المطلوب تشريع منع حبس المدين بعد انتهاء أمر الدفاع رقم 28

اعتصام سابق

في خضم النقاش القانوني والمالي حول امر الدفاع وقم 28 بمنع حبس المدين للديون التي تقل عن مائة الف دينار ولغاية اخر العام يجب الاهتمام للضرورة البناء على هذا القرار كي تتلائم الدولة الاردنية مع المعايير الدولية المتعلقة بعد تجريم خلافات مالية بين طرفان. لست في الحديث هنا عن أمر الدفاع لانه اصبح امرا واقعا ولكن قد تكون فائدة إذا تم الاستفادة من الفترة القادمة لتغيير أسس العلاقة المالية بين الأفراد والمؤسسات بعيدا عن فكرة حبس المدين.

إن أهم ما جاء في أمر الدفاع الأخير هو إعطاء القطاع المالي والاقتصادي فرصة لترتيب أوضاعهم وللكف عن تقديم قروض والموافقة على  ديون أو قبول شيكات بناء على توقعاتهم بأن تقوم الدولة بتجريم من يخل بشروط اتفاق مالي بين طرفان تم بدون إكراه.

لقد كانت المشكلة في الماضي أنه يصعب التوقف عن حبس المدين في الوقت الذي كان القانون متوفر عند القيام بالعملية المالية وبذلك كان يعتمد الدائن عن القانون ولم يتوفر للدائن أي بدائل فورية. والآن جاءت جائحة الكورونا وأمر الدفاع رقم 28 للسبب طارئ ولكنها خلقت فترة زمنية لحوالي عشرة أشهر لكي نخرج من الدائرة المفرغة ويبدأ الجميع اخذ احتياطات اخرى غير الاعتماد على الدولة بسجن المدين كعلاج واحد واحد لحل كل المشاكل.

توفر الدول الراقية أدوات رقمية   او credit score يستطيع التاجر وبائع السيارة وصاحب الشقة وغيرهم من معرفة الكفائة المالية لمن يرغب التعامل معهم عبر ديون او شيكات مؤجلة أو كمبيالات.  هذه المنصة يجب أن تلعب الدولة الاردنية والقطاع الخاص والقطاع المصرفي دور مباشر لتغذيته.  وفي حال توفر تلك المعلومات يستطيع الدائن أن يقرر ما اذا كانت نسبة المخاطرة مناسبة له أم غير ذلك وبناء على ذلك ياخذ قرار طوعي باعطاء القرض أم لا. وفي تلك الحالة يجب أن لا يعتمد الدائن على الدولة بحبس المدين لأن العملية تمت عن وعي وإدراك بملاءة وقدرة الجهة التي تعامل معها.

إن فكرة حبس المدين ليس فقط مخالفة للقوانين والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها الأردن بل هي تخالف المنطق حيث تزيد من تكلفة الدولة في رعاية السجناء والتي تكلف حوالي 700 دينار شهريا لكل موقوف ولكنها أيضا تستنزف خزينة الدولة وبالذات صندوق المعونة عطفا على أن وجود الشخص خلف القضبان تقلل بصورة مباشرة من قدرته او قدرتها على العمل لسداد الدين.

لقد وفر امر الدفاع 28 فرصة فريدة للدولة الاردنية بدراسة كافة السبل - عدا الحبس- لضمان حقوق الدائن. فمثلا وفر أمر الدفاع 28 بمنع السفر للدائن المتعثر. طبعا هذا المنع لا يكفي ولكنه وسيلة من الوسائل التي ستساعد الدائن في تحصيل دينه دون حبسه. كما ومن الضروري أن يتم تطوير التشريعات والتي تسمح للدائن بالتقاضي السريع للاسترجاع دينه من الأموال المنقولة وغير المنقولة للدائن كما وقد يكون هناك ضرورات أخرى مثل منع الدائن اجراء اي تعديل في ملكية أملاكه وأمواله في حالة رفع دعوى ضده لمنع محاولات التهرب من حقوق الدائن.

ان كل هذه الامور تتطلب تشريعات يقرها نواب واعيان الامة. قد يكون أمر الدفاع مدخل هام للتحفيز مجلس الامة على تعديل جذري للتشريعات الاردنية للتلائم مع المعايير الدولية والتوقف عن عملية تجريم اتفاق مالي بين طرفين قاما بذلك بحرية تامة.

 إن مبادئ الحكم السليم يتطلب من الدولة أن تخرج من معادلة مالية بين طرفان وبالمقابل تساعد أي طرف متضرر على تحصيل حقوقه دون اشتراط الحبس والتجريم وهما امران لا يتلائمان مع طبيعة المعاملات المالية.

 



 

أضف تعليقك