وصفة للصمود في "العبدلي"

وصفة للصمود في "العبدلي"
الرابط المختصر

تتوالى الإعلانات عن ولادة كتل نيابية يوميا، قبل أيام قليلة من افتتاح الدورة البرلمانية الأولى للمجلس الجديد. ووفق المعطيات المتوفرة، هناك ما لا يقل عن ست كتل في طور التشكل.

ومع نهاية الأسبوع الحالي، ستتبلور الصورة النهائية لخريطة التحالفات تحت القبة.

لكن المؤكد أن أغلبية أعضاء المجلس سينضوون تحت عباءة الكتل، وهذا بحد ذاته بداية مشجعة.

أهمية الكتل تتفاوت تبعا لحجمها وبرنامجها. وبعد انقضاء استحقاق انتخابات رئاسة مجلس النواب والمكتب الدائم، ربما نشهد عمليات فك وتركيب في بعض الكتل، وحالات انسحاب وانتقال للأعضاء.

لكن التحدي الأكبر الذي يواجه الكتل النيابية هو في قدرتها على خوض تجربة المشاورات النيابية لتشكيل الحكومة البرلمانية، والخروج من هذه التجربة بدون التعرض لحالات انشقاق وتصدع بسبب الخلافات المحتملة بين مكوناتها حول رئيس الوزراء المرشح، ومرشحيها للحقائب الوزارية، إذا ما كانت هذه الكتلة أو تلك طرفا في ائتلاف الأغلبية.

يكمن التحدي الذي قد يتحول إلى خطر يهدد مكانة النواب، في أن صيغة المشاورات المقترحة غير مسبوقة في الحياة النيابية؛ فقد مرّ على آخر تجربة مشابهة أكثر من نصف قرن، وهي تأتي هذه المرة في ظل مجلس يضم أغلبية من النواب الجدد، ليس لمعظمهم تجارب سياسية أو حزبية يُعتدّ بها.

اجتياز النواب لهذه الاختبارات بنجاح يتوقف، بدرجة كبيرة، على تماسك الكتل، وقدرتها على إدارة خلافاتها بطريقة تضمن وحدتها وتعدديتها في آن معا.

وذلك أمر صعب بالتأكيد، لكنه ليس مستحيلا إذا ما توفرت، أولا، الإرادة الكافية لدى أعضاء الكتل للمحافظة على الطابع الجماعي لعملهم؛ وثانيا، وضع نظام داخلي ينظم عمل الكتلة، على غرار ما تنوي كتلة التجمع الديمقراطي النيابية فعله.

ستظل النزعات الفردية والحساسيات الشخصية سببا لتفجر الخلافات بين أعضاء الكتلة الواحدة. لذلك، فإن دور الشخصيات القيادية سيكون حاسما؛ فعلى عاتقها تقع مسؤولية إدارة الخلافات والتباينات بمرونة وذكاء، وتغليب القواسم المشتركة التي تجمع ولا تفرق.ينبغي على النواب، أفرادا وكتلا، إدراك أنهم أمام فرصة تاريخية، و"أخيرة" كما قال بيان "التجمع الديمقراطي"، لاستعادة الثقة الشعبية بالسلطة التشريعية.

المزاج العام لم يعد متشنجا كما كان قبل الانتخابات، والقوى المحسوبة على المعارضة والمقاطعة لا تتخذ موقفا عدائيا مسبقا من النواب، رغم الانتقادات التي كالتها للعملية الانتخابية.

وتبدي هذه القوى الاستعداد للتعاون مع المجلس إذا ما وجدت أنه معني فعلا بممارسة صلاحياته الدستورية، والتقدم بعملية الإصلاح إلى الأمام.كما يتعين على النواب إدراك أن نجاح النموذج الإصلاحي الأردني "السلمي والمتدرج"، يتوقف على دورهم بدرجة كبيرة.

طريق النجاح تبدأ بتنظيم العمل الداخلي للمجلس على مستويين: الأول، بناء كتل نيابية متماسكة، ذات أولويات وبرامج متفق عليها.

والثاني: نظام داخلي جديد للمجلس، يحاكي متطلبات إصلاح بنيته الداخلية، ويستجيب لمتغيرات الحياة النيابية.

ليتذكر النواب تجربة المجالس السابقة؛ فقد شهدنا حراكا نشطا في البدايات، لكنه سرعان ما تبدد، فكانت النتيجة التي تعرفونها.

هل تطمحون إلى النهاية نفسها، أم تختارون طريقا أخرى تبقيكم في"العبدلي" أربع سنوات؟

الغد

أضف تعليقك