تقليص المساعدات الغذائية يهدد بتفاقم أوضاع اللاجئين السوريين
بعد إعلان برنامج الأغذية العالمي عن قرار تقليص المساعدات الغذائية الشهرية لـ 465 ألف لاجئ مستفيد في المملكة، يحذر خبراء من الآثار السلبية المحتملة على اللاجئين وتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وسط دعوات لإيجاد حلول وتوفير التمويل اللازم للحفاظ على استمرارية هذه المساعدات للاجئين المحتاجين.
ويعود هذا القرار، الذي سيطبق اعتبارا من شهر اب المقبل، إلى أزمة التمويل غير المسبوقة التي يواجهها البرنامج حاليا، وفقا للبيان الصادر عن البرنامج، وسيتم تقديم المساعدات بأولوية للأسر الأكثر احتياجا، وتدريجيا سيتم استبعاد حوالي 50 ألف فرد من الحصول على المساعدة الشهرية.
أعرب العديد من المنظمات والجهات عن قلقها الشديد إزاء تقليص المساعدات الغذائية، مع التركيز على الآثار السلبية المحتملة، مثل زيادة معاناة الأسر اللاجئة وتعرضها لخطر انعدام الأمن الغذائي، خاصة الفئات الأكثر ضعفا مثل الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة.
كما سيؤثر هذا القرار على قدرة اللاجئين الذين يواجهون تحديات صعبة في تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والإسكان. يجدر الإشارة إلى أن هذا الإعلان أثار قلقا واسعا في أوساط مختلفة.
وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يسجل لديها حوالي 670 ألف لاجئ، في حين يصل إجمالي عدد اللاجئين الموجودين في المدن والقرى الأردنية إلى مليون و300 ألف.
تباعات تقليص المساعدات
المحلل الاقتصادي والاجتماعي، حسان عايش يعبر عن قلقه إزاء تخفيض المساعدات الغذائية للاجئين السوريين وتأثيره على حياتهم والبيئة المستضيفة لهم، مشددا على أن أي تخفيض في هذا الوقت غير المناسب سيؤثر على قدرتهم على التكيف مع احتياجات حياة أكثر كلفة، خاصة فيما يتعلق بالغذاء والمسكن.
ويؤكد عايش أهمية المساعدات الأساسية التي توفر الطعام والشراب والمأوى للبقاء على قيد الحياة، موضحا أن تقليص هذه المساعدات سيؤدي إلى مشاكل والتكيف السلبي، مثل سوء التغذية والأمراض المرتبطة به، وسيدفع الأشخاص إلى العمل في وظائف خطرة وزيادة ظاهرة عمالة الأطفال والزواج المبكر في هذه الأسر، وقد يدفع السوريون إلى العمل غير المنظم ويؤدي إلى فوضى في سوق العمل في هذا القطاع.
"هذا التخفيض سيضع ضغوطا على الدول المضيفة ويمكن أن يكون استفزازا للدول التي تفكر في إعادة العلاقات مع سوريا أو استغلال اللاجئين السوريين"، بحسب عايش الذي يرى "أن هناك أهمية لإعادة الإعمار في البنية التحتية الزراعية والعقارية وتوفير المياه والمدارس والرعاية الصحية، مما يسمح للاجئين بتحمل مسؤولياتهم الحياتية في حال عدم رغبتهم في العودة إلى سوريا".
تشير استطلاعات الرأي التي أجرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن 90٪ من أسر اللاجئين ما زالت مثقلة بالديون بينما أفاد 77٪ من اللاجئين السوريين بتدني الوضع المالي.
وفي دراسة اخرى للمفوضية في وقت سابق تظهر أن 66٪ من اللاجئين يعيشون على أقل من 5.5 دولار أمريكي للفرد في اليوم، مما يجعل الوضع الحالي في غاية الصعوبة ويحث المعنيين على البحث عن حلول بديلة وزيادة الدعم.
ضغوطات اقتصادية على الحكومة
على الرغم من المشاكل الاقتصادية التي يواجهها الأردن، فإنه يسعى لتأمين مساعدات عاجلة للاجئين بعد قرار برنامج الأغذية العالمي بتقليص الدعم المقدم لهم، وقد تم التأكيد على هذا الالتزام في القمة العربية الأخيرة التي عقدت في المملكة العربية السعودية، من خلال التوافق العربي والمجتمعي في إيجاد حلول لأزمة اللاجئين.
يشير عايش إلى أن الأردن سيتحمل عبئا إضافيا مع هذا التخفيض، حيث إن المساعدات تسهم في تنشيط النشاط الاقتصادي والتجاري وتحريك العجلة الاقتصادية، ومع توقف هذه المساعدات، فمن المؤكد أنه سيحدث تراجعا في معدل الدخل الفردي للأردنيين والسوريين، مما يزيد من الضغوط المالية على الحكومة وتحملها من قبل المواطنين الأردنيين.
وكان البنك الدولي قد أعاد تصنيف الأردن من متوسط مرتفع للدخل إلى متوسط منخفض للدخل في مراجعة أجريت في عام 2022، وتم رفع تقدير التعداد السكاني بنسبة 8.6 في المئة وفقا لتقرير شعبة السكان التابعة للأمم المتحدة، وبالتالي، أصبح الأردن البلد الوحيد في العالم الذي شهد تراجعا في تصنيفه الاقتصادي.
وبناء على هذا التقرير، قدم المنتدى الاقتصادي الأردني توصية بالتعاون مع مؤسسات المجتمع الدولي لتطوير آليات تعزز مساهمة جميع شرائح المجتمع، بما في ذلك اللاجئين، في النشاط الاقتصادي الرسمي، بهدف التحول من الاقتصاد غير الرسمي إلى الاقتصاد المنظم وتعزيز دور المجتمعات المستضيفة للاجئين في النمو الاقتصادي.
موقف الأردن
يقول نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي إن برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة وبعض وكالات الأمم المتحدة الأخرى وبعض المانحين سيقطعون الدعم الحيوي عن اللاجئين السوريين في الأردن،
ويؤكد الصفدي عبر “تويتر”، في حال طبقت هذه القرارات لن يكون الأردن قادرا على سد الفجوة التمويلية للاجئين السوريين الذين سيعانون من ذلك، كما أن مسؤولية تغطية هذه الفجوة ليست على عاتق الأردن بل على الجهات التي قررت قطع دعمها، حيث لا يمكن للأردن أن يتحمل هذا العبء لوحده.
ويحث الصفدي برنامج الأغذية العالمي ووكالات الأمم المتحدة والمانحين للعدول عن قراراتها بقطع الدعم الحيوي عن اللاجئين السوريين، مشددا على أن توفير الحياة الكريمة للاجئين مسؤولية عالمية، وليست مسؤولية الأردن وحده كبلد مضيف، مشددا على ضرورة عمل الأمم المتحدة لتمكين العودة الطوعية للاجئين السوريين، مشيرا إلى أنه وحتى ذلك الحين يجب أن تحافظ وكالاتها على تقديم الدعم الكافي لهم.
هذا ويقيم في الأردن حوالي 1.3 مليون لاجئ سوري، حيث يعد حوالي نصفهم مسجلين كلاجئين في سجلات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومن بينهم حوالي 750 ألفا يعيشون في المملكة قبل اندلاع الأحداث في سوريا عام 2011.