هل يصبح الشارع رهينا للانعزاليين

هل يصبح الشارع رهينا للانعزاليين
الرابط المختصر

حادثة القويسمة تفضح الوجوه المقنعة وتكشف عمق مأزق الدولة .

يكاد المرء ان يفقد ايمانه بالديمقراطية وحرية التعبير وهو يتصفح بعض المدونات, وصفحات "الفيس بوك" ومواقع الكترونية تعج بافكار الكراهية والعنصرية البغيضة.

ويتساءل في قرارة نفسه: كيف يتحول مثقفون وسياسيون واعلاميون الى دعاة حرب اهلية, ويتجرأ بعضهم على وصف شعب على انه مجموعة من العملاء لاسرائيل..?!

يعيشون معنا ونعيش معهم, شباب في مقتبل العمر حوّلهم التعصب الاعمى للفيصلي والوحدات الى اعداء كارهين لبعضهم. صفحات "الفيس بوك" لكلا الطرفين ترسم صورة سوداء لجيل المستقبل.

لم نكن في انتظار سياج ينهار في ملعب لنعرف الحقيقة لكنها لحظة حاسمة يتكشف فيها المشهد القاتم, حيث تنبري الاصوات الانعزالية لتشعل شرارة المواجهة, في جميع البلدان التي شهدت حروبا داخلية كان التيار العريض من الناس خارج اللعبة لكنهم اصبحوا ضحايا لجرائم يرتكبها اصحاب الرؤوس الحامية من الانعزاليين.

وفي حادثة ملعب القويسمة ثمة اصرار من هؤلاء على جر المجتمع الى مواجهة دموية. وفي سبيل ذلك ليس هناك ما يمنع من تسويق تصرف احمق على انه عمل مقصود واستهداف مبرمج يقتضي ردا ينتصر لـ "الدم المهدور".

وفي السياق تجيء الدعوة للاصلاح ليس باعتباره حاجة وطنية ملحة بل اداة للمحاصصة وانصافا لـ "الضحية" والرد بالطبع من الطينة نفسها, خطاب اقصائي يستكثر على نصف المجتمع حقوق المواطنة الطبيعية. وهكذا يصبح المجتمع بأسرة مشاعا مستباحا لعنصريين يتصارعون في الفضاء الالكتروني ويشحذون الهمم لنقل المعركة الى الارض.

يحدث ذلك منذ سنوات طوال والقوى النافذة في الدولة مثل النعامة تغطي رأسها في الرمل تراوغ احيانا واحيانا اخرى توظف الصراع والانقسام لإدامة معادلة السلطة والنفوذ كما هي, واستثمار ثقافة الخوف من الاخر لتعطيل عملية الاصلاح والاستئثار بالسلطة. والتقت مصالح النخب من الطرفين على هذه المعادلة فتشاركوا في الفساد والقمع والاستبداد.

وبالنسبة لقوى وأوساط سياسية اخرى تعثير عملية الاصلاح في الاردن صارت مهنة ممتازة تدر دخلا مجزيا وتستجلب تمويلا اجنبيا, ولا شك ان هذه الاوساط تأمل باستمرار التعثير والتعطيل حتى لا نفقد مصادر الدخل الاجنبي. فالاصلاح بالنسبة لهم تحول الى تجارة ازدهارها يستدعي وجود ضحايا من النساء الحالمات بالجنسية والرجال الطامحين للمساواة في الوظائف العسكرية والامنية والمزيد من جرائم الشرف ليصبح النضال من اجل "سيداو" مجزيا.

والدولة في كل ذلك متفرج ضعيف يمد الجزرة طوال الوقت ويخشى غضب المانحين ويستجدي الدعم الخارجي ولا يعنيه قبول الداخل ورضا الشعب, المهم ان يستمر التحالف القابض على السلطة حتى لو كان الثمن هلاك الشعب في المدرجات.

العرب اليوم