تمويل مؤسسات المجتمع المدني..رهينة عقلية قديمة

رحبنا قبل مدة بقرار وزارة التنمية الاجتماعية توحيد وترشيد العمل فيما يخص الموافقة على طلبات التمويل الأجنبي بحيث يتم الرد السريع وضمن الثلاثين يوم المخصصة قانونية لأي طلب. كما وسعدنا بتصريحات وزير التعاون الدولي بأن الوزارة بتوجيهات من رئيس الوزراء تبحث امكانية اجراء تعديلات جذرية تسهل إدخال التمويل للأردن لما فيه توفير عملة صعبة وتوفير فرص عمل اضافة الى الخدمة المجتمعية التي تقدمها مؤسسات المجتمع المدني. حيث عبر الوزير وسام الربضي  " أنه لا يستبعد أن يكون أحد الحلول هو التوصل إلى الية يتم خلالها فحص واعتماد مؤسسات مجتمع مدني معروفة ولمرة واحدة بدل من الزامها بإجراءات بيروقراطية معقدة لكل منحة."

ولكن رغم تلك الاخبار السارة من الحكومة بتسريع وتسهيل عملية اعتماد مشاريع المجتمع المدني إلا أن العقلية القديمة والتي تحاول السيطرة على التمويل المخصص للمجتمع المدني لا تزال قائمة. فقبل أيام سمعنا عن رفض اللجنة المختصة بمنحة مقدارها 240 الف دولار لمشروع من مؤسسة تابعة للأمم المتحدة مقرر ان يتم بالتعاون مع إحدى الوزارات. فهل يعقل أن تقوم لجنة حكومية بإيقاف مشروع سيتم بالتعاون مع وزارة حكومية والفائدة المجتمع وتشغيل أردنيين وإدخال عملة صعبة للبلد؟ وهناك مشاريع اخرى تم منعها لاسباب ضعيفة.

يبدو أن موضوع إدارة التمويل الأجنبي قد خرجت عن أهدافها والتي كانت محصورة في ضمان عدم وجود دعم من جهات مجهولة وقد تكون معادية للقيام باعمال ضد مصلحة الوطن. ولكن الموضوع قد خرج عن أهدافه لتحقيق مآرب جهات معينة او ايقاف دعم مؤسسات معروفة ومسجلة وقانونية ولها باع طويل في خدمة البلد.

ومن المؤسف أن يأتي رفض مشروع حيوي في ظل قوانين الدفاع والتي تمنع الشركات كانت ربحية أو غير ربحية من تسريح موظفين. فكيف يمكن لتلك الشركة غير الربحية أن تحافظ على موظفين أردنيين في نفس الوقت التي تقوم به جهة حكومية بمنع صرف الأموال المطلوبة لاستدامة تلك العملية؟ ومن المعروف أن الشركات غير الربحية عكس الشركات الربحية تصرف كل ما يصلها سنويا دون وجود أي وفر. فكيف يمكن أن تحافظ تلك المؤسسة على موظفيين إذا ما تم منع مشروع يوفر للمؤسسة الميزانية المطلوبة.

كما من المعروف أن العديد من المنح الدولية لمشاريع تأتي من خلال مناقصة عالمية. نجاح مؤسسة اردنية بالحصول على منحة دولية تعني أن تلك المنحة كانت قد تذهب لدولة اخرى. فما الحكمة من منع مؤسسة اردنية من الاستفادة من تلك المنحة والتي تذهب لتوفير فرص عمل وخدمة عامة للمجتمع الاردني.

لقد حان الوقت للدولة الاردنية ان تكف يدها عن مؤسسات المجتمع المدني المرخصة والعاملة ضمن السياسة العامة لما فيه المصلحة الوطنية العليا في الأردن. لا مانع من العمل على وقف تمويل مشاريع تهدد الامن او مصدرها من جهات معادية أما رفض منحة من مؤسسة امم متحدة سيتم صرفها بالتعاون مع وزارة فان ذلك يعتبر قمة في التخبط الحكومي والذي يجب أن يتوقف فورا لما فيه ضرر للمصلحة الوطنية للدولة الاردنية.

 

أضف تعليقك