الخطأ والصواب في موضوع مطار رامون

الرابط المختصر

يدور أحاديث وتأويلات كثيرة فيما يخص ما يسمي مجازا بمطار رامون وأثره على العلاقة بين الشعب الأردني والفلسطيني.  فقد تم تراشق الاتهامات والأقاويل غير الصحيحة في كل ما يتعلق بموضوع المطار الإسرائيلي الذي يقرب منطقة إيلات الإسرائيلية.

 فما هو الخطأ وما هو الصحيح في كل ما يتعلق بالموضوع.؟

لا بد في البداية من الاتفاق على ضرورة  وأد وإنهاء بصورة كلية اتهامات التطبيع للفلسطينيين الذي قد يستخدموا هذا المطار او غيره.  الفلسطيني تحت الاحتلال يحمل هوية وجواز سفر موافق عليه من الاحتلال وقد يكون كل أمر متعلق بحياته مرتبط بالاحتلال فمن الظلم اتهام أي فلسطيني تحت الاحتلال بالتطبيع. 

ثم إذا اعتبرنا أن استخدام مطار رامون خطأ سياسي ووطني فمن الاولى أن نعتبر كل من يستخدم أي معبر إسرائيلي بما فيهم القيادات السياسية والاقتصادية الفلسطينية كلهم مخطئين، والا فان إلصاق التهمة على الذين يختارون مطار معين دون غيرهم قمة في الظلم والتمييز ومحاباة الأغنياء والمتنفذين على حساب باقي الشعب.

وبما أن فتح مطار رامون للمسافرين من منطقتي الخليل وبيت لحم ومن ثم في المستقبل رام الله ونابلس وثم طولكرم وجنين وثم غزة تمت فانه من الصعب أن إسرائيل والتي تتعرض لضغوط أمريكية بالتخفيف ضغوط السفر عن الفلسطينيين ستتراجع عن إعطاء من يرغب هذه الفرصة.

ويبقى السؤال المهم هل مطار رامون أسهل وأوفر من مطار علياء للمواطن الفلسطيني في الضفة الغربية؟ 

الإجابة ليست سهلة، قد يقوم البعض بإجراء حسابات مباشرة لتكلفة الوصول لباب الطائرة في مطار رامون مقابل الوصول إلى باب الطائرة في عمان وقد يكون الأول أرخص، ولكن هل (وباستثناء الرحلات السياحية المباشرة أو ما يسمى charter)  يوفر  مطار رامون  رحلات مباشرة لكافة الاتجاهات؟ والجواب لا حيث لا تقوم أي من الشركات العالمية باستخدام مطار رامون.

إذا  فالمسافر مثلا الى لندن أو نيويورك أو باريس عليه أن يبدل شركات طيران وليس فقط تغيير رحلات. فالمسافر عليه أن يشتري تذكرة خاصة مثلا ل اسطنبول من شركة charter وثم عليه أو عليها شراء تذكرة أخرى لاستمرار السفر لباريس او نيويورك او اي عاصمة عالمية أخرى فالتكلفة الكلية لن تكون بالضرورة اوفر. 

السؤال الاخر الي يحتاج الى إجابة هو الخسائر المتوقعة للطيران الأردني في حال استخدام كل فلسطينيين مطار رامون؟  فغالبية من سيستخدم المطار هم من سعاة السياحة المباشرة للبلد الأول التي تصل إليها الطائرة المخصصة من ذلك المطار مثل قبرص او تركيا وضمن سعر يشمل السفر والإقامة وعلى طائرات خاصة.

يقول ميشيل نزال الخبير السياحي والعضو السابق لمجلس إدارة الملكية أن النسبة الكلية للفلسطينيين من الضفة الذين يستخدمون مطار الملكة علياء لا يتجاوزوا 5% حيث لا يزيد عددهم عن مئة ألف سنويا في حين أن المطار يستخدمه 2-3 مليون سنويا. فحتى لو انخفض العدد قليلا فلن يكون له أثر كبير. والمعروف أن من يسافر عبر مطار الملكة علياء لهم أقارب ومعارف في الاردن وتكون عملية السفر مرتبطة بالبقاء عدة ايام في الاردن.

يبقى السؤال المهم لماذا تفاجأت الأطراف العربية (فلسطينية واردنية) من موضوع المطار ولم يستطيعوا أبدا أي موقف أو رأي متكامل ومقنع.

لا شك أن الجانب الفلسطيني تحت الاحتلال وعدد كبير من القيادات الفلسطينية  ولهم رقم وطني أردني لم ولن يتجرأ ان يناقش او يبحث موضوع الجسر وهو لغاية فترة قريبة كان المعبر الوحيد المتوفر لكل فلسطيني في الضفة الغربية (ما عدا القدس). لذلك فضلوا الصمت بدلا من التعليق وإبداء الرأي بأي اتجاه. فلو اعترضوا على موضوع رامون ينتقدهم شعبهم ويتهمهم بالمراءة حيث يقوموا هم أنفسهم وعائلاتهم باستخدام مطار اللد الإسرائيلي. اما إذا ايدوا او لم يعترضوا فان ذلك سيجلب انزعاج رسمي وغير رسمي أردني. فالصمت كان الحل الوحيد الذي عكس الحقيقة المرة  مما اعتبره البعض جبن من جانب القيادة الفلسطينية.

وفي هذا المجال لا بد من التوقف على المقاربة بين الطرفين العربيين وترك المحتل الذي سبب الإشكالية الأساسية المتمثلة بالاحتلال المستمر لعقود وللتضييق على التنقل في مخالفة للمادة الثالثة عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص على حق كل فرد بالتنقل داخل بلده وبين بلدة والخارج والعودة لبلده. 

لقد شكل حصر تنقل ملايين من الفلسطيني لمعبر واحد يفتح ويغلق على هوا المحتل ويمنع المواطن الفلسطيني من استخدام سيارته الخاصة للتنقل مخالفة واضحة لذلك الحق.

طبعا لا بد من الاستفادة مما حدث لإجراء بعض النقد الذاتي بهدف تحسين الوضع وليس بهدف نشر الغسيل. فالمطلوب تغيير جذري في المكان وآلية عملية الاستقبال على المعابر الأردنية التي يصل لها الفلسطيني كان من سكان الضفة والقطاع بما في ذلك القدس. فبدلا من انتقاد حق الفلسطيني تحت الاحتلال من اختيار الطريق الأفضل والأوفر والأقل صعوبة في مجال السفر من الأراضي المحتلة إلى العالم الحر عبر الأردن. فيمكن على سبيل المثال لا الحصر للأردن بالتعاون مع المجتمع الدولي حث إسرائيل على السماح للفلسطينيين باستخدام سياراتهم في التنقل؟ هل يمكن العمل على إعادة فتح جسر دامية؟ ممكن في المرحلة الأولى على سبيل المثال تخصيص معبر دامية للمسافرين ترانزيت وتوفير حافلات مريحة تأخذهم بصورة مباشرة وبأسعار مريحة الى مطار الملكة علياء؟

كما ولا بد من إلغاء العديد من الأجزاء التي تم وضعها بهدف منع الهجرة من الأراضي المحتلة. فبعد مرورة اكثر من خمس عقود لم يتم تسجيل أي زيادة في عدد الفلسطينيين المغادرين أكثر من العائدين. فإذا لا حاجة لوضع شروط صعبة لدخول الأردن وخاصة المقدسيين حيث لها تكلفة باهظة مما يجبر العديد من العائلات المقدسية السفر عبر مطار اللد. 

وفي هذا الخصوص هل من إمكانية الاستجابة لطلب مئات الشخصيات الدينية والوطنية المقدسية التي طالبت بالسماح من قبل الأردن للمقدسيين استخدام سياراتهم الخاصة للسفر عبر جسر الشيخ حسين وهو الأمر الذي تم لعدة سنوات بعد توقيع اتفاقية وادي عربة؟

كما ولا بد من إجراء تغيير في المرافق التي يتم استقبال المسافرين في جسر الملك حسين والمناطق المحيطة بها كي يكون معبر ذات مستوى عالي. والمعروف ان قبل الازمة الأخيرة قررت الحكومة الأردنية توفير ميزانية في هذا الخصوص، ولكن الأمر أصبح يتطلب تسريع العملية والبدء الفوري في بعض التحسينات غير المكلفة يما يتعلق بالمرافق الصحية ومعالجة الفوضى التي يشكلها محيط الجسر وخاصة فيما يتعلق ببعض الجهات المحلية التي تعتبر أن لها حق مكتسب في العمل والاستفادة من ركاب الجسر خارج الأطر الرسمية التي توفرها الدولة الأردنية.

انه من الضرورة عدم تضخيم موضوع مطار رامون، ولكن في نفس الوقت يجب الاستفادة من الاهتمام والنقاش الذي صدر لإجراء ما يمكن اجرائه لتحسين الأمور وذلك يتطلب تعاون أردني فلسطيني على اعلى المستويات وبصراحة تامة وبدون أي قيود سوى ما هو الأفضل للمسافر بالاتجاهين

 كما ولا بد من إيجاد وسائل دولية للضغط على المحتل للتجاوب مع حاجة المواطن الفلسطيني للتنقل بأسرع وأفضل الطرق وبالتأكيد فإن ذلك لن يتم بالذهاب الى اقصى الجنوب بدلا من اختيار الطريق الأسهل عبر المعابر الأردنية.