انتهاء الهدنة في غزة وحسابات المكاسب والخسائر

انتهاء الهدنة في غزة وحسابات المكاسب والخسائر
الرابط المختصر

هدنة تنتهي، ومساع سياسية تتعرقل على الساحة المصرية لإنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد 3 أيام من التهدئة، لتعود الحالة الغزية مادة لقراءات كتاب الرأي في الصحف اليومية.

الكاتب فهد الخيطان يرى أن التفاؤل بتحول الهدنة المؤقتة في غزة إلى دائمة قد تلاشى، بعد انتهاء الهدنة وإطلاق فصائل مقاومة فلسطينية صواريخها نحو بلدات إسرائيلية، ومهاجمة طائرات الجيش الإسرائيلي لأهداف غير محددة في القطاع، مشيرا إلى توعد "كتائب القسام" باستئناف قصف إسرائيل بالصواريخ في حال لم تتوصل الوفود المفاوضة في القاهرة إلى اتفاق يلزم إسرائيل برفع الحصار عن غزة، وفتح الميناء، وتحمل المسؤولية عن إعادة إعمار القطاع.

ويبدو، بحسب الخيطان،أن المستوى العسكري في حركتي حماس والجهاد الإسلامي هو الذي يسيّر المستوى السياسي في الحركتين؛ فبينما كان الوفد الفلسطيني الموحد يفاوض في القاهرة.

ويضيف بأن معنى انتهاء الهدنة دون تجديدها هو عودة المواجهة من جديد، فـ"إسرائيل أعلنت أن لا نية لعودة قواتها البرية إلى القطاع، لكنها في المقابل مستعدة لاستئناف الغارات الجوية"، فيما تشعر كتائب المقاومة أنه بعد كل هذه التضحيات، لا يمكن العودة إلى نقطة الصفر، والخروج من المواجهة من دون تحقيق مكاسب سياسية هي في الواقع حق مشروع لشعب غزة.

ويشير الخيطان إلى أن ثمة محاذير يتعين التنبه إليها، فعلى المستوى الفلسطيني، قد لا تصمد وحدة الموقف بين الفصائل إذا لم يكن هناك توافق على المسائل التكتيكية كافة، وجدول المطالب المطروحة على طاولة المفاوضات في القاهرة، فيما ينبغي على الجانب الفلسطيني الحذر من الظهور دوليا كطرف رافض لوقف إطلاق النار.

فـ"ليس مطلوبا من فصائل المقاومة التنازل عن مطالبها المشروعة، لكن عليها أن تبني مقاربتها لهذه المطالب على نحو يجعلها مشروعة أيضا في نظر العالم، لتبقى المعادلة على ما هي عليه: كيان إرهابي محتل، ومقاومة تقاتل من أجل الحرية والاستقلال"، بحسب الخيطان.

ويلفت الكاتب موفق ملكاوي إلى أن الاحتلال الإسرائيلي بدأ منذ لحظات انتهاء الهدنة الأولى بممارسة عمله الذي يتقنه جيدا وهو القتل، إلا أن الأمر الجيد، هو تمسّك المقاومة الفلسطينية، حتى الآن، بالشروط التي رفعتها منذ البداية، ورفضها لهدنة جديدة لا تحقق لها شيئا سوى توقف الآلة الحربية.

ويشير ملكاوي إلى أن واحدا من أوجه الظلم البيّن للعالم كلّه، والعار الذي يلطخ وجه الإنسانية في زمن المدنية الحديثة المدّعاة، هو الحصار اللاإنساني المفروض على القطاع منذ سنوات طويلة.

حسابات المكاسب والخسائر:

يرى الكاتب باسم الطويسي أن القراءة الهادئة لحجم الخسائر والضحايا، مقابل المكاسب السياسية، تحتاج إلى فهم في سياق معارك التحرير والمقاومة طويلة المدى، وبغير ذلك تكون المقاومة تقود الغزيين كل عامين أو ثلاثة إلى مجزرة مجانية، يتألم العالم المتحضر عليها بضعة أيام ثم ينساها.

ويطرح الطويسي وجهتي نظر عربيا لفهم ذلك:

الأولى: وبعيدا عن الانفعال والعواطف، ترى أنه لا توجد مكاسب عسكرية مباشرة بالمعنى العملياتي لمعركة غزة. فالقدرة على إيقاع خسائر على المستوى البشري لا تتجاوز 1/ 50؛ بمعنى أن كل قتيل إسرائيلي يقابله 50 شهيدا فلسطينيا. أما بشأن الخسائر المادية، فإن حجم ما لحق من دمار بالبنى التحتية والمرافق والمصالح والاقتصاد المحلي في غزة، يقدر بنحو 70 % من البنى التحتية والمرافق الحيوية، أو ما يعادل نحو أربعة مليارات دولار، بحسب تقرير لوزارة الأشغال في غزة، مقابل 450 مليون دولار هي خسائر إسرائيل بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي، وعلى الرغم من رغبة إسرائيل المتكررة في تضخيم خسائرها الاقتصادية بشكل هائل.

الثانية: ترى أن المقاومة استطاعت إيقاع خسائر فادحة، عسكرية وبشرية ومادية ومعنوية، بالكيان الصهيوني لم تتوقعها إسرائيل؛ وحتى الخسائر التي وقعت في الجانب الفلسطيني معظمها شهداء مدنيون، بينما المقاتلون من المقاومة لم يتجاوزوا 140 شخصا، فيما كانت خسائر إسرائيل وبالمقاييس الإسرائيلية مؤلمة، وتجاوزت من قوات النخبة ما خسرته في حرب 2006، كما أنها المرة الأولى التي تصل فيها الصواريخ الفلسطينية المنطلقة من الأرض الفلسطينية إلى ثلثي المدن الإسرائيلية.

ويخلص الكاتب إلى أن المعيار الوحيد للحكم على المكاسب والخسائر في جولة قتالية مثل التي حدثت في غزة خلال الأسابيع الأخيرة، هو قدرة المقاومة المسلحة على الاستمرار في المقاومة، وتحويل هذه القدرة، سواء خسرت أم كسبت، إلى مكاسب سياسية؛ بمعنى استدامة المقاومة، فالمقاومون لا يحصون جراحهم. هذا هو منطق حروب التحرير والمقاومة عبر التاريخ.

فيما يلفت الكاتب ملكاوي إلى أن المقاومة استطاعت تعرية دولة الاحتلال، وأن تكشف عن وجهها النازي للعالم، كما استطاعت أن تبين أن القوة لا تكسر الحق، وأن المقاومة الوطنية تحت الاحتلال حق مشروع، وحلم التحرر لا يسقط أبدا، على حد تعبيره.

الحاضر بغيابه:

أما الكاتب عمر كلاب، فيستحضر ذكرى رحيل الشاعر محود درويش السادسة الذي عايش حرب غزة الأولى وكان "يبكي حبرا على ورق الخطيئة العربي".

ويتيح كلاب مساحة للشاعر الغائب الحاضرلما كتبه بعنوان "صمت من أجل غزة":

 “تحيط خاصرتها بالألغام .. وتنفجر .. لاهو موت .. ولاهوانتحار،

انه أسلوب غـزة في إعلان جدارتها بالحياة،

منذ أربع سنوات ولحم غـزة يتطاير شظايا قذائف،

لاهو سحر ولاهو أعجوبة، انه سلاح غـزة في الدفاع عن بقائها وفي استنزاف العدو،

ومنذ أربع سنوات والعدو مبتهج بأحلامه.. مفتون بمغازلة الزمن .. إلا في غـزة،

لأن غـزة بعيدة عن أقاربها ولصيقة بالأعداء .. لأن غـزة جزيرة كلماانفجرت، وهي لاتكف عن الانفجار،

خدشت وجه العدو وكسرت أحلامه وصدته عن الرضا بالزمن،

لأن الزمن في غـزة شيء آخر، ..

لأن الزمن في غـزة ليس عنصراً محايدا،

انه لايدفع الناس إلى برودة التأمل... ولكنه يدفعهم إلى الإنفجار والارتطام بالحقيقة،

الزمن هناك لايأخذ الأطفال من الطفولة إلى الشيخوخة ولكنه يجعلهم رجالاً في  أول لقاء مع العدو،

ليس الزمن في غـزة استرخاء ولكنه اقتحام الظهيرة المشتعلة،

لأن القيم فيغـزة تختلف .. تختلف .. تختلف،

القيمة الوحيدة للانسان المحتل هي مدى مقاومته للاحتلال... هذه هي المنافسة الوحيدة هناك"...