هل يصمد الاستقرار في الأردن؟

هل يصمد الاستقرار في الأردن؟
الرابط المختصر

مع تزايد المخاوف من انزلاق مصر إلى حالة فوضى شبيهة بسورية، وتلك التي حدثت في العراق من قبل، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عبارة تناقلها "الفيسبوكيون" وأصحاب حسابات "تويتر"، على نطاق واسع، تقول: "اللهم احفظ مصر آمنة ومستقرة، فالأردن لم يعد يحتمل". دلالة العبارة الأولية معروفة بالطبع؛ فالأردن استقبل أكثر من نصف مليون لاجئ سوري منذ اندلاع الأزمة هناك، وكان قد احتضن ضعف هذا العدد من الأشقاء العراقيين قبل سنوات. وفي الذاكرة أيضا موجات لا تنتهي من اللاجئين جراء الصراعات المستمرة في المنطقة. تخيلوا الحالة لو أن بلدا بحجم مصر أرسل لنا لاجئين!

لكن العبارة تشي بإحساس قطاعات واسعة من الأردنيين بأهمية حالة الاستقرار "النسبي" في البلاد، والتي تكتسب قدرا أكبر من الأهمية عند مقارنة الوضع في الأردن مع بلدان الجوار العربي.

بعد التحاق مصر بمنظومة الدول المضطربة، بات الأردن الدولة الوحيدة المستقرة. بمفهوم الأمن القومي، هذا ليس وضعا جيدا بالطبع؛ حالة عدم الاستقرار في محيطنا تضعنا في مواجهة تحديات سياسية وأمنية كبيرة، وتؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد والعلاقات التجارية مع دول الجوار، وتُظهر أرقام التجارة الخارجية جانبا من الخسائر المترتبة على ذلك.

أمنياً، صار معروفا ما تمثله الجبهة السورية من تحد جراء وجود "كتائب" من مقاتلي تنظيم القاعدة بمحاذاة حدودنا الشمالية، ونشوء شبكة وثيقة من الصلات مع أنصار هذا التيار في الأردن، والذين يتولون منذ أشهر مد الجماعات المقاتلة في سورية بالرجال والمال.

جبهة سيناء ليست ببعيدة عن مجالنا الحيوي والأمني؛ في الأيام التي تلت خروج "الإخوان" من الحكم في مصر، فتح الجهاديون هناك معركة مع الجيش المصري. وإذا لم يتمكن الأخير من احتواء الوضع، ستتحول سيناء إلى مركز عمليات للقاعدة على غرار سورية ومالي وأفغانستان، وسيكون من الصعب على الأردن تجاهل هذا التطور في المستقبل.

داخليا، تشكل كل هذه التطورات ضغطا هائلا على نظرية الاستقرار التي تجاهد الدولة للحفاظ عليها. لكن ثمة تحديات خطيرة تطل برأسها، تخص بالدرجة الأولى قدرة المجتمع على التماسك؛ وهي حالة آخذة في التآكل بشكل يجعل من الصعب تثبيت حالة الاستقرار بدون تصويب الاختلالات الخطيرة في علاقة الدولة مع المجتمع، وإنفاذ سلطة القانون المتدهورة على أكثر من مستوى، ناهيك عن الأزمة الاقتصادية وما تسببه من ضغوط على شرائح اجتماعية عريضة.

إن تكرار حالات الاعتداء على الباصات والسيارات على طريق العقبة، يعد نموذجا على نوعية التحديات التي يمكن أن تقوض حالة الاستقرار في البلاد. وتُضاف إليها بالطبع، حالات العنف في الجامعات، والاعتداءات على قاعات امتحان الثانوية العامة.

لا شك في أن الأوضاع المضطربة من حولنا تحمل أيضا ميزات إيجابية للأردن. تدهور الحالة في مصر، يمنح الأردن مكانة أكبر على المستوى الدولي، ويجعله البلد الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه في إدارة أزمات المنطقة، والحليف الموثوق من طرف الولايات المتحدة في التعامل مع الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والأزمة في سورية. وربما يرفع ذلك من درجة الاهتمام بضرورة مساعدة الأردن اقتصاديا، كي يتمكن من الصمود في مواجهة عواصف تجتاح المنطقة.

دور الأردن في المنطقة يجعل من استقراره حاجة أساسية لكل الأطراف؛ ما من زعيم في دول الجوار العربي غير الملك عبدالله الثاني يستطيع أن يغادر بلاده في زيارة أو إجازة خارجية، لا بل إن عناوين معظمهم داخل بلدانهم أصبحت مجهولة.

الغد

أضف تعليقك