“تضامن” ترصد واقع نساء تنازلن عن أملاكهن

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الإنسان- معلمة متوسطة القامة وسمراء البشرة تحدثت والحزن يملئ عينيها ، لم تعرف من أين تبدأ الكلام ، من بداية زواجها الذي إستمر ثلاثون عاماً ، أم من مرارة وقسوة العيش كل هذه المدة مع رجل لم يعاملها إلا بكل أشكال العنف والإيذاء النفسي والجسدي وتحت التهديد بقتل أبنائهما الخمسة نكاية بها ، أم من المأساة التي حلت بها مؤخراً بعد أن تنازلت عن منزلها له فرماها في الشارع هي والأولاد بعد طلاق لم ترغب ولم تسعى له كل حياتها الزوجية ، لتواجه وأولادها مصير معتم مجهول وغير آمن. وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن السيدة الخمسينية والتي كان يبدو عليها تعب وشقاء مزمنين كانت قد راجعتها لإيجاد حل لمشكلتها ، إلا أن القانون لا يسعفها في هذه الحالة لأنها تنازلت عن منزلها بإرادتها الحرة ، ولم تستفد من تجربتها القاسية والمستمرة منذ فترة طويلة مع زوجها فآمنت الى زوج كان يصعب الإطمئنان اليه ، ولكنها في المقابل وضعت مصلحة الأولاد والحفاظ على أسرتها هدفاً لم يمنحها فرصة التفكير وإعادة النظر قبل إتخاذ قرار تنازل ستتحمل عواقبه مدى حياتها. لقد كرست حياتها لزوجها وأولادها وأسرتها بالعمل كمعلمة في إحدى المدارس الحكومية ، وحافظت على بيتها من خلال مساهمتها الدائمة ومساندتها لزوجها (الذي يعمل هو الأخر في إحدى المؤسسات المالية) في مصاريف المنزل وتعليم الأولاد حتى أنهوا دراستهم الجامعية ، ولم تكتفي بذلك بل أقدمت على شراء منزل متواضع لأسرتها وإلتزمت بسداد قرض سكني لمدة عشرين عاماً كان يخصم من راتبها الشهري. وفي مقابل ذلك ، إستمر الزوج في معاملتها بقسوة وعنف وشتم وإيذاء ، وتهديد بقتل الأولاد وضربهم أثناء محاولتهم الدفاع عن والدتهم ، وتعدى الأمر لطردها وأولادها من المنزل بمختلف الأوقات نهاراً وليلاً وفجراً لأكثر من مرة ، لتلجأ الى أشقائها المتزوجين وعند بعض أقاربها ، غير أنه كان يعيدها وأولادها للمنزل ليس ندماً على تصرفاته بل تهديداً بالتعرض لها ولأبنائها ، وكانت تعود حفاظاً على وحدة أسرتها وحماية لأولادها متطلعة الى أن زوجها قد تتغير تصرفاته الى الأفضل والأحسن. وبعد تقاعدها هي وزوجها ، تغيرت تصرفاته وأصبح يعاملها وأولادها بلطف لم تشهده طوال ثلاثون عاماً مضت ، وأغدق بحنانه عليها ، وأعاد لها الأمل بأن حياة سعيدة مستقرة قد تلوح في الأفق ، وأن صبرها وتحملها كل السنوات الماضية قد بدأ يأتي بثماره ، فتناقشا في وسائل تحسين أوضاعهما المادية من أجل الإستمرار في تعليم الأولاد ، وإقترح عليها شراء شاحنة لزيادة دخل الأسرة ، لكن العقبة أن المنزل بإسمها ، لذا أراد منها التنازل له عن المنزل لكي يتمكن من رهنه للبنك وشراء الشاحنة. وفي ظل الأجواء الهادئة والحياة المستقرة التي رسمها الزوج (والتي تبين فيما بعد بأنها خطة ماكرة) وافقت الزوجة على التنازل عن منزلها لصالح زوجها على أساس أن لا فرق بينهما ، وإشترى الشاحنة كما هو مخطط. وتضيف "تضامن" بأنه وبعد تنازل الزوجة عن أملاكها عاد الزوج ليعاملها كما كان في السابق ، لا بل تجاوز ذلك فأصبح أكثر عنفاً وإيذاءاً ، الى أن كافئها بالطلاق وإخراجها من منزلها هي وأولادها ، المنزل الذي قضت سنوات في سداد قرضه ، وقضت عمرها في سبيل المحافظة على تماسكة حماية لأسرتها وحماية لأولادها. وتشير "تضامن" الى أن معاناة هذه السيدة تتكرر لدى الكثير من الزوجات ، حيث يتنشر العنف الأسري على نطاق واسع ، وتنازل النساء عن أملاكهن قد يحول حياتهن الى جحيم ويعرضهن لمخاطر نفسية وإجتماعية وإقتصادية لا يمكن تفاديها. وفي الوقت الذي تطالب فيه "تضامن" بزيادة الجهود المبذولة لتمكين النساء إقتصادياً من خلال العمل والمشاركة في التنمية المستدامة ، الى أنها تؤكد على أهمية زيادة وعي النساء بحقوقهن وبضرورة المحافظة على المقومات الإقتصادية التي تعبر عن إستقلالهن المادي وتحفظ لهن فرص حياة كريمة وشيخوخة آمنة مستقرة وخالية من جميع أنواع العنف والإستغلال ، ويكن قادرات على مواجهة أصعب الظروف.