مثقفون يشجبون الاعتداء على محادين

مثقفون يشجبون الاعتداء على محادين
الرابط المختصر

ما هو دور المثقف العربي, ما الواجبات التي يجب ان يقوم بها الكاتب إزاء ما يحدث, ما هو دور الاعلام في تلك المرحلة, أسئلة عديدة أثارتها موجة الثورات العربية ضد أنظمتها التي تضرب قصور الرئاسة ومقرات الاحزاب الحاكمة في الوطن العربي.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه كتاب ومثقفون أردنيون مطالبهم المشروعة بالعدالة والديمقراطية ودولة المواطنة ومحاربة الفساد, من دون المساس بمؤسسة العرش والدستور الاردني, تتواصل المظاهرات أسبوعية للجمعة السادسة على التوالي في وسط المدينة مطالبة بتفعيل الدستور والغاء معاهدة وادي عربة ومحاربة ظاهرة تفشي غلاء الاسعار والبطالة وتدني الاجور وغيرها من قضايا تؤرق المواطن الاردني.
الاعتداءات على المتظاهرين أمس الاول جاءت مستهجنة في الوقت الذي تدعو فيه الحكومة إلى الحوار الوطني, كما أن حق التظاهر كفله الدستور كما ضمن حق وحرية التعبير.
ما حصل يوم الجمعة يذكر ما حدث في القاهرة أو كما يحدث الان في ليبيا, واليمن حالياً في مواجهة الاحتجاجات الشعبية, كما يرى كتّاب أردنيون.
الزميل والكاتب موفق محادين كان ضمن الذين تعرضوا للاعتداء, ما استدعى شجب الحكومة لذلك وفتح تحقيق للوقوف على ما جرى يوم الجمعة ومعاقبة الذين كانوا وراء تلك الاحداث, لكن الكاتب ورئيس لجنة الحريات في رابطة الكتاب الاردنيين عبدالله حمودة يرى أن الذين وراء تلك الاحداث هم أشخاص مدفوعون من الحكومة ويؤكد ذلك الباصات التي نزل منها هؤلاء البلطجية والقضبان الحديد الطويلة وبعض الوجوه المعروف انتماؤها الوظيفي, على حد قوله.
ويضيف حمودة كان واضحا دور البلطجية الذين أدوا دورهم, وعندما تقول الدولة سنحقق فيما جرى إنما هي محاولة لاهمال الموضوع, مؤكداً أن ما جرى شيء خطير وأن التصدي لمطالب الناس المشروعة مؤشر لأحداث لا تحمد عقباها.
ويقول حمودة على المثقف أن يكون الى جانب الناس والصمت الان جريمة وعليه أن يعرف هذه المسألة, وأن يأخذ حقه الكامل بيديه وعلينا ان نناضل من أجل الحرية وعلى المثقف الشريف ان يفضح المثقفين العملاء.
الشاعر المعارض ماجد المجالي المعروف قال ل¯ العرب اليوم أن الاصل في المثقف أن يكون في الشارع ويتعاطى مع التعريف الشامل للثقافة بأنها طريق الحياة, وعليه أن يفعل جملة معارفه في المجتمع والحياة, لذا فإن موفق محادين كان يقوم بهذا الدور حين تعرض للاعتداء هو وغيره من المتظاهرين.
وحول التعدي على المتظاهرين أضاف المجالي أن السلوك الذي حدث يعود ليدلل مرة أخرى ان الشعوب العربية ليست هي المتخلفة إنما السلطات التي تدير طريقة الخلاف معها بهذه الطريقة الغوغائية والهمجية والمواطن العربي يعاني من تخلف شديد جدا لدى سلطاته التي لا تعرف الحوار.
وأوضح في الاردن نحن لا نحب ان تصل الامور الى هذا المنزلق الذي وصلت اليه بلدان أخرى وقد رفعنا أصواتنا الى رأس السلطة وحذرنا من أن لا تنزلق لهذا المنحدر الخطير جدا والمعضلة الحقيقية التي تواجهنا هو تقديم ما هو سياسي على كل ما هو جماعي.
وأرسل المجالي رسالة للمتظاهرين عبر »العرب اليوم« قال فيها مطالبكم عادلة ومشروعة ونحن معكم واعتبارا من اول مسيرة قادمة سأكون في المقدمة ولو تعرضت للضرب, وهذه مطالب دافعنا لأجلها طوال السنوات الماضية إذ تعرضت للخطف من منزلي ذات يوم.
وأكد لا نملك الا أن نمد أيدي الولاء والحب لهذا الوطن وعلى الاخرون أن يعيدوا حساباتهم خاصة أن الوطن العربي يمر بفترة عصيبة علينا ان نتجنب محاذيرها ونستفيد من ايجابياتها, وفي الاردن ليست لدينا رغبة في تغيير النظام, لكننا نأمل أن يتم استيعاب جملة الاخطاء التي ارتكبت, وأن ينسجم النظام مع مطالب الناس الشرعية في الملكية الدستورية, ولا يجعلنا نفقد البوصلة في خضم الفوضى, ففي الفوضى لا يستطع الفرد ان يحدد بوصلته وتفقد القدرة على التحديق.
كما عبرت رابطة الكتاب والادباء الاردنيين عن موقفها ازاء ما حدث من قبل بعض البلطجية الذين قاموا بالاعتداء على المتظاهرين وبعض الكتاب والصحافيين.
رسالة رابطة الكتاب الاردنيين لـ  العرب اليوم
الدكتور محمد عبيد الله, نائب رئيس رابطة الكتّاب الاردنيين, وفي رسالة باسم رابطة الكتاب قال: نحن في رابطة الكتاب الاردنيين لم نكن يوما مع المصفقين ولا المنافقين الذين إذا جاء الجد اختبأوا وبدلوا ملابسهم وانسحبوا, وفي أصعب الظروف دافعت الرابطة عن حق الناس في التعبير السلمي وفي المطالبة بالعدالة الاجتماعية وبالاصلاح السياسي الذي يمكن أن يكون أساسا للتعاقد الضمني بين الدولة وناسها, وفي ظل اختلال هذا التعاقد فلا أحد يملك حق منع الناس من التعبير والمطالبة بحقوقهم بالاساليب الحضارية المتعارف عليها عالميا وليس بأساليب مرسومة سلفا ترضى عنها السلطات والحكومات.
المظاهرات والمطالبات في الاردن ليست بدعة وإنما هي جزء من غليان الشارع العربي ضد مغتصبي حقوقه, ضد السلطات التي قد تختلف في الاسم ولكنها في الممارسة واحدة, وليس هناك أي بلد خارج الشروط أو الظروف وأسطوانات تأجيل الاصلاح لم تعد مجدية ولا مقنعة للناس, ولذلك فإننا ننصح السلطات باستيعاب التغيرات والتحرك السريع فقد سبق لها أن أخذت وقتها ولم تقدم شيئا. ونحسب أن الجماهير لم يعد لديها زمن لتنتظر وتؤجل مطالبها, فهي تعرف أن السلطات العربية لن تحرر فلسطين وإنما ستواصل حصارها, وأن السلام الكاذب الذي وعدت به منذ عقود لن يتحقق. وهكذا فإن التغيير أمر حتمي بأشكال متوقعة وغير متوقعة.
وفي ضوء ذلك فإن السلطات التي ماطلت في الاصلاح وأفسدت الديمقراطية بالقوانين العجيبة المخترعة وبتزوير الانتخابات هي الطرف الذي يتحمل غليان الشارع ونتائجه, هناك اختلالات في العقد الاجتماعي والسياسي الذي ينظم العلاقة بين أطراف الحكم والناس, والاصلاح المطلوب ليس فتاتا على شكل زيادات تشبه الرشوة للمواطنين كي يسكتوا, الامر أعقد وأبعد ويحتاج حلولا جذرية عميقة تمتد إلى تعديل الدستور لإعادة صياغة العلاقة وتنظيمها بين السلطات التي تشكل الدولة وبين مواطنيها.
نحن نؤيد حق الناس في التظاهر ونتظاهر علنا معهم, فمثقفو الاردن وكتابه في رابطة الكتاب الاردنيين كانوا دوما في مقدمة المدافعين عن حرية الناس في التعبير وفي الاصلاح السياسي وفي التحذير من الامركة والعولمة والاسرلة وما يمكن أن تجره هذه التوجهات من تشوهات في علاقة الدولة بمواطنيها وفي اختلال السلم الاجتماعي والعدالة السياسية والاقتصادية الغائبة.
نثق أيضا أن قهر المعبرين والمتظاهرين والاعتداء على رموزهم وبعض أفرادهم لن يجدي نفعا فالخوف أصبح في خبر كان, والحلول الامنية ليست حلولا وإنما تؤدي إلى ردود فعل أشد غضبا, جماهيرنا في عمومها تتظاهر سليما وهي جماهير واعية مؤمنة بوطنها ومحبة له وأما نظرية المؤامرة والايدي الغريبة وما يشبه ذلك من حجج فلم تعد تقنع أحدا, الامر واضح الناس يريدون حقوقهم بكل أشكالها وليس أمامهم زمن طويل للصبر.
أما التغيير الحكومي الاخير فكان مخيبا للآمال بكل معنى, ومع ذلك فقد وضعت الرابطة تصورها للإصلاح من خلال رئيس الرابطة الذي سلمه لرئيس الوزراء ونشرته العرب اليوم مؤخرا. ولكننا غير متفائلين برئيس وزراء شهد عهده السابق أكبر عملية تزوير ضد الديمقراطية في تاريخ البلاد من خلال تزوير الانتخابات في عهده وهو مسؤول عن ذلك دون مواربة أو حجج. ولذلك فإن المرحلة الحالية ليست هي مرحلة الاصلاح المنتظر الا إذا غير أولو الامر ما بأنفسهم من تربص بالناس, وآمنوا إيمانا حقيقيا بأن الاصلاح والديمقراطية والعدالة الاجتماعية هي الطريق الوحيد لاستمرارهم.
في المرحلة الحالية ندين أي اعتداء على المتظاهرين فالعنف كما هو واضح مصدره قوات الامن لا المتظاهرين, والاعتداء على الكاتب والناشط موفق محادين وعلى غيره دليل على هذا, ونريد الدخول في خطوات واضحة للإصلاح بعيدا عن الالعاب اللفظية والمماطلات التي تتقنها الحكومات. ونثق بأن الاصلاح قادم مهما يكن الثمن, وسنظل نطالب به وندعو له بسقف عال حتى يتحقق من أجل مستقبل أنبل وأجمل لنا ولأجيالنا المقبلة.
*د. محمد عبيد الله/نائب رئيس رابطة الكتاب الاردنيين

أضف تعليقك