في مقابلة خاصة..حكمت: لا يوجد ما يمنع تعديل قانون المحكمة الدستورية
-وثائقيات حقوق الإنسان – حمزة السعود
- للمواطن حق المثول امام قاضٍ مدني
- نتوقع أعداد جيدة من القضايا في الفترة المقبلة
- لا يوجد ما يمنع تعديل قانون المحكمة لتسهيل وصولالمواطن إليها
- باشرنا العمل وقد يكون قصر العدل القديم في شارع السلط مقراً للمحكمة
أكد رئيس المحكمة الدستورية طاهر حكمت في مقابلة خاصة أجراها مع راديو البلد وموقع عمان نت أن المحكمة باشرت عملها وبانتظار تلقي الطلبات والطعون من الجهات المعنية، متوقعا أن تستقبل المحكمة عددا لا بأس به من الطلبات في الفترة القادمة.
وأضاف أول رئيس لأول محكمة دستورية في الاردن أن هنالك ميل لدى المحكمة باتخاذ قصر العدل القديم على طريق السلط مقراً دائما للمحكمة لما له من أهمية قضائية ودستورية في ذاكرة الاردنيين.
وشدد حكمت على أحقية المواطن بالمثول أمام قاض مدني وليس عسكري إلا في الحالات المنصوص عليها في الدستور، متوقعا قدوم طلبات للمحكمة بخصوص دستورية قانون محكمة أمن الدولة.
وفيما يلي نص المقابلة كاملا:
1- كيف للمحكمة الدستورية أن تكون مستقلة وأعضاؤها يعينون من الملك بتنسيب من الحكومة؟
لا شك باستقلالية المحكمة الدستورية، ولا يضير استقلالية المحكمة أن يعين أعضاؤها من الملك وهو رأس السلطات الثلاث. لا بد من مرتكز واضح للتعيين له علاقة بالسلطات المعنية ولا يوجد أفضل من أن يقوم الملك بهذه المهمة وليس الحكومة في ظل البنى الدستورية القائمة حالياً.
2- كيف للمحكمة الدستورية أن تخدم المواطنين في ظل صعوبة الوصول إليها؛ إذ ان الطعن المباشر محصور بثلاث جهات وهي (الحكومة، النواب والاعيان)، في حين أن الطعن غير المباشر في دستورية أي قانون يشترط أن يكون هنالك متضرر أمام المحكمة وإذا اقتنعت تلك المحكمة تحيل الطعن إلى محكمة التمييز وإذا اقتنعت التمييز تحيل الطعن إلى المحكمة الدستورية؟
البعض ممن يثيرون ضجة حول هذا الموضوع غير مطلعين على ما يحدث في العالم بخصوص هذه المسألة، فمن النادر أن تجد محكمة في العالم تسمح للمواطن العادي باللجوء إلى المحكمة الدستورية مباشرة. إذن لا بد من تنظيم هذا الموضوع وإلا ستكون المحكمة الدستورية في الأردن أمام آلاف الدعاوى؛ وخصوصا أن البعض ما زال لا يدرك عمل المحكمة الدستورية وسيلجأون إليها في أي قضية أو احتجاج على الجهات الرسمية. كما أن جميع كتب الفقه الدستوري مستقرة على أن لا تترك للمواطن العادي حق اللجوء المباشر إلى المحكمة الدستورية ويجب أن تمر بمرحلة التأكد من جدية الدعوى.
3- لماذا لا يسمح لعشرة نواب على سبيل المثال بالطعن امام المحكمة الدستورية بدلا من شرط غالبية أعضاء مجلس النواب، ولماذا لا يسمح كذلك للأحزاب بحق الطعن المباشر؟
من الممكن السماح للأحزاب باللجوء المباشر للمحكمة الدستورية لو كانت تتمتع بالجدية الكافية، ولكن سنكون أمام عدد كبير من الاحزاب ومنها غير الجدي وبالتالي أمام المئات من الطعون. الأحزاب تعامل كالمواطن وبإمكانها الطعن بالطريقة غير المباشرة إذا كانت متضررة.
4- إذا ما أراد أحد ما الطعن في دستورية قانون محكمة أمن الدولة، هل يستطيع التوجه إلى القضاء العادي، وإذا اقتنعت المحكمة تحال الدعوى إلى محكمة التمييز ومن ثم إلى المحكمة الدستورية؟
لا يستطيع أحد التوجه إلى القضاء بدعوى عدم دستورية قانون ما، إلا إذا كان متضررا من القانون وماثلا امام المحكمة، فيقوم موكله بالدفع بعدم دستورية القانون او النظام.
أما بخصوص محكمة أمن الدولة، فقد تم تعديل الدستور لإعادة الحق للمواطن ليمثل أمام قاضي طبيعي ومدني بالضرورة، وأي تشريع يخالف ذلك يجب أن يكون مبررا دستورياً. والدستور حصر المثول أمام محكمة خاصة بحالات ضيقة تتعلق بالمخدرات وتزييف العملة والخيانة العظمى.
5- ولكن الحكومة قامت مؤخرا بتعديل قانون محكمة امن الدولة لتنشأ هيئات مكونة من قضاة مدنيين داخل المحكمة، وبالتالي سيبقى المواطنون يمثلون أمام أمن الدولة ولكن امام قضاة مدنيين ليكون ذلك منسجما مع التعديل الدستوري الذي يشترط محاكمة المدنيين امام قضاة مدنيين؟
بدأ المحامون بالدفع أمام القضاء بهذا الموضوع وسيتحول إلينا بالنتيجة ليصار إلى فحصه ومن ثم ستدلي المحكمة الدستورية برأيها.
6- ما رأيك برفض بعض الفقهاء الدستوريين لإنشاء المحكمة الدستورية في هذه الآونة لعدة اسباب منها أن المحكمة ستسحب صلاحية القضاة العاديين بالامتناع عن تطبيق أي تشريع يرون أنه مخالف للدستور؟
للأسف أن البعض يقف ضد إنشاء المحكمة الدستورية بحجة أن المحكمة سحبت صلاحية القضاة العاديين. إلا أن قرار قاضي الدعوى بالامتناع عن تطبيق قانون لمخالفته الدستور من عدمه قابل للطعن أمام محكمة التمييز وبالتالي نحن أمام نفس العملية.
7- ما هي إمكانية تعديل قانون المحكمة الدستورية؟
لا يوجد ما يمنع تعديل قانون المحكمة الدستورية إذا ما وجدت إشكاليات عند التطبيق، كما من الممكن تعديل طريقة الطعن غير المباشر للتسهيل على المواطنين اللجوء إلى المحكمة الدستورية إذا ثبت على أرض الواقع أنه لا يوجد لدى المحكمة الكثير من الطلبات والطعون للنظر فيها.
8- كيف تعلق على انتقادات البعض على ما أسموه الصلاحيات المحدودة للمحكمة الدستورية وخصوصا أنها لا تستطيع التصدي بنفسها لتفسير الدستور أو الرقابة على دستورية القوانين، وإنما يجب أن يطلب منها ذلك؟
هنا تكمن فلسفة المحاكم الدستورية بالتدخل وقت الحاجة، فإذا كان المواطنون في حالة رضى لا داع لتدخل المحكمة. ولا يوجد محكمة في العالم تتحرك من تلقاء نفسها سوى “مجلس الدولة” في فرنسا الذي يفرض رقابة دستورية مسبقة على القوانين المهمة.
9- متى تباشر المحكمة عملها وأين سيحدد مقرها الدائم؟
المحكمة باشرت عملها منذ نفاذ قانونها يوم الاحد الماضي، ولو وجدت طلبات لاستقبلناها، ولكننا نتوقع أن نستقبل أعداد جيدة من الطلبات في الفترة القليلة القادمة وخصوصا أن المواطنين في حالة شوق للتقاضي بحثا عن إنصافهم ولذلك وجدت المحكمة.
وبخصوص المكان، بدأ يتكون رأي لدى المحكمة بان أفضل مقر لها قد يكون قصر العدل القديم الواقع في شارع السلط لأنه يمثل معلما تاريخياً وجزءً من الحياة الدستورية والقضائية في ذاكرة الناس، ولكن القصر بحاجة إلى ترميم وإعادة تأهيل. أما في المرحلة الحالية فقد نضطر إلى استخدام مقرات مؤقتة لحين اتخاذ قرار نهائي حول مقر المحكمة الدائم.
10- هنالك عدم قناعة لدى العديد من المختصين وفقهاء الدستور بدور المحكمة الدستورية بشكلها الحالي، كيف من الممكن إثبات دور المحكمة؟
نحترم كل الآراء التي وردت من المهتمين بهذا الموضوع وهنالك اجتهادات مهمة وجديرة بأخذها بعين الاعتبار، ولكن يجب أن نسلم أن إنشاء المحكمة أصبح ضرورة وطنية. كما أن المحكمة الدستورية تشكل قناة إضافية لتحقيق مزيد من العدالة وسيادة القانون بأجلى صورة ممكنة وباقل كلفة إنسانية ممكنة. ولا شك ان للمحكمة دور سياسي يتمثل بتنظيم العلاقة بين السلطات الثلاث وعدم تغول واحدة على الأخرى.
نحن أمام تجربة جديدة يجب علينا أن نحيطها بكل أسباب النجاح ونمنع التراكمات، وربما يوجد تأخير في وصول طلب المواطن العادي إلى المحكمة الدستورية ، ولكنه تأخير تقتضيه ضرورة فحص جدية الطلب.