تدخل الملك يعكس فشل الحكومة والبرلمان

تدخل الملك يعكس فشل الحكومة والبرلمان
الرابط المختصر

من المعروف أن نظام الحكم في الأردن برلماني ملكي. وليس صدفة أن كلمة البرلمان جاءت في مقدمة الجملة لإعطاء أهمية واعتباراً لممثلي الشعب في سير أمور الحكم في المملكة الأردنية الهاشمية. إلا أننا نكتشف كل يوم ضعف الطرف البرلماني في نظام الحكم مما ينعكس في اضطرار العاهل الأردني بالتدخل لتحسين سير الأمور في البلد. لقد أثبت الاهتمام المباشر الأخير لجلالة الملك في موضوع ارتفاع الأسعار فشلاً مدوياً للحكومة والبرلمان معاً؛ فالحكومة فشلت فشلاً ذريعاً في قراءة نص وروح رسالة تعيين حكومة الرفاعي الثانية والتي طالبت الحكومة بالدفاع عن الطبقات الوسطى والفقيرة. أما مجلس النواب السادس عشر، والذي جاء بعد فشل المجلس الخامس عشر في عكس حاجات الوطن ، فقد تسرّع في تقديم شيك مفتوح لحكومة الرفاعي بنسبة تزيد عن 92% . وعندما جاءت الحكومة برفع الأسعار وخاصة أسعار المواد النفطية وللمرة التاسعة على التوالي لم يتحرك نواب الأمة بالاحتجاج أو التنديد مما ترك الأمور بيد المواطن الأردني للدفاع بنفسه عن حقوقه بعد فقدان الأمل في وقت قصير من ممثليه في مجلس الأمة. لم نكن بحاجة إلى مظاهرات في تونس والجزائر لمعرفة ماذا يحدث عندما تفشل الحكومات وممثلو الشعب من القيام بما أقسما عليه وهو السهر على مصلحة أبناء وبنات شعبهم. كما ولم نكن بحاجة إلى اتحادات الشبابية والتجمعات العمالية المستقلة بالتحرك وإعلان نيّتهم عن التظاهر الجمعة القادمة لكي نعي ما المطلوب عمله. إن الدرس الأول الذي يجب الاستفادة منه من تجربة الأسابيع الماضية هو من أهم أسس الحكم في العالم. فالشعب هو مصدر السلطة والاهتمام بمصالح الشعوب هي أهم مكونات أي حكم سليم. ويبقى السؤال هو هل تمت الاستفادة مما جرى؟ إن مراجعة سريعة لما جرى بعد تدخل جلالة الملك تضع الشكوك في ذلك. فهذا أيمن الصفدي الناطق باسم الحكومة الأردنية يقول رداً على سؤال صحفي بعد إعلان تراجع الحكومة عن قرار رفع أسعار المواد النفطية أن لا علاقة لموضوع النية للخروج بتظاهرات يوم الجمعة القادمة بقرار حكومة الرفاعي الثانية. فإذا كان قرار الحكومة طبيعي ولا يوجد اعتراف بالخطاء فلماذا إذاً تم الإعلان عن خفض الأسعار في فترة أقل من أسبوع بعد الإعلان للمرة التاسعة عن رفعها وبعد الإعلان من العديد من مكونات المجتمع الأردني الاحتجاج عن رفع الأسعار ومعارضة حكومة الرفاعي؟ أما مجلس الأمة فحدث بلا حرج. فلم يقدم أي نائب بأي تحرك يذكر احتجاجاً على قرار الحكومة لا من تحت القبة ولا من خارجها. كما ولم يتم العمل على تنفيذ تهديدات النواب ال 111 المقدمين الثقة القياسية جداً بسحب تلك الثقة إذا ما تم تراجع الحكومة عن وعودها لممثلي الشعب. أما في ما بعد تدخل الملك وفي أول جلسة للبرلمان فإذا كنت زائراً جديداً للأردن واستمعت لما يقوله النواب لاعتقدت أن ممثلي الشعب المفترضين هم الذين حركوا البلد وهم من يستحقون الثناء لما قام به الملك. إن تطبيق مقولة أن الحكم في الأردن برلماني ملكي يتطلب من البرلمانيين الابتعاد عن أهداف جانبية والرغبات بالتوزير والاهتمام بالمهمة التي انتخبوا لها وهي التشريع ومراقبة أداء الحكومة. وجزء من المراقبة يتطلب الاهتمام المباشر بحماية الطبقات الوسطى والفقيرة وعدم إضاعة الوقت بالدفاع عن حقوق الأغنياء.

أضف تعليقك