"الحريات النيابية " من الاشتباك مع المواطنين الى التخلي عن مهماتها

الرابط المختصر

درجت لجنة الحريات العامة وحقوق المواطنين في مجلس النواب منذ المجلس الحادي عشر سنة 1989 على تخصيص يوم من ايام الأسبوع للالتقاء بالمواطنين مباشرة والاجتماع معهم والاستماع الى مشاكلهم والعمل على حلها سريعا او متابعتها مع الجهات المختصة ذات العلاقة. 

واستمرت هذه الحالة الحميدة مع كل لجان الحريات العامة في مجالس النواب التالية، إلا أنها بدأت تخف تدريجيا وتتلاشى رويدا حتى وصلت في المجلس الثامن عشر والتاسع عشر الى توقفها تماما، ولم يعد مجلس النواب يشهد مثل تلك اللقاءات والاجتماعات التي تجمع المواطنين بالنواب وتحديدا اعضاء لجنة الحريات.

في مجلس النواب الثالث عشر كنت انا وعدد محدود جدا من الزملاء الصحفيين حريصون جدا على حضور اجتماعات لجنة الحريات التي كانت تعقد صباح كل يوم اثنين في مبنى مجلس الأمة "مجلس الأعيان حاليا، لكون مجلس النواب لم يكن قد انتقل بعد الى مقر مكاتبه الحالية خلفا لوزارة الأشغال العامة ــ، وكنا نخرج بقصص عديدة لتغذية صحفنا الأسبوعية آنذاك.

ذات اجتماع للجنة الحريات التي كان يرأسها آنذاك النائب محمد الأزايدة جاءت سيدة مسنة تحمل مشكلة خاصة بابنها المقيم خارج الأردن مطالبة بتجديد جواز سفره، فطلب الأزايدة منها الانتظار خارج قاعة الاجتماعات ريثما ينتهي اجتماعه مع اخرين ثم ينظر في قضيتها لكنها أصرت وبالحاح على لقائه سريعا، مما أثار غضبه منها وهددها بأنه سيطلب من الشرطة إخراجها من المجلس.

كنت لحظتها أنا والزميل الأستاذ هاشم الخالدي وزميل آخر لا أذكره فراعنا تصرف النائب الأزايده وتوافقنا على مقاطعة اجتماعات لجنة الحريات، ووقف الاستاذ الخالدي قائلا للنائب الأزايدة "سنقاطع اجتماعات لجنة الحريات حتى تعيد المرأة وتنظر في قضيتها وتعمل على حلها.." وغادرنا قاعة الصور آنذاك.

كان للصحافة وقتها فعلها وفاعليتها وقوة تأثيرها، وحتى لا تخونني الذاكرة، فان النائب الأزايدة قام من فوره بمقالة السيدة العجوز وناقش معها مشكلتها، وفي الأسبوع التالي كان الأزايدة يخبرنا وبكل ثقة وابتشامة على شفتيه بأن قضية السيدة العجوز قد حلت تماما مع وزارة الداخلية وتم تجديد جواز سفر ابنها..

أذكر هذه الحادثة وتفاصيلها اعتمادا على الذاكرة، لكن بيت القصيد هنا هو ان مجلس النواب كان قديما كان في اشتباك شبه يومي وأسبوعي مع المواطنين وقضاياهم، كما كان للمجلس سلطة وتأثير وقوة قبل أن يفتقدها في المجالس السبق ويفوضها للسلطة التنفيذية ، ومتخليا بارادته عن قوته وكينونته الدستورية.

ربما لهذا السبب ولأسباب أخرى عديدة كانت لجنة الحريات من اهم ثلاث لجان كان النواب والكتل النيابية تتناحر على عضويتها ورئاستها الى جانب اللجنتين الاقتصادية والقانونية، قبل ان يتغير الحال وتصبح لجنة الحريات من أقل اللجان اهتماما وزحاما على عضويتها.