"تعليقات على جريمة قتل عبر صفحات وسائل إعلام"..مخالفات قانونيّة وأخلاقيّة

ارتكبت وسائل إعلام محليّة مخالفات مهنيّة وأخلاقيّة بنشر تعليقات مؤيّدة لجريمة قتل وقعت في جنوب العاصمة عمَّان، من بينها: عدم منع أنشطة موجّهة ضدَّ المجتمع، والسَّماح بمرور آراء مؤيّدة للجريمة والقتل، والإسهام بنشر خطاب كراهية عالي المستوى.

 

وتتبّع "أكيد" عددًا كبيرًا من التَّعليقات المنشورة على أخبار هذه الجريمة في الصَّفحات الخاصّة بهذه الوسائل على مواقع التَّواصل الاجتماعيّ، حيث أشار متخصّصون لـ "أكيد" إنَّ هناك مسؤوليّة أخلاقيّة تلحق هذه الوسائل للسَّماح بمثل هذه التَّعليقات، بينما لا تلحقها المسؤوليّة القانونيّة، والتي تطال صاحب التَّعليق، وِفق قانون الجرائم الإلكترونيّة.

 

وتابع "أكيد" بيانًا لمديريّة الأمن العام حول الحادثة قالت فيه إنّ شخصًا أقدم على طعن شقيقته التي تبلغ من العمر 14 عاماً داخل منزلهما، وأُلقي القبض عليه، واعترف خلال التحقيق بارتكاب الجريمة، وتمّ توقيفه في أحد مراكز الإصلاح والتأهيل عن جرم القتل القصد.

 

ورصد "أكيد" تعليقات مُسيئة، والتي يعتذر عن إعادة نشرها؛ تجنّبًا للإسهام في انتشارها، إذ حملت في مضمونها الإشادة بفعل القتل كعمل بطوليّ، والإلقاء باللّوم على الطِّفلة على اعتبار أنّها قامت بفعل استحقّت القتل بسببه، كما توعّد بعض المُعلّقين أن يقتلوا أخواتهم في حال أقدمن على أفعال غير مقبولة من وجهة نظر الإخوة.

 

ولاحظ "أكيد" قيام بعض وسائل الإعلام بحذف وإخفاء عدد كبير من التّعليقات المُسيئة من على صفحاتها بمواقع التّواصل، بعدما واجهت انتقادات عديدة بسبب السَّماح بنشرها، وعدم وجود تدقيق مُسبق على إجازة نشرها من عدمه.

 

الأستاذ يحيى شقير، وهو مُختصّ بالتشريعات الإعلاميّة والتّدريب، قال لـ"أكيد": إنّ التعليقات على مواقع التّواصل الاجتماعيّ تخضع لقانون الجرائم الإلكترونيّة رقم 27 لعام 2015 والذي جاء في المادة 11 منه: "يُعاقَب كل من قام قصداً بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتيّة، أو الموقع الإلكترونيّ، أو أيّ نظام معلومات، تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أيّ شخص، بالحبس مدّة لا تقلّ عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على 2000 دينار".

 

وأوضح شقير أنّ "المتّهم بنشر تعليق مسيء على مواقع التّواصل الاجتماعيّ قد يصل حكمهُ للحبس لمدة ثلاث سنوات، ويجوز توقيفه عند النيابة العامّة"، لكن ليس هناك مسؤوليّة قانونيّة على وسيلة الإعلام في هذه الحالة، ووِفقا للمادّة "3" من قانون أصول المحاكمات المدنيّة، فإنّه "لا يُقبل أيّ طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يُقرّها القانون"، مُضيفاً أنّه يجوز للنّيابة العامّة أن تُحرّك قضيّة بهذا الشأن ويجوز أن يخبرها شخص بالمخالفة دون تثبيت دعوى منه.

 

ولفت إلى أنَّ قانون المطبوعات والنّشر يُعاقب على نشر تعليقات مسيئة على الموقع الإلكترونيّ للصحيفة أو المطبوعة أو الموقع الإخباريّ، وتشمل المسؤوليّة القانونيّة مالك المطبوعة، ورئيس تحريرها، وكاتب المادّة الصحفيّة، وكاتب التّعليق المسيء.

 

ووِفقاً لشقير، فإنّ العقوبة في هذه الحالة لا تتضمّن التّوقيف، وإنّما تكون بغرامات قد تصل إلى 20 ألف دينار أردني، وهذا ما دفع العديد من المؤسّسات الإعلاميّة المحليّة إلى منع التعليق على مواقعها، مشيراً إلى عدم جواز التّعليق على أيّة قضيّة منظورة أمام القضاء لتهيئة الرأي العام، ويشمل ذلك المطالبة بتبرئة أو إعدام المتّهم بالقتل، وفقا لأحكام قانون انتهاك حرمة المحاكم.

 

ويُذكّر "أكيد" بضرورة الالتزام بالمعايير القانونيّة والمهنيّة عند القيام بمثل هذه التغطيات، والتي من بينها: مراعاة كرامة الإنسان، واحترام حرمة الأموات، والامتناع عن التّعليق على القضايا المنظورة أمام القضاء، بالإضافة إلى منع الأنشطة الموجهة ضدّ المجتمع والتي من بينها تأييد الجريمة والقتل.

 

كما يلفت "أكيد" نظر مستخدمي شبكات التَّواصل الاجتماعي، والمُعلّقين على أخبار وسائل الإعلام عبر صفحاتها العامة، إلى المسؤوليّة القانونيّة التي تلحق المعلِّق حسب قانون الجرائم الإلكترونيّة، وهي المسؤوليّة التي تفرِض عليهم ضرورة الانتباه إلى مضمون محتوى التعليقات التي ينشرونها، والابتعاد عن التعليقات المسيئة والجارحة، أو تلك التي تحمل في مضامينها شكلاُ من أشكال خطاب الكراهية.

أضف تعليقك