بدأت التكنولوجيا الرقمية تجد طريقها اخيرا الى الجيل القديم من ابناء الزرقاء، والذين طالما تمترس كثير منهم حيالها وراء جدار عنيد من الرفض، ظنا انها مجرد واحدة من تقليعات الجيل الجديد، والتي سرعان ما تأفل.
يقول عبدالرحمن المساعد، وهو من منطقة الحلابات الشرقي، ان والديه الطاعنين في السن قررا منذ اسبوعين فقط الاقبال على وسائل هذه التكنولوجيا من حواسيب وهواتف ذكية وسواها.
ولما لم يكونا ملمين باوليّات استخدامها والتعامل مع ما يدور في فلكها من مواقع وبرامج تواصل اجتماعي (الفيسبوك والواتس اب واليوتيوب وغيرها)، فقد تحتم على عبدالرحمن تعليمهما كل ذلك، وهو ما لم يخل من "معاناة" على حد وصفه.
واشار الى ان اليوتيوب استأثر بنصيب الاسد من اهتمامهما، بحيث باتا لا يملان البحث فيه عن مقاطع تعود الى تسعينيات القرن الماضي، حتى انهما استنفدا حزمة اشتراكه في الانترنت خلال يومين فقط.
وبين عبدالرحمن انه بلغ من تعلق والديه بالحاسوب والهواتف الذكية انهما لم يعودا يفارقانها، لدرجة ان متعابتهما لتطبيق الواتس اب الخاص به وحسابه على الفيسبوك جعلته يشعر بنفسه مقيدا في ما ينشره فيهما.
وعلى النقيض، تقول الطالبة الجامعية شروق زكارنة ان متابعة حسابها على الفيسبوك من طرف والدتها التي باتت ايضا تقبل على التكنولوجيا الحديثة منذ فترة قريبة، ادت الى زيادة ثقتها بنفسها.
ومرد هذه الثقة كما توضح شروق، هو ان امها تستطيع من هذه المتابعة ان تكون مطمئنة الى عدم فعل ابنتها شيئا دون علمها.
ام ابراهيم، وهي في اواسط الخمسينات من العمر، تتحدث باعجاب عن وسائل التواصل الحديثة، والتي طالما كانت تثير فضولها، ولم تستغرق وقتا طويلا في اتقان التعامل معها.
وتوضح هذه المراة انها اصبحت الان تعتمد على هذه الوسائل من اجل التواصل مع الاهل والاصدقاء، وبالصوت والصورة، وخصوصا مع اخوتها المغتربين.
من جهتها، قالت روان شريدة ان كافة افراد اسرتها يواظبون على استخدام الحواسيب والهواتف الذكية، بمن فيهم والداها اللذين تجاوزا الستين من العمر، ولم يجدا صعوبة التعامل مع هذه الوسائل بحكم انهما جامعيان.
واضافت ان ذلك يشمل الاطفال في الاسرة، والذين قد تجد لدى احدهم عدة اجهزة، وبحيث يستعين ببعضها في دراسته ويخصص غيرها للتسلية واللعب.
وتتندر روان قائلة ان استخدام العدد الكبير من الاجهزة في تشغيل برامج الصوت والصورة للتواصل مع الاقرباء المغتربين ومشاهدة اليوتيوب، يتسبب في نفاد طاقة بطارياتها سريعا، ما يؤدي الى نشوب نزاعات على الشحن في ظل محدودية عدد مقابس الكهرباء في البيت.
على صعيدها، تدعو المرشدة التربوية نوال ابو سكر الى ترشيد استخدامات هذه التكنولوجيا العابرة للاجيال، من اجل ضمان اكبر استفادة منها، وفي نفس الوقت، التقليل قدر الامكان من تبعاتها غير المرغوبة على تركيبة وعلاقات الاسر والافراد.
وقالت ابو سكر ان التكنولوجيا الرقمية الحديثة "سلاح ذو حدين؛ فمن ناحية ايجابية هي توسع مدارك الاسرة ومعارفها اذا سخرت للاستفادة من خبرات الاخرين والانفتاح على العالم الخارجي، ومن الناحية السلبية، هي قطعت التواصل بين افراد الاسرة الذين صار كل منهم يعيش في عالمه الافتراضي".
واضافت ان الاثار السلبية "يمكن الحد منها عبر وضع قوانين ضابطة تمنع استخدام الهواتف والاجهزة الذكية بعد الثامنة مساء، وبحيث يجلس افراد الاسرة في سهرة عائلية يتواصلون خلالها مباشرة ويتبادلون فيها اخبار بعضهم".