الوجود المسيحي في القدس ...محاضرة لأبو جابر في شومان

الرابط المختصر

القدس عربية، وقضيتها تخص العرب مسلمين ومسيحيين على حد سواء، هناك سياسية إسرائيلية مقصودة لتفتيت الوحدة بينهما، تلك هي مضامين المحاضرة التي ألقاها رئيس المجلس المركزي الأرثوذكسي في الأردن وفلسطين الدكتور رؤوف أبو جابر، مساء الأربعاء، في منتدى شومان الثقافي. وأستعرض في محاضرته التي حملت عنوان "الوجود المسيحي في القدس – خلال القرنين التاسع عشر والعشرين" تفاصيل معاشه في حياة المقدسيين من اختلاط المسيحيين بكافة طوائفهم، مع المسلمين، يقول "ثمة أسماء دينية منذ قدم الزمان كانت تطلق على حارات القدس، حيث لم تكن مخصصة للنصارى والأرمن، وإنما كان للحرف اليدوية والأسواق المختلطة والأمور التجارية والحرف اليدوية تسير كما يجب دون تمييز ولا يحكمها سوى إتقان الصنعة وتقديمها لمن يطلبونها".



أعداد المسيحيين في القدس لم تغب عن محاضرته، "كان هناك حوالي 4650 من المسلمين، و3350 من المسيحيين، و3000 من اليهود، هذه الأرقام ضئيلة إذا ما قورنت بإعداد السكان هذه الفترة، إلا أننا يجب أن نتذكر أن المدن كانت صغيرة نسبيا، حيث زيادة السكان واكبت مسيرة القدس، فبلغ عدد السكان في عام 1938 حوالي 30 ألف من المسلمين، و25 ألف من المسيحيين أما اليهود فبلغ وقتها 80 ألف".



الانتدابات التي مرت بها تلك المدينة العريقة كان لها جانبا هاما في المحاضرة حيث يعلق أبو جابر أن الانتداب البريطاني حاول زرع الطائفية البغيضة، لكن مجموعة من رجالات الدين تيقظوا لهذا الخطر وانخرطوا في التوعية من هذه المؤامرات التي تحاك ضد عروبتها، ومن هؤلاء الرجال، خليل السكاكيني، جورج أنطونيوس، عزت انطونيوس، أميل الغوري.



ويضيف أن السلطنة العثمانية في اسطنبول كانت تنظر بقلق إلى هذه التطورات "لا جدال بان محاولة العثمانيين الحصول على مساعدة الدول الغربية في حربها مع المصريين كانت السبب الحقيقي الكامن وراء قيام السلطان عبد المجيد في 3 تشرين الثاني 1839 بإصدار الخط الهمايوني في بداية عصر التنظيمات للإصلاح، حيث نظمت الإدارة ورتبت شؤون التجنيد الإجباري ومنعت المصادرة وأكدت المساواة بين إتباع الأديان ومنعت الغرامات والرشاوى والهدايا وسوء المعاملة والاستغلال".



وحول الصراع العربي الصهيوني، يقول الدكتور أبو جابر" عاش معنا منذ أواسط القرن التاسع عشر ولكنه أصبح خطرا ماحقا في العشرينات عندما وضحت الصورة بأنه صراع مصيري، ولذلك جند الشعب الفلسطيني جميع قواه لمقاومة هذا الهجوم ولم يتأخر رجال الدين عن المشاركة في جميع الاجتماعات والمظاهرات والمؤتمرات، وخصوصا بعد أن تولى الحاج أمين الحسيني زمام الأمور عندما انتخب مفتيا عام 1921 وقد برز من بين المسيحيين على مر السنين رجال كانوا عنوانا للشعور القومي من خلال هذا العيش المشترك الذي نعمت به مدينة القدس فهذا المطران غريغوريوس حجار الذي عرف بلقب مطران العرب ينتحي أمام الحسين بن علي عام 1924 مبايعا له بخلافة المسلمين فيقول «نحن نصارى فلسطين عرب نتمسك بأرضنا وندافع عنها فنحن سكان الأرض الاصليون وقد عشنا مع إخواننا المسلمين طيلة قرون بأمانة ومحبة ونريد أن نكمل هذه الحياة معا لنجاهد ضد المؤامرات التي تحاك على وطننا» وفي مناسبة أخرى قام رجال الدين المسيحيون العرب الأرثوذكس بعقد مؤتمر كبير مماثل لمؤتمر علماء الدين المسلمين يوم 7/8/1934 الذي أصدر فتوى واضحة تكفر كل عربي يبيع أرضا أو يتوسط لبيع ارض لحساب الصهيونيين وكان قرار الكهنة عند اختتام المؤتمر سموها فتوى مسيحية إذا شئتم "إن أي مسيحي يبيع أرضا أو يتوسط ببيعها إلى الصهيونيين خائن لدينه ووطنه ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسيحيين".



ويختم... هكذا كانت القدس والحديث عنها يطول لو سمح الوقت إلا أنني لا زلت أتذكر الأيام السعيدة التي كنا نقضيها في المدينة المقدسة قبل العام 1967، عشت في القدس بعد احتلالها فقط 24 ساعة ولم أحتمل احتلالها، وأختم بكلمات لمؤرخ القدس المرحوم عارف العارف في كتابه المطبوع عام 1960 عندما كتب "وانك لترى المسلمين والمسيحيين من أبناء هذا البلد وقد انطلقوا جميعا نحو هدف معين هو التفكير في مصير وطنهم وأمتهم وهم يسيرون في هذا المضمار على نهج واحد، أنهم متقاربون كل القرب من حيث الأخلاق والطباع ومن حيث المبادئ السياسية والاجتماعية أيضا وقد قاوموا الانتداب والوطن القومي اليهودي دون أن يتمكن المستعمرون من تفريق صفوفهم وكان شعارهم الدائم".



واحتشدت القاعة بالجمهور الذي قدم لمتابعة المحاضرة، حيث بدا رجال الدين المسيحيين من كافة الطوائف في مشهدية بدت على تلاحم الصفوف حول تلك المدينة، وقد بعض رجال القدس المسيحيين مداخلات تثني على ما قدمه المحاضر من معلومات حول مدينتهم المحتلة.



يشار إلى أن الدكتور رؤوف أبو جابر حاصل على دكتوراة في التاريخ الحديث من جامعة اكسفورد، شغل العديد من المراكز الفخرية منها رئيس المجلس المركزي الأرثوذكسي- في الأردن وفلسطين منذ عام 1992، رئيس الجمعية الأرثوذكسية منذ عام 1992، رئيس جمعية النهضة الأرثوذكسية العربية الخيرية منذ عام 1969. ويحمل عددا من الأوسمة.



له عدة مؤلفات أبرزها كتاب "رواد عبر الأردن" بالإنجليزية. إعادة نشر كتاب "خلاصة تاريخ كنيسة القدس الأرثوذكسية". الوجود المسيحي في القدس «خلال القرنين التاسع عشر والعشرين». له أكثر من خمسين بحثا ومقالة منشورة في الجرائد الأردنية والمجلات المتخصصة.

أضف تعليقك