الإعلام الأردني إلى أين...عندما تغيب الحرية والمهنية يبقى السؤال قائما

الرابط المختصر

الإعلام الأردني إلى أين؟...ليس تساؤلا عن حال هذا الإعلام، إنما عنوان ندوة أقامها منتدى شومان الثقافي، شارك فيها مجموعة من الإعلاميين الأردنيين ورؤساء صحف وممثلين عن المؤسسات الصحافية والإعلامية، تناولت هموم ومشكلات الإعلام الأردني، وسط حضور حكومي تمثل بوزيرة الثقافة الناطق باسم الحكومة أسمى خضر. المحاضرون حاولوا أن يجيبوا عن هذا التساؤل، بلغة إنشائية منمقة، أقرب إلى لغة الحكومة بل وتتعدها، مع فارق أنها استخدمت مصطلحات إعلامية، لم تغن أو تثمن من جوع، وما زاد الطين بله، تلك المداخلات التي قدمها صحفيون وأشباههم، ابتعدت عن ما يعانيه الإعلام الأردني حقا.



حرية الإعلام...رؤية نقدية، رؤية مستقبلية

طاهر العدوان، رئيس تحرير صحيفة "العرب اليوم"، قدم ورقة أثارت اهتمام من حضر الجلسة، تطرق فيها إلى هبوط مستوى الحريات الصحفية، الناجم ليس فقط من التدخلات الحكومية، وإنما من هيئات التحرير والصحفيون والمحررون، ويقول "فالقوانين التي تم التشريع لها، بما في ذلك قانون المطبوعات، وقانون تداول المعلومات، هي بالتأكيد تشكل مناخا يرعى نسبة لا بأس بها من ممارسة الحرية الصحفية، أن رفع سقف الأخبار والتعليقات ممكن ومضمون في قانون المطبوعات، لكن ما يحدث غالبا، عدم وجود إرادة من هيئات التحرير برفع السقف، إلى جانب الخبرة بالقانون، ونقص القدرة المهنية على ممارسة ما هو مسموح به في إطار قانون المطبوعات".



وتطرق في ورقته التي حملت عنوان "واقع الصحافة والإعلام: رؤية نقدية"، إلى التدخلات الحكومية المباشرة وغير المباشرة وتكمن من خلال التأثير عبر الإعلان أو الاتصالات المباشرة مع رؤساء التحرير.



"في ظل هذا الواقع يفرض علينا حلين الأول: وضع حد للتدخل غير المباشر والمباشر في ظل قوانين المنافسة، الثاني: في حالة استمرار التدخل، على الحكومة أن تخصص ميزانيات لدعم المؤسسات الصحفية لتعويضها عن الخسارة المالية الناجمة عن تقييد حرياتها. فمن غير المعقول، أن يخضع ورق الصحف للجمارك، ومبيعاتها لضريبة المبيعات، وتعامل المؤسسات الصحفية مثل الشركات الخاصة في الجباية الضريبية في الوقت الذي توضع عليها قيود وكأنها مؤسسات حكومية". ويشير إلى أن الصحافة الأردنية لم تحقق الحد الأدنى المطلوب في تشكيل الرأي العام والتأثير على القرارات الحكومية المتعلقة بأنشطة الحكم أو شؤون المجتمع.



في حين ركزت ورقة رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، سمير مطاوع، على ضرورة تحقيق إستراتجية إعلامية تكفل تحقيق عدة أهداف منها أولا الجمهور الداخلي إلى الشعب، ثانيا المنطقة العربية، ثالثا الإقليم (تركيا..إيران..إسرائيل..)، رابعا العالم.



ويجد مطاوع في ورقته "الإعلام الأردني: رؤية مستقبلية"، أن هذه الأولويات سوف تساعد على إنجاح رسالة الاتصال في الإعلام الأردني، وتقوم على بعدين سياسي وإداري.



وتؤكد الناطق باسم الحكومة، أسمى خضر، أن للحكومة الحق في أن تعين الناطق الرسمي، "أيضا للحكومة، لكل مؤسسة حكومية مكتب صحفي وناطق إعلامي باسمها يعطي المعلومات لوسائل الإعلام بكل وضوح وشفافية، أننا كحكومة بحاجة إلى أن نسمع من الجميع فيما يتعلق بتطوير الإعلام في المملكة وذلك حتى نتمكن من معرفة أين يكمن الخلل لتصحيحه مع باقي الجهات المعنية".



واقع التلفزيون الأردني:بين المهنية وحزمة قوانين أثقلت كاهله

التلفزيون الأردني لم يكن بأحسن حال، فالمحسوبية والواسطة وسلسلة التعيينات لمئات الموظفين، مشهد يغلف التلفزيون الحكومي منذ سنوات، ويلفت سمير مطاوع في أحد مداخلاته إلى أن ألوف الموظفين يتقاضون رواتب فقط. وتلفت مساعدة المدير العام لشؤون لمتابعة والتطوير في التلفزيون الأردني، بيان التل، إلى أن التلفزيون الأردني يتمتع بقدر من الحرية، إلا أن مهنية العاملين فيه غير متواجدة، " يجب أن لا نلقي اللوم دائما على سقف الحرية، فالحرية متوفرة لدى جميع العاملين فيه، لكن مهنية العاملين فيه لا تتيح لهم استثمار تلك الحرية".



دمج أقسام، والعلاقات الشخصية بين مدراء، وتذبذب مصداقية التلفزيون عند المواطنين يرتبط بانفتاح وزير الإعلام، هذا ما تناولته بيان التل، في كلمتها الارتجالية، "موظف له علاقة شخصية مع مدير أصبح يتقلد منصبا مهما في التلفزيون، الشللية والمحسوبيات، سمة التلفزيون الأردني، إضافة إلى اعتماده على شخص وزير الإعلام".



وحول ما حدث للقناة الإنجليزية، تضيف "ثمة قرارات عشوائية أغلقت القناة الثانية، وذلك بسبب ما كانت تقوم به من مهنية وتأثير كبير على المتابعين لها، وكي لا يجعلوها تتميز عن الأولى تم إغلاقها، لكن للأسف لم تتميز الأولى بشيء بل وخسروا الثانية".



ويتفق رئيس تحرير العرب اليوم طاهر العدوان مع التل حول هامش الحرية المتاح، "هناك هامش من الحرية لا يمكن أن نستثنيه إلا أن إدارات الصحف لا تستغله بالشكل الأمثل".



ويقول مطاوع في هذا الصدد "أين التلفزيون الأردني، عندما وصفته صحيفة "الجوروزالم بوست" الإسرائيلية بأنه أخطر عليها من صواريخ جمال عبد الناصر، وأين الإذاعة الأردنية، أنا أتكلم بصفتي المهنية وليست الرسمية، أخطاء كثيرة تقع فيها المؤسسة". "من هم نجوم المحطات العربية، أليسوا أردنيون، أين عملوا، أليس في التلفزيون الأردني".



وتبين التل أن إدارة المؤسسة تقوم حاليا بإعادة الهيكلة من جديد وذلك حتى نستطيع تقديم مستوى جيد في ظل التنافس مع المحطات الأخرى.



قانونيا، تناول عميد كلية الحقوق في جامعة اليرموك، الدكتور محمد علوان، في روقته التي جاءت بعنوان "حرية الإعلام: البعد القانوني" القوانين التي تم سنها للإعلام، مثل قانون المطبوعات والنشر، وقانون حق الوصول إلى المعلومة. ويضيف "ينبغي علينا إعادة النظر في التشريعات القانونية بالدول العربية وبخاصة المتعلقة بحرية الصحافة والإعلام، وأن الرقابة على الصحف يعتبر إجراء غير قانوني".



الصحفي والمحلل الاقتصادي، الدكتور فهد الفانك، تعذر حضوره، يعلق على سقف الحريات لدى الصحف في ورقته التي وزعت بين الحضور، "تختلف ارتفاعات سقوف الحرية من صحيفة إلى أخرى، وينخفض السقف مع ارتفاع نسبة ملكية الحكومة، ممثلة بالمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي- أي ملكية الحكومة- تبلغ حدها الأقصى في الرأي والجوردن تايمز ثم الدستور. أما صحيفة العرب اليوم مستقلة من حيث الملكية ولكن لمالكيها حدودا في مجال نقد الحكومة أما الغد أيضا صحيفة مستقلة في الملكية ومازال الوقت مبكرا للحكم على توجهاتها ومدى ارتفاع سقف الحرية فيها".



ترأس الندوة رئيس المجلس الأعلى للإعلام، إبراهيم عز الدين، ويلقي كلمة من مذكرة باسم وسائل الإعلام بضرورة تضمن قانون المطبوعات الجديد ثلاثة نصوص صريحة تحظر توقيف الصحفي أثناء عملية التقاضي، بدءا من لحظة مثوله أمام المدعي العام وحتى لحظة صدور حكم بإدانته وذلك في حال صدور مثل هذا الحكم، وحصر محاكمة أي صحفي أو كاتب صحفي بموجب القوانين الناظمة للعملية الإعلامية.



ومع ذلك، سؤال الحرية ظل قائما لدى الكثيرين، فالكاتب والتربوي حسني عايش قدم مداخلة، يقول "تحدثنا عن كل شيء، عدا الحرية، وهي الشرط الضروري في استمرارية أي إعلام، فما جدوى حديثنا عن الإعلام دون حرية!".

أضف تعليقك