حيدر في "حراس الذاكرة"

حيدر في "حراس الذاكرة"
الرابط المختصر

اختتمت الأمسيات الزجلية لمهرجان "حرّاس الذاكرة" يوم أوّل من أمس في المركز الثقافي الملكي، بأمسية للشاعر اللبناني طلال حيدر استحضَرَ فيها تجربته اللافتة في الشعر المحكي، مقدِّما قصائد ذائعة له تمَّ تقديمها غنائيا بأصواب مطربين عرب.

وبدأ حيدر أمسيته التي قدَّمه فيها المسرحي غنام غنام، بقوله: "الفلسطينيّ له هُوية واحدة يفتخر بها، ونحن لنا هُويّتان: تلك التي في جيوبنا، وأخرى في قلوبنا، وهي الهوية الفلسطينية."

وفاجأ الشاعر اللبناني الحضور بتقديمه للفنانة المغنية لارا عليّان، والتي غنّت قصيدته "بغيبتك نزل الشتي" التي كان الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة قدّمها في تسعينيات القرن الماضي. تقول القصيدة:

"بغيبتِك نزل الشتي

قومي اطلعي عالبال

في فوق سجادة صلاة

والعم بصلّوا قلال

صوتُن متل مصر المرا

وبعلبك رجال

عَ كتِر ما طلع العشب بيناتنا

بيرعى الغزال!"

ثمّ كانت القصيدةُ لطلال.. التي تحاكي الأعماق الإنسانية وهمومها بدفء، وتتسم باختزال عالم من الأسرار والتفاصيل التي لا يراها سوى الشّاعر المتعمّق والمدقّق في الهاجس الإنسانيّ الجمعيّ. وأهدى قصيدته "هالكان عندن بيت" لأهالي النّكبة، الذين خرجوا من وطنهم لا يحملون سوى مفاتيح بيوتهم التي لم يعودوا إليها بعد، وفق قول حيدر.

"هـــَ الكان عندن بيت

وصورة

عليها ناس

معلّقين بخيط

وقعوا عن سطوح العمر

وسْتلَقِتّن الحجار

وِقْعوا

متل ما بيوقع المشمش

على ولاد الزغار

وين أهلي؟

وين طاحونة حزن خيي الزغير؟"

كما تناول صاحب ديوان "آن الأوان" الغياب في قصيدته، التي غنتها الفنانة اللبنانية أميمة خليل، "وينن هنّ" التي تتناول من غاب، ومن ظلّ في الطرف الآخر وحيدا، يستجديه بالعودة...

"راحوا

لبسوا العَتِم

بقامات مهيوبة

ناديت:

بالله ارجعوا!

ما تلفّتوا صوبي

يا بدر ضوي السما

كرمال محبوبي.."

والتمس الجمهور في قصائد حيدر استحضاره للمكان والمدن المختلفة في منطقة بلاد الشام، الذي أكّد أن ذلك لا يتعلّق بالسياسة، وإنما بالحضارة التي تتعلقّ بهذه المدن عبر تاريخها الطويل، واختتم بقصيدة "سجر البن"، التي غناها أيضا الفنان مارسيل خليفة، وجاء فيها:

"بيني وبينِك طيرة طير

ونادوا كلّن عالفراق

وقطفني متل الصّبّير

صوت الغنُّوا بالعراق

لو نقدك كان مدينة

وبالشام العرس

لاركب ع الفرس وجبلك

مفتاح القدس"

ثمّ أكملت لارا عليّان وصلتها الغنائية، إذ غنّت "سجر البن" و"عالمشعل أوف" و"حيفا من هنا بدأت" و"البحر بيضحك ليه".

وعليّان عضو في "فرقة شرق" التي تأسست في العام 2006، وتهدف إلى إعادة إحياء الأغاني والمقطوعات العربية الكلاسيكية القديمة، والموروث الفولكلوري في قالب حديث، يجسد جمال تلك الأغاني والمقطوعات، من خلال حوار الآلات العربية والغربية المستخدمة في العزف، وبيان روعة الشعر والكلمات من خلال الغناء، وإعادة توزيع الكثير منها، لتعيد للموسيقى العربية إلى زمنها الجميل.

وسبقت الأمسية مناظرة للشاعرين الفلسطينيين نجيب صبري وأحمد فحماوي، مردِّدين قبل ذلك قصائدَ تناولت الوحدة بين الأردن وفلسطين، بين المدن التي تجاور بعضها، إذ أن الشّمس التي تصلي في قرى فلسطين هي ذاتها التي تسطع في سماء الأردن، وفق وصفهما.

وبدأت المناظرة بين الشّاعرين اللذين أمتعا الجمهور في ردّهما على بعضهما، ولاقا تفاعلا كبيرا من الجمهور الذي ما توقف عن التّرديد معهما.

واختُتمت الأمسية مع فرقة الحنونة للتراث الشعبي، مقدِّمة عرضا راقصا وغنائيا يتناول علاقة المحبوب بمحبوبته في مناطق الريف الفلسطيني، والخجل الذي يشعرون به لدى التقائهما، وغيرة المحبوبة على حبيبها من الفتيات الأخريات.

ثمّ عرضوا دبكةً تميّز فيها صوت "اليرغول" الذي استثار حماسة الحاضرين فكان انفعالهم مع الفرقة مميّزا وكبيرا.

وجمعية الحنونة للثقافة الشعبية تأسست منذ العام 1993، وهدفها الأساسي حماية وحفظ الذاكرة الشعبية من خلال توثيق كل ما يمكن جمعه من المادة التراثية للمنطقة.

أضف تعليقك