تعديلات دستورية في دورة نيابية "استثنائية" بامتياز

تعديلات دستورية في دورة نيابية "استثنائية" بامتياز
الرابط المختصر

لم يمض مساء الأربعاء حتى كان لرسالة الملك عبد الله الثاني لرئيس الوزراء عبد الله النسور حول تفعيل وزارة الدفاع، ورد الأخير بطلب إدراج تعديلين دستوريين أحدهما يتعلق بتعيين قيادات الاجهزة الأمنية من قبل الملك دون تنسيب رئيس الوزراء، حتى كان لكتاب الرأي قراءاتهم وتساؤلاتهم حول توقيت الخطوة في أعداد الصحف ليوم الخميس.

ويتساءل الكاتب محمد أبو رمان عما بين السطور وراء رسالة الملك إلى النسور حول تفعيل وظائف وزارة الدفاع سياسياً واقتصاديا ولوجستياً في الدفاع الوطني، والفصل بين المهمّات الاحترافية للجيش والأجهزة الأمنية وبين الأدوار التنموية والاقتصادية واللوجستية للوزارة، إضافة إلى ما جاء في الرسالة الجوابية من رئيس الوزراء التي تتضمن الاستئذان بمنح صلاحيات تعيين رئيس هيئة الأركان العامة ومدير دائرة المخابرات العامة للملك.

وينقل أبو رمان تحليلا لدوائر مقربة من "مطبخ القرار" التي تشير إلى أن تفعيل دور وزارة الدفاع، ومنحها صلاحيات الاهتمام بالاستثمارات والموارد المالية والمسؤولية الأدبية والسياسية عن القوات المسلّحة وشؤون المتقاعدين العسكريين، هي خطوة إصلاحية نوعية على صعيد التخلّص من إرث مرحلةٍ سابقةٍ، أشرفت فيها القوات المسلحة على أنشطة استثمارية وشركات اقتصادية، ما كان يتناقض مع الواجبات الدستورية من جهة، والمهمات السيادية لها والزجّ بها في أعمال وإدارات لا تتعلّق مباشرة بمهماتها، ولا تتسق مع أولوياتها واهتماماتها، من جهة أخرى.

ويلفت إلى أن التخطيط لهذه الخطوة بدأ منذ ثلاثة أعوام، وتنفيذها، عملياً، بالتخلّص من تلك الأدوار "غير الاحترافية" المرتبطة بالموارد والاستثمارات والشركات، مستمر منذ عام تقريبا.

أما نقل صلاحية تعيين رئيس هيئة الأركان ومدير المخابرات إلى الملك مباشرةً، عبر تعديل دستوري، بعد أن كان ذلك يتطلب إرادة ملكية، تتم عبر تنسيب من قبل رئيس الوزراء والمختصين، بينما الآن سيكون هذا الأمر، دستورياً، من صلاحيات الملك حصريّا، فتفسره الدوائر المقرية من "مطبخ القرار" بأنه تأكيد على فكرة المضي قدماً نحو "حكومة برلمانية" في الفترة المقبلة.

دورة استثنائية بامتياز:

ويتساءل أبو رمان عن سبب الاستعجال بإدراج هذه الخطوات الجوهرية الانتقالية على الدورة الاستثنائية للبرلمان، المكثّفة والمتخمة أصلاً بمشروعات القوانين، وعدم تأجيلها إلى الدورة العادية؟

الكاتب ماجد توبة، يرى أن الدورة الاستثنائية الثانية التي من المنتظر أن تنطلق يوم الأحد المقبل، لمدة قد تستمر لـ40 يوما، يتوقع أن تكون دسمة بالتشريعات التي ستدرج على جدول أعمالها، مشيرا إلى أن ما زاد من أهمية هذه االدورة ما تسرب عن التوجه لإدراج تعديلات دستورية تطال مادتين مهمتين، على جدول أعمالها.

و"التعديلان الدستوريان، يتعلقان بشمول الانتخابات البلدية وأي انتخابات أخرى، غير النيابية، بولاية الهيئة المستقلة للانتخاب؛ والآخر يتعلق بوزارة الدفاع وتعيين رئيس هيئة الأركان العامة ومدير دائرة المخابرات العامة".

وينقل توبة تصريحات مصادر حكومية حول استبعادها لإدراج بند التعديلات الدستورية على جدول "الاستثنائية"، مستندة على تساؤلها "هل يمكن أن تتمكن "الاستثنائية" بضيق وقتها، وما عليها من قوانين وبنود، من إنجاز هذين التعديلين الدستوريين؟".

ويشير إلى أن التعديل المتعلق بصلاحيات الهيئة المستقلة للانتخاب قد يبدو هو الأيسر للإنجاز، إلا أن التعديلات الخاصة بوزارة الدفاع قد تكون أعقد وأكثر تشعبا، وتحتاج لوقت أطول، قد يمتد إلى الدورة العادية المقبلة لاستكماله.

حاجات الأجهزة الأمنية:

فيما يرى الكاتب رومان حداد أن التطورات التي حملتها رسالة الملك، تعطي ملامح واضحة على السير قدماً باتجاه تغييرات عملية تطال كيفية تشكيل الحكومات، "فبتعيين مدراء ورؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية مباشرة من قبل جلالة الملك دون حاجة لتنسيب من رئيس الوزراء، وبإيجاد وزارة للدفاع على أن ترتبط مباشرة مع المقر السامي، فإن الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية تصبح بعيدة عن تجاذبات السياسة والسياسيين، بارتباطها برأس الدولة، وهو ما يعني أنها لن تكون إلا في خدمة الوطن".

كما يؤشر ذلك، بحسب حداد، إلى أن ميزانية وزارة الدفاع ستصبح في بنود عديدة قابلة لمناقشة البرلمان، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بنوداً عدة من الموازنة الخاصة بوزارة الدفاع قد تعد بنوداً سرية، وهذا الإجراء متبع في مختلف الدول حتى تلك التي تُعد من الأكثر ديمقراطية كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

"ويظهر هذا التوجه أن الأردن يتفاعل مع ما يجري في محيطه بصورة حية، فالتهديدات التي تحيط بالأردن من مختلف حدوده تحتاج إلى تطوير في آليات وأداء المؤسسات المسؤولة عن الدفاع والأمن، كي يستمر الاستقرار الذي ينعم به الأردن في محيط محترق"، وفقا لحداد.

كما يشير الكاتب عماد عبد الرحمن إلى أن الرسالة الملكية تضمنت جملة من الرسائل والمضامين التي تعزز مسيرة الإصلاح الشامل والاستقرار، ووضع لبنات جديدة في أسلوب إدارة وبناء مؤسسات الدولة، موضحا بأنها ركزت بشكل خاص على تفعيل دور وزارة الدفاع، حيث "تهيء الفرصة لتأسيس وزارة جديدة لها استقلال مالي واداري وفني".

ويلفت عبد الرحمن إلى حاجة المؤسسة العسكرية والأمنية إلى مزيد من التفرغ لمواجهة الأخطار القادمة من الحدود الشمالية للمملكة، والتي قد تتطلب توسيع مهامه القتالية لمواجهة التحديات المحدقة على حدودنا الشمالية.