"العطارات" بين سندان التحكيم الدولي والديون الصينية 

هل سيتحمل المواطن الأردني عواقب العطارات أم ستتحمل خزينة الدولة أخطاء الحكومة!؟ 
الرابط المختصر

العجارمة: عقد الاتفاقية مع إسرائيل قلل من حاجة القائمين على قطاع الطاقة للعطارات. 

الشوبكي: الحكومة غير قادرة على تحمل أعباء خسارة العطارات بمقدار 280 مليون دولار سنوياً. 

الدرعاوي: الخلل في العطارات يكمن في الغبن الفاحش بالتعاقد. 

زوانة: اختيار حل اللجوء للتحكيم أظهر كيف تكيل الحكومة بمكيالين. 

 

"العطارات" يعتبر أول مشروع في العالم خارج جمهورية إستونيا لتوليد الكهرباء بواسطة الحرق المباشر للصخر الزيتي المملوك للقطاع الخاص، ولا سيما أنه يوطن تقنية جديدة ورائدة على مستوى العالم إذ يوفر 23 من حاجة الأردن من الغاز المستورد، وألف فرصة عمل بشكل مباشر داخل المملكة.



قال عضو لجنة الطاقة النائب فراس العجارمة إن مشروع العطارات وطني بامتياز ويخدم المصلحة العامة، إذ كانت رؤيتنا لدعم المشروع بأنه فكرة ريادية تؤمن المملكة بمصدر طاقة من الموارد الوطنية المتمثلة بالصخر الزيتي. 

وأضاف أنه في السابق قد تم الاقتراح على الحكومة بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الشركة للوصول إلى حل النقاط المختلف عليها، ولا سيما أن أبرزها سعر الكهرباء، وعدم اللجوء للتحكيم لأن العقد شريعة المتعاقدين. 

وذكر العجارمة عدة حلول التي تقلل من الخسائر منها؛ شراء المشروع بقرض من الصين بفائدة منخفضة قد تصل إلى 1‎%‎ .. حيث أن ٤٧٠ ميجا واط من كمية الكهرباء المولدة تستحق دراسة مستفيضة من قبل الموقعين عليها من الحكومة. 

ونوّه أنه لا يوجد تعديل على استراتيجية الطاقة بسبب العطارات، وأنه تم التركيز على زيادة نسبة الطاقة المتجددة في المجموع الكلي للطاقة، ولم يتم التطرق للتوسع في استغلال الصخر الزيتي. 

وأشار إلى أن عقد الاتفاقية مع اسرائيل بقيمة 15 مليار دولار قلل من حاجة القائمين على قطاع الطاقة لمشروع العطارات، لكن هذا المشروع أصبح أمر واقع لابُد من وجود حلول وسط بعيداً عن التحكيم الذي ستخسره الحكومة في قادم الأيام. 



بدوره قال الخبير النفطي المهندس عامر الشوبكي إن مشاريع الطاقة المتجددة هي البديل الوحيد للطاقة المحلية ولكنها لا زالت غير اعتمادية بسبب عدم توفر التخزين والبطاريات. 

وأكد أن أخطاء التعاقد في الأسعار المشتراة من الكهرباء عبر مشروع العطارات كانت السبب الرئيسي لتعثر هذا المشروع و اللجوء للتقاضي في المحافل الدولية. 



ولفت الشوبكي أن المملكة بحاجة للاستفادة من ثرواتنا من الصخر الزيتي، حيث أن العقد مستمر ل30 عام ومرشح ليمتد إلى 40 عام، والحكومة لا تتحمل هذه الاعباءة التي تصل إلى 280 مليون دولار سنوياً بفارق الأسعار الحقيقية عن السعر المشترى من الكهرباء عبر شركة العطارات. 

وفي التفاصيل قال إن ثمن التكلفة الاجتماعية بين خيارين؛ إما تحمل خسارة 280 مليون دينار سنوياً أو رفع أسعار الكهرباء بنسبة 17‎% مع وجود خسائر على شركة الكهرباء الوطنية، تفوق بكثير رأس مالها وخسائرها تصل إلى 5.5 مليار دولار وتعادل 15 ‎%‎ من إجمالي الدين العام. 



من جانبه قال المحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي إن الأردن يمتلك احتياطي كبير من الصخر الزيتي الذي يمكن استغلاله لتوليد الطاقة. 

وأشار إلى وجود مصادر بديلة لتوليد الطاقة مثل الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي، ولكن رغم ذلك تم توقيع مشروع العطارات لتحقيق الأمن الطاقوي والاستفادة من الصخر الزيتي المتوفر بكثرة في الأردن.

وبيّن الدرعاوي إلى أن حاجة الأردن لمشروع إنتاج الكهرباء من الصخر الزيتي يعتمد على الاحتياجات الطاقوية للأردن، وقدرة البلاد على تحمل الخسائر المترتبة على المشروع.

وحمّل الحكومة مسؤولية توقيع هذه الاتفاقية والشركات المشاركة في المشروع، حيث أن الصين تمتلك نسبة كبيرة منه، وهناك نزاع قانوني بين الطرفين بخصوصه، إذ أن الخلل في مشروع العطارات يكمن في الغبن الفاحش بالتعاقد. 



فيما قال المختص بالاقتصاد السياسي الدكتور زيان زوانة إن الأردن لم يكن موفقاً عندما لجأ للتحكيم الدولي لحل اشكالية مشروع العطارات، إذ كان على الحكومة اتخاذ مداخل سياسية تفاوضية تحقق المصالح الأردنية العليا من المشروع خاصةً أن تنفيذه تم وعلى وشك التشغيل ويحقق بين 10-15‎% من التزود الداخلي للطاقة.



ولفت أن الأردن بلد صديق للصين وحجم التجارة بيننا في تحسن مستمر، وكذلك العلاقة السياسية، وليس من مصلحتنا زعزعة هذه العلاقة، إذ يجب بذل كل الوسائل للوصول لحل يرضي الطرفين، خاصةً أن الصين ليس بالبلد الهامشي عالمياً وعلى كل المستويات. 

وأكد زوانة أن اختيار الحكومة حل اللجوء للتحكيم أظهر كيف تكيل الحكومة بمكيالين، لأنه تم الطلب منها أكثر من مراجعة اتفاقياتها مع شركات توليد الطاقة المحلية والتي تحمل الخزينة الأردنية خسائر كبيرة جداً، لكنها رفضت ذلك، علماً بأن السبب في الحالتين شديد التشابه إن لم يكن متماثلاً وهو "الضرر الجسيم" الواقع على الأردن .

وشدد أن تسليم الأردن تزويده بالماء والغاز وأي سلعة استراتيجية لأي اتفاق مع أي طرف لم يكن بمصلحته، وكيف إذا كان هذا الطرف عدو يتحدى الأردن شعباً وأرضًاً ونظاماً كل يوم!

وأختتم أنه من الواجب على الحكومة أن ترى الواقع بعين المصلحة الاردنية أولاً، وارتباط المملكة بالقضية الفلسطينية مصيرياً، ولا سيما أن الحكومة الإسرائيلية الحالية أصدق تعبير عن هذا التحدي للأردن.

ومن الجدير بالذكر أن العطارات هو مشروع وطني يرفع من مستوى المعرفة والخبرات الأردنية، إذ تم تصوره بأنه سيكون مشروع تاريخي لتزويد الأردن في الطاقة، حيث أن بناء المصنع لم يعد ضرورياً لتوليد الطاقة بسبب الاتفاقيات الأخرى التي تم التوصل إليها وبسبب ذلك يتعين على الأردن دفع ديون بمليارات الدولارات للحكومة الصينية. 

أضف تعليقك