تضامن :العدالة لا تحققها النصوص القانونية أحياناً
-وثائقيات حقوق الإنسان- تكررت وعود الأم لإبنتها عُلا (11 عاماً) بإصطحابها مع إخوتها لقضاء الإجازات والعطل المدرسية خارج الأردن ، وزادت معاناة الأم وحزنها وقلقها نتيجة الموقف والسلوك اللإنساني الذي حال دون وفائها بوعودها التي وقف الأب متعسفاً ليحول دون تحقيقها ، لا لسبب معين وإنما سعياً لإلحاق الأذى النفسي والمعنوي بالأم ، ولم يدرك أن تصرفة كان أكثر إيذاءاً وإيلاماً لإبنته التي حرمها ولا يزال من التمتع بحقوقها كباقي الأطفال ومنها حقها في الراحة ووقت الفراغ ومزاولة الألعاب وأنشطة الإستجمام المناسبة لعمرها ، لكن أهمها عدم فصلها عن والدتها لأكثر من مرة في العام الواحد ولفترات قد تصل الى ثلاثة أشهر خلال الصيف. وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني"تضامن" الى أن والدة عُلا التي تراجع بإستمرار لإيجاد حل لمعاناتها هي وإبنتها ، كان قد وقع الطلاق بينها وبين زوجها بعد مرور ثلاث سنوات على الزواج وعمر إبنتها آنذاك لم يتجاوز السنتين عانت خلالها من ظلم وألم نفسي ومادي نتيجة لتصرفات زوج مستهتر بالزواج والمسؤولية العائلية ومقصر في رعاية شؤون الأسرة ، من زوج لم يعرف أبداً مسؤولياته تجاه إبنته الصغيرة والتي تحتاج الى رعاية وعناية وإهتمام بشكل مستمر ، من زوج ترك إبنته وغادر البلاد تاركاً مسؤوليات الرعاية والإنفاق على والدتها ودون إهتمام بمستقبلها فقطع صلته تماماً بالأم والإبنة. وعلى الرغم من تصرفات الأب فقد أخذت الأم على عاتقها رعاية إبنتها والإنفاق عليها وتلبية كافة إحتياجاتها لتعيش كبقية الأطفال وتتمتع بطفولة هادئة لا تشعر فيها ببعد والدها عنها. وفي سبيل تحقيق ذلك إضطرت الأم الى العمل بعد الطلاق ، وتزوجت بعد مرور أربع سنوات من شخص آخر وأنجبت منه طفلين ، الأمر الذي ترتب عليه سفرها مع زوجها وإبنيها بشكل سنوي لقضاء العطل المدرسية والصيفية خارج البلاد دون أن تتمكن من إصطحاب إبنتها عُلا بسبب عدم موافقه والدها على إستصدار جواز سفر لإبنته لتتمكن من مرافقة والدتها وأخويها. وتضيف "تضامن" الى أن المادة (12) قانون جوازات السفر رقم (2) لعام (1969) تنص على أنه :" يجوز منح جواز سفر عادي منفرد للزوجة او للاولاد القاصرين بعد موافقة الزوج أو الولي خطيا". وفي هذه الحالة فإن والدة عُلا لا تتمكن من إستصدار جواز سفر لإبنتها حيث والدها هو ولي أمرها ، وعلى الرغم من مطالباتها المتكررة وتوسلاتها هي وإبنتها ليقوم والدها بالموافقة الشخصية أو الخطية لإستصدار جواز سفر لإبنته ، إلا أنه يرفض وبإصرار لا لسبب معين وإنما تعسفاً ولإلحاق الضرر المعنوي والنفسي بالأم والإبنه معاً ، ويحتمي في عناده بنصوص قانونية قد لا تحقق العدالة والإنصاف عند إساءة إستخدامها. وتشير "تضامن" الى أن المادة (176 – أ) من قانون الأحوال الشخصية الأردني المؤقت رقم (36) لعام (2010) تنص على أنه : إذا كان السفر بالمحضون خارج المملكة لغاية مشروعة مؤقتة ولم يوافق الولي على سفره فللقاضي أن يأذن للحاضن بالسفر بالمحضون بعد أن يتحقق من تأمين مصلحته وبيان مدة الزيارة وأخذ الضمانات الكافية لعودته بعد انتهاء الزيارة على أن تتضمن تقديم كفالة يستعد فيها الكفيل بالحبس حتى إذعان الحاضن بعودة المحضون مع منع سفر الكفيل حتى عودة المحضون إلى المملكة". وتؤكد "تضامن" على أن قانون الأحوال الشخصية قد أنصف النساء والأطفال بمعالجته للعديد من الحالات الناتجة عن تعسف بعض الآباء ، من خلال إستخدام حقهم في منع سفر أولادهم الصغار مع أمهاتهم إلا بموافقتهم مما أدى في كثير من الإحيان إلى إضطرار الأم لترك صغارها لتتمكن من السفر لقضاء مصالحها كزيارة أهلها خارج الأردن ، وبشكل يضمن عدم التعسف من قبل الحاضن أو الولي وبما يضمن مصلحة المحضون مع اخذ الضمانات الكافية لعودة الصغير إلى موطنه بعد انتهاء الغاية من الزيارة . غير أن هذا النص لا يسعف في إستصدار جواز سفر للطفلة بدون موافقة الأب ، وعليه فإن الترابط ما بين المادتين في كل من قانون جوازات السفر وقانون الأحوال الشخصية ضروري ، ويجب معالجة الخلل الذي يكتسب أهميته من وجوب مراعاة مصلحة الأطفال بالدرجة الأولى ومن ضرورة وقف تعسف بعض الأباء ، ولذلك فإن "تضامن" تطالب بإيجاد حل جذري لهذه المشكلة التي تعاني منها الكثير من النساء والتي تحول حياتهن وحياة أبنائهن وبناتهن الى جحيم ، وتقف حائلاً دون تمتع الأطفال بحقوقهم ودون مراعاة لمصالحهم الفضلى المكفولة شرعاً وقانوناً والمنصوص عليها أيضاً بإتفاقية حقوق الطفل ، وإن طلب ضمانات كافية تصل لحد حبس الكفيل حتى الإذعان عند طلب الأم جواز سفر لصغارها قد يكون الحل الأمثل لوقف المعاناة ووضع حد لتعسف بعض الأباء. فهل تحلم هذه الأم بعد اليوم بإجابة لأسئلة إبنتها عُلا المتكررة :" أمي متى سأكون مع أشقائي وأقضي العطلة معهم؟" وتعود وتسأل :" أمي متى أرفه عن نفسي كباقي الأطفال ومثل أخوتي" وتكرر السؤال مرات ومرات :" أمي لماذا أنا بعيدة عنك وعنهم كل سنة ولماذا لا تأخذيني معهم؟" وتعود وتسأل :" أمي هل تحبينني مثلهم"؟ ... فهي لا تدرك أن القانون هو المسؤول!