24 آذار .. لحظة مفصلية
مر عام على أحداث 24 آذار، التي كانت مفصلا مهما في تاريخ الحراك الشعبي في الأردن، ربما ينظر البعض لهذا اليوم وما تبعه بتقدير وعرفان، باعتباره لبنة أساسية لدرب الإصلاح الذي قاده شباب بتنوع توجهاتهم ورؤاهم، في حين يعتبره آخرون تجذيفا خارج مسار الدولة وإضرارا بإقتصادها وتفجيرا لأزمة لم تتوقف حتى الآن.
حتى لا ننسى وحتى لا تتكرر الأخطاء فإن المراجعة لما حدث في دوار الداخلية سواء في يومي 24أو25 آذار تقتضي أن نتوقف عند ثلاث خطايا لا يجوز نسيانها أو إغفالها.
أولى هذه الممارسات غير المقبولة كانت الاعتداء على المتظاهرين السلميين بعنف وبقوة مفرطة غير مبررة، وكل الأشرطة المصورة تكشف ذلك. والمشكلة الأهم أنه رغم مضي عام على هذه الحادثة، فلم نطلع على التحقيق بهذه الاعتداءات، ولم نسمع بمساءلة أي من المعتدين.
وهذا التقصير يمتد إلى مؤسسات المجتمع المدني التي لم تحقق في هذه القضية ولم تصدر تقارير بما جرى، ولم تساند الضحايا وتنصفهم.
ثانية المصائب التي لم يكن بالإمكان السكوت عليها هي التحشيد الإقليمي الذي مورس من قبل جهات حكومية وأمنية، والسعي إلى شق المجتمع إلى فريق موال للنظام، وآخر يثير الاضطرابات ويخل بالأمن ويضر بمصالح البلد
ولولا الوعي المجتمعي، وحكمة الناس، وصبرهم لما كان بالإمكان تطويق هذه الأزمة والحد منها، ولولا إدراك الناس أن المطالبين بالإصلاح موحدون يمثلون الأردن بكل مشاربه وأفكاره.
والكارثة الثالثة في أحداث آذار أنها كانت الانطلاقة الرسمية للبلطجية الذين رعتهم ووظفتهم الحكومة وأجهزتها ليكونوا أداتها الضاربة ضد الحراك الشعبي، وحصنتهم من المساءلة، ووضعتهم فوق القانون، وكان حصادها أن هؤلاء البلطجية تمردوا على أوامرها أحياناً، ولم يعودوا يقبلون بالانصياع للقانون، وقرروا أن يمرروا أجندتهم بأيديهم، وحتى الآن لم أسمع بأن أيا منهم قد خضع للمحاكمة.
في مقابل هذه الخطايا التي شهدتها أحداث 24 آذار، فإن هذا اليوم كان القوة التي أعطت زخما للحراك ليمضي في مطالباته للإصلاح، ولولا صمود الشباب ورفضهم للمساومة على قضية الإصلاح، لما شهدنا كل الخطوات الإصلاحية.
الهيئة المستقلة للانتخابات وجدت النور بعد أن كانت من المحرمات، والدستور عدل وهي خطوة عظيمة، وقانون الانتخابات على الأبواب والحكومة تعلن أن الصوت الواحد سقط، وبالتأكيد سيكون إنجازا سيدفع في مأسسة الحياة السياسية، والأهم أن الأصوات الهادرة والمطالبة بمحاربة الفساد كانت وراء الإطاحة برؤوس كبيرة كانت محصنة وأصبحت الآن وراء القضبان!
ربيع 24 آذار في الأردن لحظة مفصلية لا تنسى، استعاد الشعب فيها كرامته وإرادته وتوحد خلف مسيرة الإصلاح
span style=color: #ff0000;الغد/span