تربويون: ربط التعليم بسوق العمل يبدأ من تطوير المناهج المدرسية

الرابط المختصر

في ظل الانتشار الواسع في استخدام التكنولوجيا والتطورات بهذا المجال، قام المركز الوطني لتطوير المناهج بإدراج مواد البرمجة والذكاء الاصطناعي ضمن المنهاج المطور لمبحث المهارات الرقمية، المخصص للصفوف السابع و التاسع والحادي عشر.

تأتي هذه الخطوة، ضمن مواصلة المركز لتحديث المناهج الدراسية لمواكبة التغييرات المتسارعة، وفق خطة شاملة لتطوير كتب هذا المبحث على مراحل خلال العامين القادمين، وتهدف الخطة إلى تعزيز القدرات الرقمية للطلبة، وإعدادهم للتعامل بفاعلية مع التكنولوجيا الحديثةـ مع التركيز على تنمية مهارات التفكير النقدي والإبداعي وحل المشكلات.

وبالتزامن مع بداية كل عام دراسي جامعي، يطلق ديوان الخدمة المدنية دراسة سنوية تستعرض واقع العرض والطلب على التخصصات العلمية لحملة الشهادات الجامعية والدبلوم الشامل، تهدف هذه الدراسة إلى تزويد الطلبة وأولياء أمورهم بمؤشرات واضحة تساعدهم في اختيار التخصصات المناسبة التي تعزز فرص التوظيف.

وتشمل أبرز التخصصات الجديدة التي تتوافق مع متطلبات سوق العمل مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، الروبوتات، علم البيانات الضخمة، الأمن السيبراني، التسويق الرقمي، والمتاجر الافتراضية، إلى جانب تخصصات متقدمة في مجال الطاقة، كالهندسة المتعلقة بالطاقة المتجددة والبديلة.

 

مواكبة التطورات ضرورة

 

يؤكد الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة لـ"عمان نت" أن النظام التربوي يجب أن يستجيب لمتغيرات العصر عبر تبني مناهج قوية ومرنة قادرة على مواكبة التطورات المتسارعة في المعرفة، موضحا أن العصر الحالي يشهد تجددا مستمرا في المعلومات، مما يستدعي تكيف المناهج مع هذه المستجدات.

ويشير النوايسة إلى أن الأدوات الرقمية والتقنية أصبحت جزءا لا يتجزأ من مهارات الحياة اليومية، سواء في الأنشطة الأسرية أو التعاملات بين الأفراد، مؤكدا على أهمية بناء منظومة مهارات وقدرات لدى الطلاب تمكنهم من التوجه نحو مهن المستقبل.

ويضيف أن طبيعة المهن الحديثة والمستقبلية تختلف عن المهن التقليدية، حيث باتت تطبيقات التقنية مثل الذكاء الاصطناعي والبرمجة تشكل ركيزة أساسية، لذلك، من الضروري تحقيق مواءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، على أن تبدأ هذه المواءمة منذ تصميم المناهج المدرسية عبر تعزيز المهارات والأفكار الأساسية.

تقديرات دائرة الإحصاءات العامة تظهر أن نسبة البطالة بين حملة الشهادات الجامعية (بكالوريوس فأعلى) بلغت 25.8%، وهي أعلى من نظيراتها بين أصحاب المستويات التعليمية الأخرى، كما بينت النتائج أن 61.5% من إجمالي المتعطلين هم من حملة الثانوية العامة فأعلى، بينما بلغت نسبة من يحملون مؤهلات أقل من الثانوية 37.9%

أما على مستوى المحافظات، فقد سجلت محافظة المفرق أعلى معدل بطالة بنسبة 23.4%، في حين سجلت محافظة جرش أدنى معدل بنسبة 18.4%، بفارق خمس نقاط مئوية بينهما.

 

خطوة نحو توجيه الطلبة

 

بدأت وزارة التربية والتعليم فعليا بتطبيق نظام (PTS) من الصف التاسع، وهو خطوة نحو توجيه الطلبة نحو المسارات المهنية، أما في الصف العاشر، فيتاح للطلبة خيارات متنوعة، حيث يتم في السنة الأولى التركيز على المواد المشتركة، ثم الانتقال إلى اختيار التخصص الملائم.

رغم هذه الجهود، يرى عايش ان الوزارة تعاني من فجوة كبيرة في مجال الإرشاد والتوجيه المهني، فعدم توجيه الطلبة في سن مبكرة نحو سوق العمل يؤثر على خياراتهم المستقبلية، هناك حاجة ملحة لتعزيز الوعي المهني لدى الطلبة، بما في ذلك التعرف على تطبيقات هذه المفاهيم وأثرها العملي. 

كما يعد تأهيل الكوادر التعليمية جزءا أساسيا من نجاح العملية التعليمية، فجودة التدريب هي التي تنعكس مباشرة على الأداء، بحسب عايش الذي يوضح ان وزارة التربية والتعليم  تعمل على مشروع لبناء برامج تدريبية تركز على التطبيق العملي داخل الصفوف، وتشمل جميع الفئات التعليمية من معلمين، ومشرفين، وإداريين، وحتى الكوادر الداعمة، هذه التحولات ستساهم في تعزيز أثر التدريب على جودة التعليم والتعلم في المستقبل القريب. 

من التحديات الاضافية التي تواجه المعلمين، بحسب مديرة مركز الملكة رانيا العبدالله للدراسات التربوية والنفسية في جامعة مؤتة الدكتورة وجدان الكركي، هي مواكبة التعليم الرقمي، وتحفيز الطلاب للاستفادة من إيجابيات التطور التكنولوجي مع تجنب سلبيات العولمة.

كما تؤكد الكركي على ضرورة تشجيع التعليم التقني وإعطائه المكانة المناسبة بما يتماشى مع نظرية الذكاءات المتعددة التي تقود العالم المتقدم اليوم، إضافة إلى ذلك، تطرقت إلى التحدي المتعلق بكثافة المناهج التعليمية وكثرة المتطلبات المطلوبة من المعلمين، مما يجعل الوقت غير كاف لتغطية تلك المتطلبات بشكل كامل.

 

أطر تأليف المناهج 

 

تمر عملية تأليف المناهج في المملكة بأكثر من 10 خطوات، وتعرض على العديد من الفرق وصولا إلى يدي الطالب، بحسب  تصريحات لرئيس المجلس الاعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج  الدكتور محي الدين توق. 

في ظل التشكيك الشعبي، يؤكد توق أن جميع الملاحظات التي تكتب وترسل عبر مديرية المناهج في وزارة التربية والتعليم تؤخذ بجدية ويتم عكسها في النسخ اللاحقة للمناهج، مشددا على أن المركز على خط واحد من جميع الملاحظات النقدية والتي ترتجي الحرص على مصلحة الوطن والطالب.

يشير توق إلى أن المركز الوطني يعير اهتماما كبيرا لأي ملاحظات نقدية تأتي عبر مديرية المناهج، مؤكدا أن هدف هذه التعديلات هو خدمة مصلحة الوطن والطلاب، وبهذا يحرص المركز على تلبية تطلعات المجتمع وتجاوز أي تشكيك.

ويستند تأليف كل منهج إلى إطارين أساسيين، الإطار العام، يستمد هذا الإطار من الدستور الأردني، وقانون التربية والتعليم، ونظام المركز الوطني لتطوير المناهج. ويرتكز على القيم الدينية والوطنية والاجتماعية للمجتمع الأردني، ويتم إقراره من قبل مجلس التربية والتعليم.

أما الإطار الخاص يمثل مرجعا لكل منهاج محدد، ويبنى على الإطار العام مع التركيز على خصوصية كل موضوع، هذا الإطار يوجه المؤلفين ويعتمد كذلك من مجلس التربية والتعليم.

ويخضع تأليف كل كتاب دراسي لإشراف فرق متخصصة، تبدأ باختيار شخصية وطنية بارزة لرئاسة فريق التأليف، يكلف المركز الوطني مجموعة من المؤلفين، بالتنسيق مع رئيس الفريق، على أن يتمتعوا بالكفاءة العلمية والأخلاقية والانتماء الوطني.

يشترط في المؤلفين أن يمتلكوا خبرة تدريسية عميقة أو تجربة سابقة في التأليف التربوي، ويفضل اختيار من حصلوا على جوائز تربوية مثل جائزة الملكة رانيا للتميز التربوي، يعتمد المؤلفون في عملهم على الإطار العام والإطار الخاص لكل كتاب لضمان التماشي مع القيم والثوابت الوطنية.