اتفاق على ضرورة الإصلاح واختلاف على ماهيته

اتفاق على ضرورة الإصلاح واختلاف على ماهيته
الرابط المختصر

مطالبات عديدة بتحقيق إصلاحات سياسة ملموسة على أرض الواقع؛ تتداول من قوى حزبية على اختلاف تياراتها، هذه الإصلاحات تأتي ضمن شعارات تحمل مطالبات بالملكية الدستورية، والعودة إلى دستور عام 1952 وتعديل كافة التشريعات الناظمة للحياة السياسية والعامة.

إلا أن هذه المطالبات لا تحظى بإجماع موحد من قبل القوى الحزبية؛ حيث تحتلف الأحزاب في ما بينها على ماهية الإصلاحات المطلوبة وآليات تحقيقها.

فبينما تتفق معظم أحزاب المعارضة على إحداث إصلاحات دستورية وتشريعية تختلف باقي القوى الحزبية معها على خطوة الإصلاح المطلوبة في الوقت الراهن وآليات تحقيقها؛ عضو المكتب السياسي في حزب الوحدة الشعبية عبد المجيد دنديس بين أن أحزاب المعارضة وحزب الوحدة الشعبية تتلخص مطالبهم في إحداث إصلاحات دستورية؛ تتمحور بمحكمة دستورية، والفصل الحقيقي بين السلطات، وإعادة النظر في آلية تشكيل الحكومات.

أما الإصلاحات التشريعية فبين دنديس أن المطلوب من الحكومة هو إعادة النظر في القوانين الناظمة للحياة العامة وعلى أولويتها قانون الانتخابات، والأحزب والاجتماعات العامة.

هذه الرؤية الإصلاحية من قبل أحزاب المعارضة والتي بينها دنديس أخذت بعداً آخر عند الحركة الإسلامية؛ حيث عادت المطالبات من القيادات الإخوانية بالملكية الدستورية التي يرون بها طريقاً للإصلاح المنشود؛ ويبين القيادي في الحركة الإسلامية نبيل الكوفحي أن أهم ميزة لمبادرة الملكية الدستورية هي تحمل مؤسسات الدولة الدستورية لواجباتها وخضوعها للمحاسبة السياسية والشعبية والقانونية، والنأي بالملك عن الانشغال بالتفاصيل التنفيذية، الخاضعة للخطأ والصواب.

وكانت لجنة متابعة مبادرة الملكية الدستورية قد أصدرت بياناً بينت فيه أنّ حل الوضع الاردني الراهن يكمن في إعادة صياغة العقد الاجتماعي بين الشعب ومؤسسة الحكم، من خلال إصلاحات دستورية، بحيث يكون الملك رأساً للدولة، وليس رئيساً للسلطات.

إلا أن هذه المطالبات من بعض القوى اعتبرها البعض تخطياً على الحدود الحمراء؛ حيث بين عضو حزب الجبهة الأردنية الموحدة  خليل السيد أن هذه المطالبات أصبحت غير معقولة خاصة في ظل الظروف الحالية.

وهو ما أوضحه أمين عام حزب الحياة الأردني ظاهر عمرو بإيضاح الأسباب الموجبة لرفض هذه المطالبات بقوله أن هذه المطالبات غير مفهومة للشعب الأردني، مبيناً أن هنالك خط أحمر لا يجوز تجاوزه وهو الملك؛ حيث يتفق الجميع في هذا الإطار بناءاً على ثلاثة أسباب؛ إما لمحبة، أو لمصلحة، أو لاحترام وتقدير.

اختلاف القوى الحزبية على الإطار أو النموذج الموحد لشكل الإصلاح الحقيقي أمرأعاده البعض للبنى التشريعية التي أضعفت هيكيلة الأحزاب، إلا أن الإختلافات ما بين القوى الحزبية لم تتوقف على شكل الإصلاح فقط وإنما تعدته إلى آليات تحقيقه؛ فبينما تنطلق بعض القوى الحزبية المعارضة في مسيرات احتجاجية تنظمها أسبوعياً؛ تستنكر باقي القوى هذه المسيرات وتعتبرها في غير وقتها.

هذه الانتقادات وجهت من بعض قوى حزبية؛ حيث بين الجبور رئيس أن المعارضة تقوم بالتلويح بشعارات جوفاء لم يطبق منها شيء على أرض الواقع مؤكداً على أنه تم استخدام إطار الحرية بشكل تعدى الحدود؛ مبيناً أن هذه الاحتجاجات والمسيرات تأتي في إطار إثبات وجودهم على أرض الواقع.

أما الدكتور السيد فعبر عن استيائه من الاحتجاجات والمسيرات وذلك لكون الأردن يملك خصوصية من تركيبة سكانية يجب المحافظة عليها ضمن إطار الوحدة الوطنية. وأوضح السيد أن مطالب المحتجين أصبحت غير معقولة، من المطالبة بحل المجلس إلى إعادة تشكيل حكومة جديدة.

هذه الانتقادات التي وجهت إلى المسيرات ومنظميها أمر أثار دنديس؛ فرد على تصريحات السيد والجبور بتأكيده على الاستمرار في الحراك الشعبي خاصة يوم الجمعه معتبراً أنه بدون الضغط الشعبي لن يتم الإصلاح.

كما وبين دنديس أن هذه الشعارات ليست فارغة، مؤكداً على أن برنامج المعارضة واضح وأن هذا التصريحات سوف لن تؤثر على مسيرتهم في الاحتجاجات.

إلا أن الجبور اعتبر أن هذه المسيرات أصبحت تعكر الاستقرار والأمن، خاصة في ظل الظروف الإقليمية المحيطة، وبين الجبور أن الحكومة ما زالت تحت المجهر، ولا يجب استباق الاجراءات الحكومية.

بدوره أكد دنديس على توفر إرادة التغيير، مبيناً أن المطلوب من الحكومة اتخاذ خطوات واضحة وصريحة اتجاه الإصلاح بوضع إطار زمني لتحقيق هذه الإصلاحات، كما وطالب دنديس بعض القوى بالكف عن ما أسماه "بسيمفونية الولاء".

هذا الاختلاف في توجهات الأحزاب السياسية الأردنية قد لا يبدو جديداً على أرض الواقع؛ إلا أن الجديد يأتي في تصريح بعض الأحزاب بكونها أحزاب "دكاكين"؛ وهو ما بينه أمين عام حزب الحياة عمرو حين بين أن أن الأحزاب الأردنية عبارة عن دكاكين، وأنه للوصول إلى شكل واضح للإصلاح على الحكومة أن تقوم بتغيير القوانين.

الجبور بدوره طالب الأحزاب أن تكون ديمقراطية في الداخل قبل أن تطالب بالديمقراطية؛ مطالباً الحكومة بوضع قانون يفرض آلية التجديد والانتخاب للأمناء العامين للأحزاب.

هذه الاختلافات التي لطالما واكبت تيارات الأحزاب على اختلافها في مطالباتها العديدة؛ ما زالت تشكل عائقاً أمام وضع نموذج واضح للإصلاح تتقدم به كافة القوى الحزبية في إطار رؤيتها لمتطلبات المرحلة القادمة وهو ما تطالب بها الساحة المحلية الآن.

أضف تعليقك