تضامن النساء: لجان الحقيقة ضمانة لحق النساء الضحايا

الرابط المختصر

وثائقيات حقوق الانسان بتاريخ 21/12/2010 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها رقم (65/196) يوم 24 آذار / مارس من كل عام يوماً دولياً للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولإحترام كرامة الضحايا. وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن إختيار هذا اليوم جاء كونه يوم إغتيال المونسنيور أوسكار أرنولفو روميرو من السلفادور بإطلاق سفاح النار عليه أمام كنيسة بتاريخ 24/3/1980 ، وإعترافاً من المنظمة الدولية بالعمل الهام والقيم الذي اضطلع بها في حماية الأرواح وتعزيز كرامة الإنسان ومعارضته لجميع أشكال العنف ودعواته المستمرة للحوار وتجنب المواجهة المسلحة. وشارك المونسيور في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في بلده وحظي عمله بإعتراف دولي لما كتبه من رسائل إستنكر فيها حقوق الإنسان التي تتعرض لها أشد فئات السكان ضعفاً ومن بينها النساء والأطفال. وفي إطار التوعية الدولية ، أطلق المركز الدولي للعدالة الإنتقالية حملته تحت شعار "الحقيقة أساس العدالة" ، وأصدر كتيب "البحث عن الحقيقة : إنشاء لجنة حقيقة فعالة". وقال إدورادو غونزالس ، مدير برنامج الحقيقة والذاكرة وأحد مؤلفي الإصدار الجديد : "ليس من السهل تأسيس لجنة حقيقة، إذ أن فاعليتها تعتمد على عدد كبير من التوازنات الدقيقة. ولكن إذا تم توفير الظروف الملائمة، فهي تمثل عملية مهمة ينبغي على المجتمعات القيام بها. وعادة ما يكون الكشف عن الحقيقة هو الخطوة الأولى في إصلاح المجتمع وتحوّله." وتضيف "تضامن" بأنه ولغاية تاريخة تم إستحداث (40) لجنة حقيقة رسمية في جميع دول العالم وعدد من لجان الحقيقة المبتكرة من قبل مؤسسات المجتمع المدني ، ونظراً لأهميتها فقد أشار المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار الى أنه : "عادةً ما يُحرَم ضحايا الفظائع الشنيعة، مثل الإبادة الجماعية أو التعذيب المنهجي أو الإخفاء القسري أو القمع من قبل الدولة، من الحق بمعرفة الحقيقة بشأن ما حدث لهم ولأحبائهم ولبلدهم. إن الكشف عن الحقيقة هو تأكيد لمكانة الضحايا بوصفهم أصحابَ حقوقٍ وأعضاءَ في المجتمع." إن الإعتداءات الجنسية على النساء كالإغتصاب والتحرشات أثناء النزاعات وفي المجتمعات الإنتقالية تشكل أشد الإنتهاكات إيلاماً من الناحيتين الجسدية والنفسية ، وتعرض النساء و / أو أحد أفرد أسرهن أو أكثر الى التعذيب والإختفاء القسري والقتل ، تشكل جميعها جرائم تتطلب الكشف السريع عن سبب إرتكابها والظروف التي أدت الى إرتكابها ومعاقبة الفاعلين لضمان عدم تكرار هذه الإنتهاكات مستقبلاً. فمن حق الضحايا / الناجيات من الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني الحصول على تعويض فعال ، ويشمل ذلك حقهن في معرفة الحقيقة حول الإنتهاكات التي عانين منها والأسباب التي أدت الى إرتكابها ومعرفة مصير ومكان وجود المختفيات والمختفين قسراً والتعرف على مرتكبي الإنتهاكات. كما أن المعرفة الدقيقة للإنتهاكات قد تمنع تكرارها ، ويمكنها من شفاء آلام النساء بعد تلك الإنتهاكات ، وقد يستعدن كرامتهن الشخصية ، وحمايتهن من سياسة الإفلات من العقاب والإنكار. وتضيف "تضامن" بأن تشكيل لجان حقيقة سواء أكانت رسمية غير قضائية أو غير رسمية تشرف عليها مؤسسات المجتمع المدني خاصة الهيئات والمنظمات النسائية ، من شأنها المساهمة في الملاحقة القضائية وجبر الضرر وكسر حاجز الصمت الذي غالباً ما تصطدم فيه النساء ، وذلك من خلال تقديم توصيات ونتائج عملها ، والتي قد تضطر معها الحكومات والدول الإستجابة لمطالب الضحايا / الناجيات في معرفة الحقيقة ومعاقبة مرتكبيها. تشكل لجان الحقيقة في ظل التغييرات والتحولات السياسية وبعد الثورات ولفترة زمنية محددة بهدف الوقوف على أسباب ونتائج الإنتهاكات الجسيمة السابقة بحق النساء ، والإنتهاكات المستمرة ، وذلك بالإستماع لشهادات الضحايا / الناجيات. ويمكن لهذه اللجان أن تكون أكثر فعالية إذا ما تم إدماجها في إستراتيجية شاملة للعدالة الإنتقالية تشمل سياسات متعلقة بجبر الضرر والملاحقة القضائية وإصلاح المؤسسات. ويشير الكتيب الى ثلاثة أهداف رئيسية لتشكيل لجان الحقيقة ، أولها تكريس الوقائع حول أحداث العنف التي تبقى محل نزاع أو رفض ، وثانيها حماية الضحايا / الناجيات والإعتراف بهن وتمكينهن ، وثالثها الإعلام وتشجيع التغيير في سلوك المجموعات والمؤسسات والمساهمة في التحول الإجتماعي والسياسي. وفي كثير من الأحيان ، وفي ظل غياب الإرادة السياسية أو القدرة على إجراء تحقيقات فعالة ، تعمل مؤسسات المجتمع المدني على إنشاء لجان حقيقة لا تكون لها صلاحيات الوصول الى المعلومات والأرقام الرسمية ، ولا الموارد المالية والإدارية واللوجستية الكافية ، إلا أنه يمكنها من خلال توثيق الإنتهاكات وشهادات الضحايا / الناجيات الضغط على الحكومات والدول لإجراء تحقيقات رسمية وإتخاذ قرارات قضائية من شأنها إنصاف الضحايا / الناجيات وعائلاتهن. وتتمتع لجان الحقيقة بعدد من الخصائص والمواصفات الأساسية ، فهي تتكامل مع العدالة الجنائية ، وتركز على الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وحقوق النساء ، وتغطي فترات طويلة قد تمتد الى عقود من الإنتهاكات ، وقد تجمع عدداً كبيراً من الشهادات وكماً هائلاً من المعلومات ، وتركز في عملها على الضحايا / الناجيات كمصدر أولي وهام للحصول على المعلومات. وتضيف "تضامن" بأن على لجان الحقيقة التمتع بالمصداقية في أعمالها ، وعلى دعم كافة الأطراف المعنية ، وكسب إحترام المجتمعات ، ومراقبة تطبيق مدوناتها الأخلاقية أثناء القيام بعملها ، والمحافظة على سرية المعلومات المتعلقة بالضحايا / الناجيات ، وحماية الشهود.