تسوّل الأطفال في الأردن: الفقر وغياب الحماية وتردي التعليم أبرز العوامل

 كشفت جمعية حقوقية أنّ ارتفاع معدل الفقر في البلاد ونقص الخدمات والحماية الاجتماعية، فضلاً عن تردي جودة التعليم في السنوات الأخيرة، كلها عوامل تدفع العديد من الأسر إلى الزجّ بأطفالها إلى التسول من أجل توفير قوتها اليومي.

وجاء في الورقة المُتخصصة حول “ظاهرة تسول الأطفال في الأردن”، التي صدرت عن جمعية “تمكين” للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، أنّ ارتفاع معدل الفقر الذي قُدر بما يقارب 26%، ونقص الخدمات والحمايات الاجتماعية، دفع العديد من الأسر إلى الزج بأطفالها في ممارسة التسول وإجبارهم على ذلك لتوفير مصدر دخل أساسي أو ثانوي.

الفقر من أبرز التحدّيات

وبيّنت أنّ الفقر من أبرز التحدّيات التي يعانيها الأطفال في الأردن، إذ إنّ واحداً من بين كل خمسة أطفال يعاني من حالة فقر متعددة الأبعاد، مستندة في ذلك إلى نتائج مؤشرات الفقر في الأردن 2017 – 2018 الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة اعتماداً على مسح نفقات ودخل الأسرة، الذي أشار إلى أنّ نسبة الفقر بين الأفراد الأردنيين بلغت 15.7%، أي إنّ 1.069 مليون أردني ضمن منطقة الفقر، في حين بلغت نسبة فقر الجوع 0.12%، أي ما يعادل 7993 فردا. أما في ما يتعلق بفجوة الفقر، فقد بلغت 3.5%، في حين سجلت نسبة شدة الفقر 1.2%.

وأشارت الجمعية إلى أنّ تراجع الأجور أو انعدامها وضعف القدرات الشرائية للأفراد والأسر، وعدم توفير مظلة حماية اجتماعية شمولية لمختلف شرائح المواطنين تضمن تلبية احتياجاتهم الأساسية والبطالة، ستدفع بمزيد من الأسر للبحث عن سبل أخرى لتوفير متطلبات حياة أفرادها اليومية ومن هذه السُبل وأسهلها التسول.

تردي جودة التعليم

ووفق الورقة، فإنّ تردي جودة التعليم منذ جائحة كورونا ساهم بدفع العديد من الأطفال للتسول، خاصة أنّ العاملين فيه يجنون مبالغ مالية كبيرة وبسهولة مقارنة بالعاملين في وظائف أو أعمال ذات دخل متدن أو متوسط، مشيرة إلى أن هنالك عدداً من الأطفال المتسوّلين لا يزالون على مقاعد الدراسة النظامية إلا أنهم يذهبون للدراسة بشكل متقطع أو فقط إلى الامتحانات النهائية، ما يعرضهم لإعادة السنة الدراسية.

ودعت الجمعية الحقوقية الحكومة الأردنية إلى سنّ تعريف واضح للتسول المنظم، إلى جانب توسيع مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل المزيد من الفئات، والعمل على توفير خدمة التعليم في مراكز إيواء المتسوّلين، وتوفير مراكز إضافية في المحافظات لتسهيل ضبط وإيواء الأطفال المتسوّلين، وتغليظ العقوبات على مسخري ومشغلي الأطفال في التسوّل.

وشدّدت على أنّ اعتبار جريمة التسول المنظم من الجرائم التي يعاقب عليها قانون منع الاتجار بالبشر سيحدّ من الظاهرة، وأن القانون بعقوباته الجديدة سيمنع المسخرين الذين يقومون بتسخير أبنائهم وبناتهم ومجموعة من الأطفال والسيدات للعمل بمجال التسول في الأماكن العامة مع تقديم الحماية لهم، وتنظيم توزيعهم وجمعهم، مع التأكيد على ضرورة تعريف التسول المنظم.

انتهاكات متواصلة

وكشفت الجمعية عن تعرض أطفال متسوّلين للعديد من الانتهاكات خلال عملية التسوّل، من المارة والبيئة المحيطة، وزيادة إمكانية تعرُّضهم لحوادث السيارات بسبب التسوّل عند إشارات المرور وبين المركبات المُتحرّكة وفي الشوارع العامة، أو احتمال تعرض المتسوّل للضرب من الآخرين لإبعاده عنهم خصوصاً عند إلحاحه في طلب الصدقة، وهو ما يُشكّل خطراً على صحته الجسمية.

كما أوضحت أنّ الأطفال المتسوّلين قد يضطرون للهروب من رجال الأمن ومن أصحاب المطاعم والمتاجر التي يدخلونها لممارسة التسوّل، ما يُعرضهم لحوادث السقوط أو الدّهس، ويسهل تعرضهم للكسور، والرضوض، وضربات الشمس نتيجة التعرض المباشر لأشعة الشمس، والإصابة بالأمراض نتيجة البرد في الشتاء، كما أن هناك احتمال انتشار ظاهرة التدخين أو الإدمان لدى فئات الأطفال، وذلك بسبب اختلاطهم بفئات عمرية مختلفة.

ودعت إلى ضرورة تغليظ العقوبات على مسخري الأطفال في التسوّل كونه أحد أنواع الاتجار بالبشر، إضافة إلى رفع وعي المعلمين والطلبة في المدارس بخطورة التسرب المدرسي والتسوّل، والعمل على ضمان حقوق الطفل العامل والجهات التي يمكن للأطفال التوجه إليها لحمايتهم والتقدم بشكاوى.

أضف تعليقك