقوق الإنسان التي تحمي المدنيين في حالات النزاع .
وقد حذر أمين عام الناتو وأعضاء مجلس شمال الأطلسي، الذين يمثلون الدول الأعضاء في الحلف مؤخرا، من تفاقم الوضع وانتقال الأزمة والصراع إلى الضفة الغربية والحرم القدسي الشريف معربين عن قلقهم إزاء ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، مؤكدين ضرورة التزام إسرائيل بالقانون الدولي الذي يتطلب حماية المدنيين.
ووفقا لتقارير وزارة الصحة في غزة، فقد استشهد أكثر من 10,000 مدني منذ بداية العدوان الإسرائيلي في أكتوبر الماضي. مشيرة إلى أن 70% من ضحايا هذا العدوان هم نساء وأطفال، تم استهداف العديد من المنازل السكنية والمستشفيات والمدارس التابعة للأونروا بالقصف الإسرائيلي.
قصف الأماكن الامنة محرم دوليا
القانون الدكتور أشرف الراعي يقوله انه للاسف أمام الواقع الراهن في قطاع غزة، تظهر العديد من المخالفات والانتهاكات لجميع مبادئ القوانين الدولية والقانون الدولي الجنائي في ظل ما نشهده من اعتداءات كبيرة وصارخة بحق المدنيين على الأطفال والصحفيين الذين هم ليسوا أطرافا في النزاع.
ويشير الراعي إلى أن قصف الاحتلال للأماكن الآمنة للمدنيين مثل المدارس والمستشفيات والمراكز الطبية، يعتبر محرما دوليا لا يجوز الاعتداء عليها، يتم استخدام هذه الهجمات كجزء من استراتيجية حرب الابادة الممنهجة في هذه الحرب وهو ما يتعارض مع قوانين حقوق الإنسان الدولية، التي يصفها بانها مجرد نظريات في مواجهة الواقع الفلسطيني.
في القانون الدولي، حتى وإذا كان هناك شكوك حول مكان الشخص، سواء كان مدنيا أو مقاتلا، يمنع استهدافه، وتنظم اتفاقيات جنيف هذه القوانين، وأي انتهاك لها يعد مخالفة للقانون، كما يشير الدكتور الراعي.
وبالرغم من وجود النصوص القانونية التي تنص على حماية المدنيين والممتلكات المدنية في الاتفاقيات الدولية، إلا أنها، للأسف، لا تجد التنفيذ العملي في حياة الفلسطينيين، وتنص اتفاقية جنيف قبل عام 1949 على حماية الجرحى والمرضى والغرقى والأسرى المقاتلين، وشملت أيضا حماية الممتلكات المدنية.
كما تم اعتماد البروتوكولين الإضافيين إلى اتفاقية جنيف في عام 1977 لتعزيز هذه الحماية، وتأكيد أهمية معاملة المدنيين الذين يقعون تحت سيطرة القوى المعادية بإنسانية تامة في جميع الظروف، وحمايتهم من جميع أشكال العنف والمعاملة المهينة، بما في ذلك القتل والتعذيب.
عجز حكومة نتنياهو
وفي هذا السياق هناك تحذيرات ملكية من التدهور الخطير في غزة والوصول إلى مرحلة "اللاعودة" والانزلاق نحو حرب إقليمية، الدعوة للعمل للوقف الفوري لإطلاق النار في غزة وحماية المدنيين، مطالبة بالهدنة الانسانية لتسهيل عملية وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع.
الخبير الأمني والعسكري الدكتور عمر الرداد يعتبر بأن نتنياهو غير قادر على تقديم حلا جديرا ومقبولا دوليا، فقد قاد نتنياهو حكومات إسرائيل المتعاقبة لمدة عشر سنوات وتورط بشكل متزايد مع اليمين الإسرائيلي في مختلف الجوانب، وهذا أدى إلى فشل واضح في سياسته العسكرية تجاه قطاع غزة، وهو ما أثبت عدم جدواه منذ بداية هذه الحرب.
ويوضح الرداد بان الحكومة الاسرائيلية فشلت تماما في تنفيذ مشروعها بشكل كامل، وبالتالي لذلك لن تحقق السلام الذي يتضمن دولة فلسطينية والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، مشيرا الى ان الادارة الامريكية والمجتمع الدولي على قناعة بان هذه الحكومة غير قادرة على تحقيق أي قدم.
ومن المؤشرات على ذلك هناك بعض الأحزاب المتحالفة مع نتنياهو تطالب برحيله من السلطة نظرا لفشله في إدارة هذا الصراع، الذي وضع أهدافا ضخمة لتحقيقها دون وجود خطة واضحة سواء على الصعيدين العسكري والسياسي، وفقا لتقييم الخبراء العسكريين والسياسيين.
وهذا التأثير يرتبط أيضا بالضغط الذي تمارسه عائلات الأسرى الإسرائيليين على نتنياهو لحل قضية الأسرى، وهو ما يزيد من تصاعد الضغط على الحكومة الإسرائيلية بشكل عام وعلى نتنياهو بشكل خاص، في ظل وجود بين المعتقلين العديد من حملة الجنسيات المزدوجة، مما يعني أن القضية لا ترتبط بنتنياهو بمفرده، وفقا لتقدير الدكتور الرداد.
ووفقا لتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية، أجري استطلاع لآراء المواطنين الإسرائيليين حول أداء بنيامين نتنياهو حتى الآن، حيث أظهرت النتائج أن 76٪ منهم يرغبون في رحيل نتنياهو، وأن نتائج استطلاع الرأي لم تكن مواتية لصالح نتنياهو.