هيكلة الرواتب

هيكلة الرواتب
الرابط المختصر

من يتحمل المسؤولية عن عدم توضيح كثير من الأمور للشارع الأردني، وتركه في"حيص بيص" حيال الكثير من القضايا المصيرية التي تواجهه، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق بقوت يومه؟ فقد بدأ القصف مبكرا على مشروع هيكلة الرواتب قبل أن تتضح كثير من الأمور التي بحاجة إلى توضيحات، ولطمأنة الرأي العام بأن الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة ستصب في نهاية المطاف في صالح فئة واسعة من الموظفين، يصل عددها إلى 205  آلاف موظف، مقابل تضرر 6 آلاف آخرين!
لا شك أن الإعلام يلعب الدور الأكبر في تشكيل الرأي العام وتحشيده نحو أفكار محددة، قد تكون في بعض الأحيان غير دقيقة. وعدم الدقة في أحيان كثيرة ليس مقصودا أو مبرمجا أو ممنهجا، ولكنه يعود في جذوره إلى غياب المعلومات من مصادرها، فهي تتعمد السرد الشفوي للمعلومة أكثر من اعتمادها على الوثائق والحقائق والأرقام، ما يصنع رأيا عاما يقف موقفا سلبيا من الكثير من البرامج والمشاريع التي تقوم بها الحكومات أو المؤسسات أو من الاستراتيجيات التي ترسم هنا أو هناك.
من تلك الانطباعات التي شكلت رأيا غير إيجابي تجاه الحكومة، ما حدث مؤخرا عندما قررت الحكومة إصلاح جزء من الخلل الذي اعترى نظام الرواتب في الدولة الأردنية. فقد بدا من الواضح أن المواطن يعتقد أن الحكومة إذا ما استمرت في مشروع هيكلة الرواتب فإنها سوف تلقي به في مهب الريح، وسوف ينهشه الفقر، ويصبح الحال أصعب مما هو عليه. هذه التخوفات مبررة ومشروعة، فكيف يمكن للناس أن يعرفوا حقيقة الأمور ما لم تصلهم حقائق وتطمينات تنفي تلك الهواجس التي تعتريهم؟
ولعل المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير تطوير القطاع العام مازن الساكت، يشير إلى أن إعادة هيكلة رواتب العاملين في الخدمة المدنية ستتمخض عن مضاعفة الراتب الأساسي لموظفي الجهاز الحكومي، ابتداء من بداية العام المقبل. وبحسب الوزير، فإن أهداف إعادة الهيكلة معالجة التباين والتشوهات في رواتب الخدمة المدنية، وتنظيم أسس ومعايير الاختلافات في الرواتب داخل أجهزة القطاع العام. فسوء تنظيم بعض الوظائف أدى إلى تطبيق فرضية أنه كلما ارتفعت درجة الموظف قلت علاوته. وحقيقة أن مثل هذا التباين لا يخدم تحقيق العدالة والمساواة وإعادة التوازن في واقع الرواتب والعلاوات.
وتشير الحقائق التي تحدث عنها الساكت إلى أن 150 ألف موظف علاواتهم بالخدمة المدنية أقل من 20%، بينما 50 ألف موظف علاواتهم بالخدمة المدنية تساوي صفرا. وبحسب الساكت، فإن هذا التفاوت يعود في أساسه إلى التشوهات التي يعانيها سلم الرواتب الأساسية، إضافة إلى اقتصار منح العلاوات لمجموعة وظيفية معينة بناء على ضغوطات اجتماعية ونقابية مختلفة. فليس سرا، بحسب تصريحات الوزير، أن إحدى المؤسسات التي لا يتجاوز عدد العاملين فيها 45 شخصا تكلف خزينة الدولة الأردنية 13 مليون دينار رواتب سنوية للموظفين فيها. لذا وجب علينا تفسير طبيعة ما يحدث بناء على المعلومات الموثقة، وليس بناء على التكهنات!

الغد

أضف تعليقك