هربت من حرب دارفور لتبيع الملابس في سقف السيل
-وثائقيات حقوق الإنسان- محمد شما
نزاع دارفور المسلح، ما يزال مستمرا في هذا الإقليم الملتهب غربي السودان منذ العام 2003 على خلفية أحداث عرقية وقبلية أحرقت الأخضر واليابس.
ومنذ ذلك العام والهجرات متتالية لسكانه الذين انتشروا في كافة أنحاء العالم لجوء ونزوحا وتشريدا، آملين عودة السلم والأمن الذي لم يتحقق حتى اللحظة.
قد يكون ذلك خبرا تناقلته وسائل إعلام لكنه بالحقيقة خلاصة ما سردته تلك الخمسينية الدرفورية "خديجة أدريس" الملقبة بأم حسن التي قابلتها في شارع سقف السيل ظهرا. كانت تحمل مظلة حمراء تحمي سمرتها من لهيب الشمس وتقاومها نصرة لأي مشتري لملابس رثة عرضتها على أحد الأرصفة لتجمع قوتها اليومي.
أتت إلى الأردن في العام 2010 هربا من العنف هناك وبحثا عن ملجئ يحميها وابنها المريض بالقصور الكلوي، “لا أملك شيء ولا أريد شيء سوى حياتي وحياة ابني الذي معي".
لدى خديجة ٥ أبناء إلى جانب ابنها المريض، جميعهم يقيمون بمنطقة شمالية محاذية لإقليم دارفور أحدهم لا تعلم عنه شيء وهو ما يزيد من همومها.
قصة اللجوء لم تبدأ بعد لكونها تنتظر رد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بعد تقديمها طلبا لهم قبل عامين وتنتظر دورها، "أي دولة تقبل بي لأكون لديها لاجئة أتمتع بحقوقي وأعيش كالآخرين، هذا ما أريده فقط".
عن العودة إلى درافور تستبعد خديجة ذلك على الأقل في المنظور القريب "الحرب دمرتنا، وازدادت خرابا".
ترابط خديجة في بسطتها منذ ساعات الصباح الأولى أملا بأي مشتر للملابس الرثة، ولا تملك في حديثها سوى دعوات المساعدة وانتظار الأمل في الأيام القادمة.
“قدومي إلى الأردن لم يكن محددا هكذا دون أي سبب، ربي ساعدني لأكون هنا"، تقول خديجة وتتمنى السلام لبلدها السودان ولإقليم دارفور على وجه الخصوص.
قصة خديجة قد تتشابه مع قصص العديد من السودانيين الذين مروا عبر الأردن إلى العالم، بحثا عن السلام الذي فقد في بلادهم.
قد لا نملك أرقاما موثقة لتعداد اللاجئين السودانيين في الأردن، فالمفوضية تملك بضعة مئات من الوثائق لمتقدمين لها، في وقت تملك وزارة العمل أرقاما لمن يعملون بشكل نظامي داخل أراضي المملكة والذي وصل عددهم إلى 358 عاملا وعاملة.
في وقت، تعمل منظمة الهجرة الدولية على ترحيل العائدين السودانيين من عدة دول عبر الأردن إلى الخرطوم. فيما تتحدث المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عن توالي الهجرات من معظم مناطق إقليم دارفور إلى الدول المحاذية للسودان.
لا تفكر خديجة في المنظور القريب ترك الأردن لتجد في بسطة الملابس الرثة أمانا وسلاما لا شيء آخر.