مكفوفون يحلمون بحساب بنكي

الرابط المختصر

-وثائقيات حقوق الإنسان- غدير الجلاد
“لا اذهب إلى البنك لسحب راتبي” و” ليس من الضروري أن أحمل في حقيبة يدي أو محفظتي بطاقة صراف آلي لاستخدامها في حالات الطوارئ “، راتبي الشهري يصلني عن طريق أحد أفراد عائلتي وقد لا يصلني أبداً.

هذا واقع ذو الاعاقات البصرية مع المعاملات البنكية في ظل القوانين الحالية التي لا تسمح لهم بفتح حساب بنكي.

البنوك الثلاثة التي حاولت فتح حساب فيها كان ردها موحداً : ” لضمان اجراءات الأمان ولأنكِ لا تستطيعين قراءة الموافقة على فتح الحساب وبالتالي ستوقعين على ما لم تقرئيه ، وعليه لو رغبتي بفتح حساب فمن الممكن ان يكون باسم والدكِ او والدتكِ او أي شخص محل ثقتكِ”.

ولامتصاص الصدمة التي عبرت عنها، تعاطف معي موظف البنك ليقوم بفتح حساب لي باستخدام البصمة، لكنه تعاطف لا يمنحني كامل حقي في المعاملات البنكية.

اصبحت امتلك حساباً بنكياً باسمي بواسطة البصمة بعد ان عرفي عن هويتي شخصيين ، لكن ما ازال محرومة من حقي في امتلاك بطاقة صراف آلي و حقي في الحصول على قرض، اضافة الى حرماني من إدارة الحساب عن طريق الانترنت.

الاجراءات المعقدة والتي تجيز للبنك فتح حساب لغير صاحب المال، تطرح سؤال : كيف يضمن لي البنك الحق في اموالي الخاصة ؟ وهل يحق لي المطالبة بالمال في حال تعرضي في أسوء الظروف لاحتيال أو سرقة من قبل وكيلي مثلاً؟

تساؤلات طرحت من قبل الكثيرين من ذوي الاعاقات البصرية الذين وقف البنك أمام ضمان خصوصيتهم والاعتراف بحقهم في المساواة، بعد ان اغفل قدرتهم العقلية التي تتيح لهم التصرف باستقلالية وفرض عليهم الوصاية بطريقة أو بأخرى.

رندة أحد السيدات الكفيفات تروي تجربة واقعية أُجبِرت فيها على التنقل من بنك لآخر بسبب امتناع عدد من البنوك عن فتح حساب جارٍ لها، تقول ” تمكنت من فتح حساب بنكي بالواسطة ، لكن عندما حاولت أخذ قرض لم أستطع بحجه عدم قدرتي أقرأ أوراق المعاملة”، تطالب رندة لإعطاء خصوصية لها من خلال طباعة المعاملة بطريقة بريل.

حسن ليس افضل حالا، حيث اضطر لتسليم هويته للبنك بناء على طلبهم، يقول ” طلبوا مني تسليم هويتي لأخذ موافقة من إدارة البنك على فتح الحساب، أخبروني بأنهم بحاجة للرد في وقت لاحق لأنهم لا يقوموا بفتح حساب للمكفوفين إلا عن طريق البصمة وبموافقة من الإدارة”.

يعبر عن امتعاضه من حالة التفرقة التي يعاني منها في معاملاته البنكية، مطالبا بإيجاد حلول تراعي خصوصيته وقدراته العقلية.

لا تقتصر مشكلة المكفوفين على المعاملات البنكية ، بل تمتد لتشمل كافة المعاملات الرسمية التي يحتاجونها.

المدافع عن قضايا المكفوفين الدكتور مهند العزة يشير الى الصعوبات التي يلاقونها في معاملاتهم البنكية، بحسبه فان القانون لا يسمح للبنك بقبول توقيع الشخص الكفيف ما يضطره لفتح حساب لا يلبي حاجاته وذلك عن طريق البصمة التي تحرمه من الخدمات الذاتية.

حرمان الكفيف من الخدمات الذاتية يعتبره العزة شكلا من اشكال الوصاية التي لا تليق بالمكفوفين الذين انهوا دراستهم العليا ويعملون كغيرهم من افراد المجتمع.

ويشير العزة الى رفض البنوك التجاوب مع الشكاوى المتكررة لإيجاد وسيلة افضل للتعامل مع العملاء من المكفوفين، ويزيد ان بعض الموظفين في البنوك يزيدون من التعقد من خلال رفضهم للمعرف الانثى وإصرارهم على وجود معرفين من الذكور للشخص الكفيف، الامر الذي يؤكد العزة على عدم وجوده في الانظمة البنكية.

حاولنا في هذا التقرير اخذ رد رسمي من احد البنوك على اسباب عدم تطوير معاملات تراعي عملائها المكفوفين لن احداً منهم لم يتكلم.