البستاني يوقع الفوضى الرتيبة للوجود في بيروت

 البستاني يوقع الفوضى الرتيبة للوجود في بيروت
الرابط المختصر

بدعوة من دار الفاربي، يوقع القاص والكاتب الأردني هشام البستاني مجموعته القصصية الثانية الفوضى الرتيبة للوجود ضمن فعاليات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب وذلك تمام الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم الخميس 9 كانون الأول الجاري.
 
أثارت المجموعة منذ صدورها مجموعة كبيرة من ردود الأفعال في الأردن، فقد كادت دائرة المطبوعات والنشر الأردنية أن تمنعها من التوزيع لنقاشها بعضاً من المواضيع السياسية الداخلية الحساسة ضمن قصة فيصلي ووحدات، فيما وضعتها المكتبة العامة لمؤسسة عبد الحميد شومان ضمن ما تسميه غرفة الممنوعات نظراً لورود ما اعتبرته المؤسسة ألفاظاً بذيئة ضمن بعض القصص، فيما اتهم بعض الكتاب المحليين بعض قصص المجموعة مثل عقدة قضيبية بالفجاجة أثناء انعقاد ملتقى عمّان الثاني للقصة القصيرة.
 
لكن رغم ذلك، فقد احتفي بالمجموعة بوصفها كتابة أصيلة ذات اسلوب متفرّد ومشغولة بحرفيّة عالية، وتنفتح على الفنون التشكيلية والفوتوغراف وعلم النفس والشعر، فقد ذهب نديم جرجورة في السفير اللبنانية إلى القول بأن هناك صعوبة جميلة في مقاربة النصوص الأدبية، المنشورة في «الفوضى الرتيبة للوجود».. وأن هذه الصعوبة مقصودة وناتجة من شكل معتمد في كتابتها ذاهباً إلى أن قراءتها تثير التباساً إزاء نصوص منطلقة من بنية القصّ، لكنها مفتوحة على الشعر والتحليل النفسي والتاريخ والصُوَر الفوتوغرافية.
 
فيما أشار مثنى حامد في القدس العربي أن لغة هذه المجموعة تواجهنا منذ البداية، مقدمة لنا نفسها ليس كمرشد محايد بل كحركة فعلية في الحدث لها ما للشخصيات القصصية من حضور فعلي ومن كاريزما نجومية ويتابع أن الأدوات السردية لدى الكاتب ابتعدت عن منطقية السرد، عبر الانتقال المريح بين الأمكنة والأزمنة من دون تكلف، ومن دون حتى محاولة للشرح، حيثُ لا تقبل قصص البستاني الإذعان للجنس الأدبي التقليدي المتداول كثيرا من حيث الحبكة الرتيبة، وتلاحق الأفعال والأشخاص، في غياب اللغة، مضيفاً اتسمت لغة البستاني بالتمرد، والجموح ، وهي توحي أكثر مما تقرر، عبر الإشارة والانزياح، وتأخير المعنى عن اللفظ، مشيراً إلى علوّ لغة الشعر في المجموعة إلى درجة أن قصة أوركسترا تدخل لغة الشعردخولا تاما، حتى أن الإيقاعات والأوزان الخليلية تطفو على السطح بيسر، ويمكن للقارئ تقطيعها تقطيعا عروضيا إذا أراد.
 
والتفتت إيمان مرزوق في الرأي الأردنية إلى شجاعة الكاتب في إماطته الغربال عن وجه الشمس، قائلة أنه في هذه المجموعة يخلع البستاني رومانسيته جانبا ويستل كل شجاعته ليسمي الأشياء بمسمياتها دون رتوش أو أقنعة، ويعلو بموجه غير آبه بصخور «التابوهات» ليكتب حكاياتنا ويلامس جرحنا ويفشي بوح الشارع بفجاجته، وبشجاعة يتناول قضايا ومواضيع حساسة لم يجرؤ كاتب قبله على إفشائها على هذا النحو من الوضوح، فيما أشار سامح المحاريق في الرأي الأردنية إلى تواصل مشروع الكاتب الذي بدأه في مجموعته الأولى في التنقيب ولكن في أعماق بعيدة لم يعتد القاص العربي على محاولة الاقتراب منها، فهي طرقات ليست عشوائية في انتظامها، إنما تحمل الوعي إن لم يكن المكر في تجوالها على أبواب المأزق الوجودي الحديث الذي يعبره البستاني خلافا لتراكيب اللعب على الدهشة القائمة في أدبيات القصة العربية، في عمل يمكن أن يستحضر في ذهنية القارئ تلك الاستطرادات الروائية الكبيرة التي يقف عندها كونديرا وماروكامي  وقبلهما موزيل وديستوفسكي.
 
بينما أشار ناجح حسن في قراءته التي نشرتها وكالة الانباء الاردنية (بترا) الى أن المجموعة تمزج بين مدارس واتجاهات وأساليب الكتابة المتنوعة مشيراً إلى براعة الكاتب في تضمين القصص محطات من التحولات التي شهدتها مدينة عمّان ووقائع ظلت حاضرة في التاريخ الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمنطقة فيما ذهب إلى أن قصة أوركسترا هي أشبه بترنيمة نثرية على حدي الشعر ومأثورات علم الكلام
 
يذكر أن الفوضى الرتيبة للوجود هي المجموعة الثانية للبستاني،وهي تنشغل بالمسائل الوجودية الكبرى، وتركز على دور الانسان المركزي في خراب العالم وتدميره، فيما يحيل عنوان المجموعة إلى الفوضى والعبثية المستمرين والمتكررين فيما يتعلق بالوجود، بالاستناد إلى نظرية فيزيائية هامة هي نظرية الفوضى (Theory of Chaos) التي تفهم الظواهر من خلال علاقاتها اللاخطية. وتنقسم المجموعة إلى أربعة أقسام هي: 'اضطراب'، 'غزة'، 'العبور'، و' كأنه حلم'.. ويدخل الكاتب في مجموعته مفاهيم علمية ضمن بنى النص القصصي، فنرى عناصر من علوم الفيزياء والبيولوجيا التطورية والكوزمولوجيا (علوم الكون) تتحرك داخل بنى السرد، إضافة إلى إدخال الحركة واستحضار السينما والموسيقى داخل النصوص. كما يحاول الكاتب توريط القارئ مباشرة في النص، ليصبح جزءاً من لعبة السرد وموضوعه ومتورطاً فيهما، وذلك باستعمال مجموعة من الآليات والأدوات مثل مخاطبة القارئ مباشرة بوصفه متلصصاً على شخوص القصة، أو من خلال وضع 'ألبوم صور' بعد بعض القصص.
 
وكانت مجموعة البستاني الأولى 'عن الحب والموت' (الفارابي، 2008) قد حازت تقديراً نقدياً كبيراً محلياً وعربياً، واحتـُفيَ بها في عمّان وبيروت والقاهرة، واختارت مجلة إينامو الألمانية قصصاً منها ونشرتها بالألمانية ضمن عدد خاص عن الأدب العربي الجديد. وستصدر المجموعة الثالثة للبستاني منتصف العام القادم 2011 عن دار الآداب.

أضف تعليقك