حياد الأردن الظاهر يخفي عدم ارتياح عميق لخطوة الامارات

داود كُتّاب

 

من المعروف تاريخياً إن قيادات المملكة الأردنية الهاشمية تحاول أن تبقى محايدة بقدر الإمكان خاصة عندما يكون الموضوع متعلق بعلاقات عربية- عربية.

 

هذا الأمر بداء واضحة في الرد الرسمي للتقارب الإماراتي-الإسرائيلي حيث رفضت تأييد او معارضة الاتفاق ل "تطبيع كامل للعلاقات" ولكن في نفس الوقت دفعت الدولة الخليجية للعمل على إنهاء الاحتلال.

 

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قال للإعلام الرسمي أن قرار الأمارات "سينقل المنطقة باتجاه السلام العادل إذا ما اعتبرته إسرائيل حافز لإنهاء الاحتلال." بعد الانتهاء من الاتفاقية على إسرائيل التوقف عن قراراتها أحادية الجانب لضم أراضي في الضفة الغربية المحتلة والتي "تعطل إمكانية سلام وتخالف الحقوق الفلسطينية." قال الصفدي دون ان يحدد ما إذا تدعم الأردن أو ترفض التحرك الاماراتي.

 

وبعيدا عن المجاملات الدبلوماسية فمن الواضح ان المسؤولين الأردنيين غير سعداء بالتحرك لأنه يضعف الإجماع العربي كما كان في المبادرة العربية للسلام لعام 2002 والتي وافقت عليها كل أعضاء الجامعة العربية. وهناك شعور قوي رغم انه لم يعبر عنه بصورة مباشرة أن الامارات تحاول ان تحصد العمل الدؤوب التي قام به الأردن والمجتمع الدولي قبل 1 تموز الماضي لضمان عدم قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي بتنفيذ تهديده بالضم.

 

يقول نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق ممدوح العبادي لموقع عربي 21 ومقره لندن، "الإمارات لم تشارك بأي شيء بالقضية الفلسطينية، لا سلما ولا حربا، فلا وزن لها بالصراع العربي الإسرائيلي على غرار الدول المحيطة مثل الأردن وسوريا والعراق". واعتبر العبادي، "ان الاتفاق هو استعراض أجوف، لا يحقق أي فائدة للإمارات، إنما الفائدة ستذهب إلى الرئيس ترامب ".

 

وقد قام الصحفي الفلسطيني المعروف ناصر اللحام رئيس تحرير موقع معا الفلسطيني المستقل الداعم لمنظمة التحرير الفلسطينية للقول علنا ان "الأردن وملكها" هما من ساهم في وقف الضم.

 

ورغم أن الأردن لا يحصل على الدعم المالي الذي كانت تحصل عليه من الإمارات العربية المتحدة او من المملكة السعودية إلا أن هناك أسباب عديدة لتحفظ الأردن لنقد أبو ظبي علناً. أن العائدات أحد الأسباب لذلك. وحسب البنك المركزي الأردني ففي 2019 تم تحويل 3,7 مليار دولار من أردنيين يعملون في الخارج ونسبة 79% منهم في الخليج. من بين الـ 750 ألف أردني في الخارج هناك 200 ألف يعملون في دولة الإمارات.

 

الوقت يغير الأولويات 

 

يقول عدنان أبو عودة المستشار الأسبق للملك حسين والملك عبد الله لمعهد الشرق الأوسط أنه رغم أن مصر تم طردها من الجامعة العربية لممارستها السلام المنفرد مع إسرائيل إلا أن الأمارات لن يتم عزلها. "عندما زار السادات إسرائيل تم طرد جمهورية مصر العربية من الجامعة العربية. والآن تخالف الامارات خطة السلام العربية ولكنه لن يتم معاقبته بنفس الطريقة. فالوقت تغير واولويات الدول تغير." يعتقد أبو عودة أن تحرك الإمارات تم بسبب إيران. فالإمارات دولة ضعيفة والضعيف يبحث عمن يحميه والحماية تأتي من الامريكان."

 

يقول اللواء مأمون أبو نوار وهو قائد طيران أردني سابقا أن قرار الأمارات "خطير" بحق الأردن لأنه يتجاهل الموضوع الأساس في المنطقة وهو الصراع الفلسطيني. "انه خطير للأردن لأن الصراع الفلسطيني لم يتم حله،" يقول أبو نوار مؤكداً ان تأجيل الضم يعني ان الموضوع سيبقى مثل القنبلة الموقوتة وذلك سيضعف الأردن.

 

يقول احمد عوض وهو مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية معهد الشرق الأوسط أنه قد يكون هناك بعض الفوائد من الاتفاق الاماراتي الإسرائيلي إلا أنه بشكل عام ستتأثر الأردن سلبا منه. "لسنوات ترجمت الأردن موقعه الاستراتيجي لمصلحته لأنه كان يمثل حاجز بين إسرائيل والعالم العربي. وخاصة العراق والخليج. ولكن بعد هذا التحرك فإن موقع الأردن كحامي سيضعف لأن إسرائيل ودول الخليج ستتجاوز الأردن رغم انه ان كان هناك تجارة بضائع من خلال المعابر الأرضية فإنهم يحتاجون للأردن.

 

إذا فاذا حاولت الأردن ان تبعد نفسها سياسيا عن دولة الامارات فأنها لن تستطيع أن تعارض علنا الاتفاق. فكدولة قامت باتفاق سلام مع إسرائيل عام 1994 فإن الأردن لا يمكن أن يكون لها موقف متعالي فيما يتعلق بالإمارات. صحيح ان للأردن أكبر حدود وصراع على الأراضي مع إسرائيل كما وقامت الأردن بالتنسيق مع القيادة الفلسطينية ولكن الأردن لا تزال تستضيف سفير اسرائيلي في عمان.

 

نظرة مقربة لواشنطن

 

أن السير على الحبل المشدود يتطلب من الأردن السير الى الأمام دون الوصول الى حالة اغضاب مقيم البيت الأبيض الأمريكي. الأردن تحصل على مساعدات سنوية من الشعب الأمريكي تصل الى 1,25 مليار دولار سنويا بالإضافة الى الاتفاقيات البينية والتي تهدف الى تحسين الاقتصاد الأردني

 

إذا من المرجح أن تركز السعودية ودول الخليج أعينهم على الانتخابات الرئاسية الأمريكية. فإذا تم إعادة انتخاب دونالد ترامب فإن الأردن سيكون حريص على أن لا يقوم بأي عمل تغضب واشنطن. فليس صدفة مثلا أن مملكة البحرين على سبيل المثال قامت بتأجيل أي تحرك مماثل للإمارات إلا قبل نهاية العام. فاذا فاز جو بايدين فان الضغط لتنفيذ مخطط ترمب والتجاوب مع مطالبات نتنياهو من العالم العربي بدون التجاوب مع الحقوق الفلسطينية يتوقعون.

 

إن المحاولات على الحياد من قبل الأردن يخفي عدم رضى مع خطوة الإمارات وإمكانية استمرار الانقسام العميق في العالم العربي. إن الأمر الاكثر أهمية هو التجاهل الكامل للفلسطينيين مما سينتج عنه استمرار غضب الشعوب العربية بسبب غياب حل عادل للقضية الفلسطينية وهو أمر استراتيجي جيوسياسي ذات أهمية للأردن.

المقال مترجم عن معهد الشرق الأوسط في واشنطن 

أضف تعليقك