بذكرى الربيع العربي.. أين وصلت مطالب الإصلاح بالأردن؟

الرابط المختصر

10 أعوام مرت على انطلاقة الربيع العربي الذي هبت رياحه على الأردن، حاملة مطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية، وتشكيل حكومات منتخبة، ورفع القبضة الأمنية، ومحاربة الفساد.

 

بدأ الحراك الأردني في عام 2011 متأثرا بحراكات دول عربية، رغم أن مطالب الإصلاحيين الأردنيين سبقت ذلك بسنوات، ليحط به الرحال في عام 2013 بعد أن أزهر الربيع العربي دماء في دول مجاورة للأردن، في مقدمتها سوريا التي عطّلت عجلة الربيع العربي وقسمت صفوف الحراكيين من تيارات سياسية مختلفة.



رغم قصر عمر الحراك الأردني إلا أنه أفضى لتعديل تشريعات كقوانين الأحزاب، والاجتماعات العامة، وقانون الانتخاب، وانتزاع نقابة للمعلمين -أوقفت السلطات أعمالها في 2020- ورفع سقف الحريات في حينها، إلا أن سياسيين وناشطين أردنيين  يتحدثون  عن هجمة مرتدة رسمية على كل هذه المنجزات للحرك.

التفاف على المطالب

الناطق باسم حزب جبهة العمل الإسلامي، ثابت عساف، يعتبر أن "ما تم من إصلاحات غير مرض، والتفافا على المطالب الإصلاحية، الشعب الأردني منذ زمن بعيد بقواه الحزبية، والشعبية، والوطنية، يطالب بالإصلاح المتكامل، منذ مدة طويلة، ما جرى في الربيع العربي هو ارتفاع الصوت الإصلاحي في ظل أجواء الحرية، وقدم الأردن نموذجا مختلفا عن كل النماذج في العالم، نموذجا إصلاحيا واعي ويراعي خصوصية الأردن، ووضع خارطة إصلاحية وإجماعا على قواسم مشتركة ومطالب موحدة".



وطالب الحراك الأردني، بعدد من المطالب أبرزها: الشعب مصدر السلطات، رفع القبضة الأمنية عن الحياة السياسية في البلاد، حكومة برلمانية منتخبة يكون لها الولاية العامة، محاربة الفساد ومحاسبة جميع الفاسدين، استرجاع الأموال والأملاك والمقدرات الوطنية المنهوبة، تعديلات دستورية.



وبحسب عساف فقد "تظاهر النظام في الأردن بالاستجابة لهذه الإصلاحات وشكل ما تسمى لجنة الحوار، وأجرى التعديلات الدستورية ومجموعة من القضايا الشكلية كالقبض على فاسدين، لكن تبين فيما بعد أنها محاولات التفاف وانحناء أمام عاصفة الربيع العربي، لذلك فالتعديلات الدستورية كانت عبارة عن ترقيعات زادت الأمر سوءا، لتحصل في ما بعد الردة على الربيع العربي، وسرعان ما قام النظام بالعودة عن كل تلك المظاهر، وأعاد القبضة الأمنية، والضغط على المجتمع".



واستطاع الحراك على مدار أكثر من 100 جمعة كسر حاجز الخوف لدى المواطن الأردني، وأطاح الحراك في الفترة 2011-2012 بأربع حكومات وعدد من الفاسدين من بينهم مدير المخابرات السابق محمد الذهبي.



وأوصل الحراك معارضين إلى مناصب رسمية، اعتبرها إصلاحيون "استرضاءات" لا ترقى إلى كونها إصلاحات.

 

كسر حاجز الخوف



الناطق باسم الحراك الأردني الموحد، جمال جيت، يرى أن الحراك "حقق مجموعة من الإصلاحات، لكن السلطة السياسية في الأردن تراجعت عنها من خلال تعديلات دستورية لاحقة، عادت المطالب إلى المربع الأول، وشهدنا تراجعا كبيرا على مستوى الحريات والفصل بين السلطات".



وبحسب جيت فقد "تسببت مآلات الربيع العربي في سوريا ومصر وليبيا في تراجع استجابة النظام لمطالب الإصلاح، وتسبب الأحداث في الوطن العربي بحاجز خوف لدى القواعد الشعبية في الأردن، مع ذلك فإنه في أي لحظة يمكن للشرارة أن تعود في ظل وجود الأزمة السياسية والاقتصادية، ووجود تراكم في الخبرة لدى الناس وكسر حواجز الخوف وانتقاد مستويات عديدة".



جذور الأزمة باقية

وما زالت الأسباب السياسية والاقتصادية التي حركت الشارع الأردني في 2011 ماثلة، أبرزها إفراز مجالس نواب يسيطر عليها الصوت العشائري، ورجال البزنس، إلى جانب تراجع واقع الحريات، وتحديات اقتصادية كبيرة وبطالة مرتفعة (23.9%) وجيوش من المتعطلين المحبطين، ونمو اقتصادي متواضع متأثرا بجائحة كورونا، إلى جانب ارتفاع التضخم الاقتصادي، وارتفاع الدين العام.



الكاتبة والمحللة السياسية، لميس أندوني، تقول لـ"عربي21"، إن "جذور الأزمة الاقتصادية ونهج الحكم، وتغييب الناس، وسياسات الإفقار لم تنته، فالناس لديها إحباط من نجاح الثورات المضادة، وجاءت الكورونا، وما يجري في المنطقة من تطبيع يزرع بذور غضب جديدة وحالة إحباط طويلة".



وأشارت إلى أنه "بدا وكأن هنالك استجابة رسمية للحراك في البداية، بسبب وجود تيار كامل في الوطن العربي يطالب بعدالة اجتماعية وحريات ووقف تدخل الأجهزة الأمنية، وتمثيل حقيقي للناس. في الأردن أوجد أصحاب القرار هاجسا بأن نجاح الحراك يعني أن الإسلاميين سيسيطرون على السلطة بمباركة أمريكية، خصوصا بعد التجربة المصرية".



واتبع النظام في الأردن -بحسب أندوني- خطين في التعامل مع الحراك: "الخط الأول أمني من اعتقالات محسوبة لإرسال رسائل، والخط الثاني محاولة استقطاب شباب الحراك من خلال سياسة الترغيب، وللأسف مازالت هذه السياسة مستمرة ونرى الآن مزيدا من التضييق".





إصلاحات تلبي المطالب



وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الأسبق، سميح المعايطة، يؤكد لـ"عربي21" أن "الإصلاحات التي قامت بها الدولة كانت تلبي غالبية المطالب، مثل تعديل الدستور، وإنشاء محكمة دستورية، وهيئة مستقلة للانتخابات، لكن الإصلاح عملية مستمرة لا يمكن الحديث عن نهاية لها، كما أن تفاقم الأزمة الاقتصادية صنع مشكلات جديدة وبخاصة في ظل تعامل حكومي أقل مما يجب، إضافة إلى تأثير الأزمة السورية على الاقتصاد الأردني بكل تفاصيله".



ويرى أن "ميزة الأردن مع الربيع العربي بأنه قام على الاعتراف بالحراك الشعبي بل وصفه الملك بأنه حراك مبارك، وقدم الحراك شريكا مع الدولة في التعامل مع قضايا الإصلاح، وعملت الدولة على تشكيل حكومات أقرب للشارع وشكل لجنة للحوار الوطني، وكانت خطوات الملك استباقية حين شكل لجنة لتعديل الدستور وعدلت في الدستور أكثر مما كانت عليه المطالبات، كما أنه تم إنشاء محكمة دستورية وهيئة مستقلة للانتخابات وكلها من مطالب الناس".



"الاعتراف بمطالب الناس والمبادرة بخطوات استباقية ساهم في الحفاظ على مسار معتدل للحراك إلى أن تم إجراء الانتخابات النيابية، وحتى الحركة الإسلامية التي كانت ذات شهية مفتوحة بسبب معادلتها الإقليمية فإنها في نهاية الأمر ورغم مقاطعتها للانتخابات البرلمانية فقد قامت الدولة باحتواء تحركها قبل أن تنشغل الجماعة بأمورها الداخلية، والأردن تجنب أي صدام مع حراك الناس وحرص على أن لا يكون هناك أي دم في تعاملها مع الحراك ونجحت في هذا"، بحسب المعايطة.



ويرى حراكيون في حديث لـ"عربي21" أن استجابة النظام في الأردن للإصلاحات السياسية والاقتصادية مرتبط بحراك الشارع من مد وجزر، في ظل وجود مطالب إصلاحية عالقة منذ سنوات، أبرزها إصلاح سياسي يقود لحكومات منتخبة، فهل سيشهد الأردن حراكا جديدا؟