المشهد الثقافي المقدسي في عام
استكمال للمقالة السابقة حول حصاد عام 2010 استعدادا لعام 2011 بالتحديد في مدينة القدس نتناول هذه المرة موضوع الثقافة والفنون في المدينة المقدسة من نواحي وغير المقدسة من نواحي اخرى !!
المشهد الثقافي في القدس يعكس بصورة وواضحة المشهد الثقافي العام الفلسطيني والعربي ، هذا المشهد يعانى من تشوة حقيقي، هذا التشوة ادى الى بروز مولود غير طبيعي او على الاقل مولود يحتاج الى الكثير من الرعاية! ا لعل اهم لاعب في الساحة الثقافية المقدسية هي الجهات الدولية الراعية لكل النشاطات الثقافية فلا توجد نشاطات ثقافية فلسطينية بحته من القوى الذاتية ( وان وجدت فهى محدودة للغاية ولا تكاد تذكر مقارنة بالصورة العامة ) بل يجب ان تكون مدعوما من جهة دولية ما ، وهنا يتهامس الكثيرون من الوسط الثقافي فيما بينهم ( فهم لا يسيتطعون الحديث بصوت عالى حتى لا يفقدوا الدعم ) ان الجهات الدولية ونقصد بذلك القنصليات والسفارات الاجنبية في القدس تدعم جهات معنية ومؤسسات بذاتها، بغض النظر عن قوة هذه المؤسسة او نشاطها اوحجم الشريحة التي تصل اليها، كل هذا لا يؤخذ بعين الاعتبار عند هذه الجهات الاجنبية بل ان الشعور ان هناك اجندة خاصة هي البوصلة لتمويل !!
الملاحظة الثانية هي ان هذه الجهات وبما انها الممول الرئيسي لكل النشاطات الثقافية في القدس سواء كانت فنية و مسرحية و موسيقيه او غيرها من نشاطات، تصبح هي صاحبة اليد العلى في كل ما له علاقة بالمنتوج الفني ، وهناك نجدها تفرض على المؤسسات المقدسية نوعا معينا من الانتاج الذي يظهر هذه الدولة او تلك ،
هنا قد يسال سائل اين دور وزارة الثقافة الفلسطينية والمؤسسة الرسمية الفلسطينية في هذا المشهد الثقافي الذي لا يعبر عن الثقافة المقدسية بقدر ما حول المؤسسات الى مقاول لجهات دولية ، ان دور الوزارة محدود وقد لا يشعر به الكثيرون، فميزانية وزارة الثقافة لا تساوي شئ امام موازنة الوزارات الاخرى وبالتالى فان تاثيرها في المشهد الثقافي الفلسطيني العام ضئيل للغاية، فما بالك في القدس فدورها محدود في تقديم مساعدة مالية هنا او تمويل نشاط ثقافي صغير هناك، رغم الوعود التي تقطع لجميع المؤسسات الثقافية المقدسية والتي تقدر بالملايين ولكن في النهاية تضطر الوزارة الى التراجع عن هذه الوعود تاركة المؤسسات المقدسية تواجه مصيرها المجهولة، وعادة ما يكون مصيرها الاغلاق واندثارها مع عشرات المؤسسات الثقافية التي اندثرت في الماضي نتيجة ايمانها المطلق بالوعود التي قطعتها لها الجهات الرسمية الفلسطينية منذ سبعينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا !! وهنا لا بد من التاكيد على ان هناك جهودا فردية تقوم بها بعض المؤسسات من اجل ابقاء شعلة الثقافة مشتعلة في مدينة كانت منبر الثقافة في العالم العربي، ولكن للاسف الشديد فان جهد هذه المؤسسات يذهب ادراج الرياح فهي لا تستيطع ان تصمد امام الضغوط الاسرائيلية وقلة ما في اليد ، فتضطر الى الاستسلام للوقاع الاليم ، اما الشئ الاخر فهو ان الكثير من تلك المؤسسات التي تعتيش على التمويل من القنصليات ليس لديها اي استعداد اخر زمام المبادرة في خلق شئ محلي فكم مرة سمعت مسؤول هنا وهناك يقول طالما لا يوجد تمويل لهذا العمل الفني فلن يحدث .... مما يعنى اننا نحن ايضا بايدنا نشارك في تدمير الثقافة ناهيك عن الفردية التي تتميز بها المؤسسات الثقافية بشكل خاص فالكاد تجد
ان هناك نوعا من الاتحاد بين هذا المؤسسات من اجل القدس التي هي اكبر منهم جميعا... وهي باقية ونحن وهم راحلون ....
وحديثنا مستمر