المطالب بالديمقراطية يجب ممارستها

الرابط المختصر

 

كشفت تجربة اللجنة الملكية تناقضا غريبا وخللا بنيويا في المجتمع الأردني من حيث التعامل مع موضوع الديمقراطية ومبدأ احترام الرأي الآخر.

 

فمنذ اليوم الأول لتشكيل لجنة متعددة الأفكار والخلفيات حاول البعض تطويع اللجنة لرأي واحد من خلال التنمر على زملائهم واتهامهم بصور غير مباشرة بأنهم أقل حبا للوطن والدين والتراث وغيرها. 

الغريب ان كل من قام بالهجوم حاول تبرير موقفه بالتشبث بالديمقراطية وأنه مؤمن بأن الشعب مصدر السلطات ولكن أعمالهم وتصرفاتهم كانت مخالفة لمبدأ الديمقراطية واحترام كافة الآراء والبحث عما هو مشترك.

 أحد مبادئ الديمقراطية مثلا هو أن نقوم ببناء أي حجة أو موقف من الحقائق والتي نحصل عليها من مصدرها ونبتعد عن تناقل المعلومات غير المؤكدة والتي تفتقد الى مرجعية صادقة. فعلى سبيل المثال لا الحصر عندما بدأت الحملة الظالمة على الزملاء عريب الرنتاوي والدكتورة وفاء أبو خضر تم استخدام معلومات لم تكن صحيحة في تأجيج النقاش بهدف إبعاد تلك الشخصيات عن اللجنة وذلك لكي يتم محاولة التفرد بالتوصيات علما أن أعضاء اللجنة تم اختيارهم بالذات لمواقفهم. فمن شارك في تلك الحملات المفبركة كان يعمل ضد البلد وضد رؤية الملك رغم تكرار تلك الأشخاص بأنهم ملكيين ويؤيدون استمرار الحكم الملكي في الأردن.

 

الامر الاخر الذي تم اختراقه هو مخالفة التوصيات التي قدمها رئيس اللجنة للأعضاء بالتهدئة وتقليل من التصريحات الصحفية علما ان هناك ناطق صحفي باسم اللجنة وهناك بعض رؤساء اللجان الذي تم السماح لهم بالخروج للإعلام لتوضيح الأمور.

 

نحن كمؤسسة إعلامية لاحظنا الاختلاف في التعامل مع هذا المطلب. فالبعض التزم به والبعض الآخر لم يلتزم وحاول استخدام الإعلام لتوضيح وجهة نظر معينة. نحن من ناحيتنا لا نمنع نشر أي رأي يصلنا من قبل صاحبه ولكن النظرة الشمولية لتصرفات البعض توضح عدم الالتزام بمبادئ الديمقراطية والتوصيات للجنة الملكية ورئيسها.

 

الديمقراطية في أساسها تعني المشاركة والاشتباك الإيجابي مع من تختلف معهم. فيبين أن البعض غاب عن بعض الجلسات وحتى سافر الى الخارج ولكن ذلك لم يؤثر على "الطخ" المستمر لبعض الآراء التي لا يوافق عليها. لا مانع اختلاف الرأي ولكن من الافضل ان يكون النقاش داخل اللجنة لا الخروج من اللجنة ونقدها ثم الاستقالة لأن رأيه ما لم يتم قبوله. 

 

فمن أهم مبادئ الديمقراطية والمشاركة في الحكم كما يقر الجميع هو قبول والتعامل مع الآراء المختلفة حيث ان السياسة هي فن الممكن ومن المستحيل أن يستطيع أي جهة الاستحواذ على الرأي دون احترام شروط اللعبة السياسية المبني على المشاركة والتفاعل من خلال الحجج مع الآخرين. وخطورة الخروج والاستقالة خاصة عند ذكر معلومات يختلف عليها الباقون فإن ذلك يعني محاولة تغيير التوصيات من الخارج بدل من العمل بجهد من الداخل.

 

يبقى القول إن على الأحزاب التي كلنا يريد أن تصبح قوية لكي تشارك في الحكم أن تمارس الديمقراطية الداخلية. الأحزاب يجب أن تهدف الى الوصول للحكم وعلى من يفشل الاستقالة وإعطاء مجال للآخرين من خلال نظام داخلي ديمقراطي يحفز المواطنين الانضمام والتصويت للحزب بدل أن يكون امين عام الحزب يمارس الديكتاتورية للبقاء في منصبه وفي نفس الوقت يقوم بالوعظ عن أهمية الديمقراطية وضرورة وجود حكومات برلمانية منتخبة؟

 

أن من تابع مع المشاركين في اللجنة الملكية أكد أن هذه المرة بالذات هنا نوايا جادة في الإصلاح فلماذا لا يتم إعطاء التجربة فرصة لإثبات ذلك بدل من الهجوم غير المبرر على لجنة ملكية تهدف إلى تغيير بعض ما يمكن تغييره.

 

ان الديمقراطية أمر متغير ومن أساسيات الديمقراطية أن يلتزم من يؤمن بها باتباعها في عمله ومواقفه وأهم تلك الأسس الالتزام بالصدقية والاشتباك بالحجج المبنية على معلومات مؤكدة وعدم استخدام الأساليب غير الديمقراطية بحجة الدفاع عن الديمقراطية.