العلم الأردني فوق قمة إيفرست
رفعت الأذان وصليت لله شكرا ورفعت علم الأردن وصوة جلالة الملك عبد الله الثاني وتحدثت مع جلالته بالثريا عندما وصلت قمة ايفرست.... بهذه الكلمات يستهل المغامر الشاب مصطفى سلامة حديثه ل¯ العرب اليوم ويقول انه يستعد لتسلق أخطر قمة صخرية في العالم في شهر تشرين الاول المقبل وهو هرم كاريستينز بأندونيسيا.
ويضيف سلامة أنه أسرَ برغبته في ممارسة هواية التسلق لأصدقائه عام 2004 ابان وجوده في بريطانيا, لكن أحدا لم يأخذ كلامه على محمل الجد بسبب عدم وجود خبرة لديه في التسلق, لكنه تابع أنه عاد الى عمان ورسم العلم الأردني وجبلا, وأخذ يدور على الصحف الأردنية شارحا فكرته وطالبا ايصالها الى الرأي العام لكن أحدا لم يتجاوب معه. سوى أن صحافيا في مجلة الأردن كتب عنه ثم قفل عائدا الى لندن.
ويبين المغامر ذاته أن مسؤولا في الديوان الملكي اتصل به بعد أسبوع وأخبره أن جلالة الملك عبد الله الثاني متحمس للفكرة كما طلب منه العودة الى عمان, فعاد وقالوا له إن تسلقت أول قمة في شمال أمريكا فانهم سيقدمون له الدعم اللازم, مشددا على أنه لم يكن لديه أدنى فكرة عن قمة ايفرست.
ويتابع أنه بدأ تدريباته في جبال التيبت ثم تسلق قمة ديناني في شمال أمريكا التى يبلغ ارتفاعها 30 ألف قدم, وبعد ذلك بدأت بعض البنوك بتقديم الدعم المادي له, وتمكن من تسلق 28 جبلا.
ولدى سؤاله عن المخاطر التى واجهها في مغامراته, أجاب سلامة أنه وقع في حفرة ثلجية تقع بين جبلين ومكث فيها ساعتين ونصف الساعة وعانى من تجمد أطرافه وعند ذلك بدأ يأخذ الأمور بجدية أكبر, وتحدث أيضا عن المخاطر التى يتعرض لها المتسلقون مثل ورم المخ القاتل الناجم عن عدم شرب كميات كافية من الماء عند التسلق, وتجمع الماء في الرئتين بسبب نقص الأوكسجين, اضافة الى نفاد الأوكسجين من العبوة, لافتا أنه لا يمكن تسلق قمة ايفرست بدون أدلاء متخصصين في هذا المجال.
قال سلامة في معرض شرحه تفاصيل تسلقه ايفرست ان ارتفاعها يصل الى 29 ألف قدم, وأنه بدأ رحلة التسلق الأولى عام 2005 وفشل ثم أعاد الكرة عام 2007 ولم يحقق المهمة, لكنه عاد اليها عام 2008 ونجح.
وقال انه عانى من نزيف دموي في المعدة في المرة الأولى على ارتفاع 23 ألف قدم, فيما عانى في المرة الثانية من سعال لمدة شهر, مضيفا أنه تلقى في العام 2008 دعما ومع ذلك لم يتمكن من الصعود مع شركة متخصصة لقاء مبلغ كبير يبلغ 70 ألف دولار, لكنه جازف وتسلق بمفرده من جهة النيبال, وأوضح أن تلك المنطقة تضم ملاعب مساحتها ما يعادل مساحة ملعب كرة قدم, يخيم فيها 500 متسلق من جنسيات مختلفة, منوها أن مدة التسلق تبلغ 75 يوما وأنه كان يحمل خيمته وبعض الكتب ونسخة من القرآن الكريم وبعض الطعام, مشيرا أن الوجبات الرئيسية كان طعاما نيباليا. كما بين انهم كانوا يستحمون في الخيمة مرة كل أسبوعين, وأن رحلة التسلق بحاجة الى أربعة مخيمات, وأن التنفس في بداية الرحلة يكون صعبا لكنه يتحسن مع المدة, لافتا أن تلك المنطقة تشهد انهيارات جليدية في الفترة ما بين تشرين الثاني وشباط.
وبين سلامة أن ارتفاع منطقة المخيم الأول يبلغ 19500 قدم, ثم يبدأ المتسلقون بالصعود للمخيم الثاني لنقل الأغراض التي يحملونها على دفعات, مشيرا أن العودة للمخيم الأول تستغرق 12 ساعة ن وهكذا دواليك, حيث كان يحمل معه في كل مرة 20 كغم, وأوضح أن الأكسجين في الجو ينخفض كلما ارتفعوا, وأن وزنه مع ملابسه الخاصة وما يحمله من أغراض كان 140 كغم.
وقال ان هناك طبيبا عاما في المخيم, وقد نصحه ذات مرة بالنزول الى احدى القرى القريبة بعد حدوث ألم في أسنانه ليبحث عن طبيب أسنان, مضيفا أنه وجد ثلاث طبيبات أمريكيات زائرات عالجنه وأزلن له طاحونة بدون بنج ومكث في القرية ستة أيام.
وفي السياق ذاته أوضح المغامر سلامة أنه كان يرغب بتسلق قمة ايفرست في عيد الاستقلال الأردني يوم 25 أيار, مشيرا الى أن المخيم الرابع على ارتفاع 26 ألف قدم وأن المنطقة التى تليه تسمى خط الموت كما أن الغيوم كانت تحته على عمق ثلاثة آلاف قدم وفوقه السماء الصافية.
وتابع أنه قام بتركيب عبوة الأكسجين والتجهيز للرحلة الأخيرة لافتا أن أفضل وقت للانطلاق هو الساعة العاشرة ليلا لأن الثلج في تلك المنطقة يكون جافا, وأن المشي يستغرق 24 ساعة بطريقة خطوتين وعند الثالثة يأخذ نفسا.
وأوضح المغامر مصطفى سلامة أن تلك المنطقة تعج بجثث المتسابقين الموتى الذين قضوا في الرحلة منذ سنين طوال ويزيد عددهم كل يوم, مؤكدا أن ذلك يؤثر سلبا على نفسية المتسابقين, لكنه في الوقت ذاته يعطي المتسابق الحافز للتقدم بدلا من الخوف, لافتا كذلك أن كلفة انزال الجثة تبلغ 100 ألف دولار ولهذا تبقى هذه الجثث حيث هي في الثلج.
وتحدث عن منطقة يسمونها البلكونة وهي مكان استراتيجي يطلون منه على مناظر رائعة ويلحظون تطاير الشهب كما يشهدون لحظة بزوغ الشمس, وبعد ذلك ينتظر المتسابقون دورهم للمرور الى بوابة الصخرة ( القمة) التي لا تتسع سوى لمتسابق واحد, موضحا أنهم يتحركون في الخامسة والنصف صباحا, حيث شروق الشمس وتمتعهم بشيء من الدفء, لافتا أن 90% من المتسابقين الموتى يقضون بسبب نفاد الأكسجين منهم خلال الرحلة.
وأشار المتسلق سلامة أن خطوة هيلاري هي أعلى صخرة في العالم ويقع فيها ما نسبته 30% من حوادث التسلق, لذلك يجب اختيار الحبل المنصوب بنفس العام.موضحا ان من يتزحلقون الى أسفل مدة 30 ثانية يجدون أنفسهم في الجانب الصيني.
وقال أيضا انه مكث على قمة ايفرست 45 دقيقة ورفع الأذان وأقام الصلاة وصلى شرقا ثم تحدث بهاتف الثريا مع جلالة الملك عبد الله الثاني والأمير علي ووالديه وأسرته ثم رفع العالم الأردني وصورة جلالة الملك, مضيفا أنه استغرق 23 ساعة للنزول الى الأرض دون أن يتوقف في مخيمي 2و.4 كما أن جلالة الملك عبد الله كرمه عام 2009 وأنعم عليه بوسام الاستقلال. منوها انه قام بتسليم جلالته ألبوم صور من قمة ايفرست ولمغامراته كلها.
وقال أن ارتفاع قمة هرم كاريسيتيز يبلغ 16023 قدما وأنه يتدرب على ذلك, مضيفا أن سكان تلك المنطقة من آكلي لحوم البشر وأنهم يغطون عوراتهم بأوراق النباتات, لكنه لفت أنهم مؤخرا بدأوا يألفون رؤية البشر, مشيرا الى أن مدة الرحلة ستكون 21 يوما, وكلفتها 25 ألف دولار لأنهم يسيرون مدة عشرة أيام في الغابات, وهناك الأسود والحيوانات المفترسة.
ولدى سؤاله عن خططة المستقبلية بعد تسلق قمة العالم السابعة,أجاب سلامة أنه سيغزو القطبين الجنوبي والشمال عام ,2014 مشيرا أن هذه الرحلة بحاجة لتركيز وتدريب كبيرين, كما أنه يبحث عن ممول لهذه الرحلة.
وقال انه بدأ التحضير لرحلة تسلق كاريستينز منذ 3 سنوات, وأنه سيبدأ رحلته من وادي رم في الأردن فالمغرب ثم الى جبال هيملايا, مشيرا الى أن التسلق سيكون عن طريق الحبال وبشكل مقلوب, مضيفا أن مشاركة رحلات التسلق مع الآخرين تفيد بالتوعية عن الأردن والقضية الفلسطينية, مؤكدا أنه التقى العديد من المتسلقين الأجانب الذين يعتقدون أن اسرائيل هي الورم السرطاني في الشرق الأوسط, كما أكد أن هذه المشاركة تفيد بالتوعية عن الاسلام أيضا كون المشاركين الاجانب يرونه وهو يصلي ويسمعونه وهو يرفع الآذان.
وتابع أن الايمان بالله يحمله الى الأعلى اضافة الى التدريب المستمر والوعي بكافة مراحل الرحلة, منوها أنه دائم الذكر لله, معربا عن أمله بتسلق قمة أيفرست مرة أخرى وبرفقة فريق أردني وعربي.كما بين أن قمة ايفرست تبلغ 9 كم طولا ومساحة أعلاها 2 متر, مؤكدا أنه سجد عليها.
وحول تسلق المقبل قال سلامة انه لا يتم الا من خلال شركتين متخصصين, مطالبا بالاستفادة من طبيعة ووديان وادي رم بالأردن, وأن يصار الى تقديم الخدمة للمواطنين بدون تكلفة في هذه المنطقة الفريدة من العالم.
وبين المتسلق سلامة أنه ورغم المصاعب التى تواجه المتسلقين الا أن هذه المغامرات تعمق الايمان بالله, كاشفا أنه بصدد جمع رحلة تسلق تضم اعلاميين ومتميزين, الى مثل هذه الأماكن لتوعية الناس بالسرطان والتدخين, حيث انه ينسق مع مركز الحسين للسرطان في الأردن.
وحول مفهوم المغامرة لديه قال المتسلق سلامة انه وبحسب خبرته فانها تضع الجسم والحياة في خطر,, لكنه شدد على وجوب التدرب والفهم ودراسة الحبل الهدف كي تكون المغامرة حقيقة.
وردا على سؤال يتعلق بشعوره ابان رحلة التسلق الى أعلى قال انه يركز على التسلق ويفكر بالخطوة التالية لأنها محسوبة عليه, مشيرا الى الحوادث المتكررة التى تؤدي الى الموت.
أما بالنسبة لشعوره ابان وصوله القمة, أكد سلامة أن اللحظة الالهية تعتريه فيرفع الأذان ويصلي ركعتين لله تعالى, مشددا أنه يرى ملكوت الله وروعة خلقه, وأن هذا الكون لم يخلق عبثا, كما أوضح أن وصوله القمة يعد انجازا له, وأنه يفتخر بذلك لأنه يعد أيضا انجازا لبلده.
ولدى سؤاله عن رسالته للشباب العربي قال المتسلق سلامة أن أكثر ما يهمه هو القضية الفلسطينية, موضحا أنه حاول العودة لفلسطين للصلاة في المسجد الأقصى والقاء محاضرة عن التسلق في جامعة النجاح الوطنية بنابلس, لكن سلطات الاحتلال منعته من الدخول واحتجزته 8 ساعات وحققوا معه وأهانوه رغم أنه يحمل أيضا جواز سفر بريطانيا.
وأضاف انه اخبرهم أنه يحمل جواز سفر من زرعهم في فلسطين ومع ذلك أجبروه على الرجوع الى الأردن, مختتما أنه ألقى المحاضرة عن طريق سكايب.