الحمقى الذين يؤلفون الروايات

نحتاج لنقد جديد يتماشى مع منتجات السوشيال ميديا، لا يمكننا رفض ما تنتجه شبكات التواصل الاجتماعي بعد ان أصبحت حقيقة واقعة ومهيمنة، وبالتالي فنحن نحتاج للغة جديدة ونقد جديد ليتوازى مع لغة الشبكات الجديدة ومستخدميها، هناك ثورة في الاتصال والتواصل، وثورة في حرية التعبير، وثورة في النقد الاجتماعي، مما يوجب علينا استحداث ثورة جديدة في النقد ولغة النقد، وحتى موضوعات النقد الجديدة.
لا شيء يشبه الأمس، واليوم لا يشبه الغد، فثمة ثورات يومية تدق أزاميلها في صخور هذا اليومي والمعاش، وتشبه الى حد بعيد انطلاق صاروخ في الفضاء اللامتناهي والذي لن يعود الى الارض أبدا، وكذلك كل هذه الثورات التي تلاحقنا ولا نستطيع لها دفعا،وليست لنا القدرة على مجاراتها.
إحدى هذه الثورات الصاروخية والأزاميل التي تدق في أدمغتنا بدون أية أهداف واضحة تلك الثورة في كتابة وتأليف الروايات، حتى اصبح كل من هب ودب يكتب رواية يقرأها في العادة طرفان فقط، صاحب الرواية نفسها، ومن يشاركه حفل توقيعها المهيب الذي اصبح تنظيم تلك الاحتفالات شبيهة بحفلات الأعراس او حفلات ختان الأطفال،وبالنتيجة فنحن نعيش اليوم مرحلة امتهان أدب الرواية، وعصر تصدير السرديات الذاتية ذات المعنى السيء والمبنى المنهار على رأس كتاب الروايات من الحمقى الذين يعتقدون أنهم يصدرون لنا أدبا رفيعا، ولا يدركون حتى ولو بذائقة الأديب الغر أنهم يغتالون عقولنا وذوائقننا بقسوة حمقهم الروائي.
هذا المجتمع الذي صار غارقا حتى أذنيه بمجموعات ضخمة من الحمقى الذين ينشرون أضاميم ورقية تحت مسمى روايات، ويشاطرهم نصف جريمتهم اولئك الذين يدعون أنهم نقاد ويشاركونهم الجلوس أمام جمهور العلاقات العامة فيجعلون من المؤلف وكتابه أيقونتان تضيئان الكون، بل وربما يبالغ البعض فيجعل المحتفى به أحد ابرز القوى الكونية في الابداع والتعقل والفن الرفيع.
هنا يتم إحكام السيطرة على جمهور العلاقات العامة،وستتضاعف المصيبة إذا ما تطوع صاحب للروائي العظيم ونشر في الناس مقالات ومراجعات وربما تغطيات مصورة لحفل التوقيع المهيب، عندها فقط ربما تصبح الحماقة مسطرة لسلطة الحمقى، ويصبح فيها العقلاء هم مجانين المجتمع ومخدوعيه.
والحمقى الذين يؤلفون الروايات هذا الأوان، ويغرقون سوق الكتاب بما يسمونه أدبا، صنعوا في السنوات الماضية موجة تسونامي لكم هائل من الروايات لا تستطيع لها حصرا ولا عدا، وأنتجوا جيلا من الحمقى الذين يقرأونهم تحت مسميات شتى ، وكانت النتيجة الكثير من الحمقى الذين يؤلفون الروايات ، والكثير من الحمقى الذين يقرأونهم.

أضف تعليقك