نهب الآثار الأردنية وتهويدها

نهب الآثار الأردنية وتهويدها
الرابط المختصر

نأمل أن يكون الإعلان عن واقعة "محاولة سرقة مستودع المقتنيات الأثرية"، في طبربور، ووعود وزارة السياحة بنشر نتائج التحقيق بها، يدلّ على تغيّر في ذهنية المسؤولين الذين صمتوا أكثر من مرة في حوادث سرقة لآثار أردنية، لم يُعرف مصيرها إلى الآن.

المفارقة بأن الاعتداء الفاشل لم تكشفه الكاميرات في مبنى المستودع، لأنها كانت معطّلة، وهو ما تكرر عندما نشرت بعض وسائل الإعلام المحلية، مطلع هذا العام، خبر استبدال آلاف المسكوكات الأثرية من الذهب تعود لعصور تاريخية قديمة من "متحف الآثار الأردني" بمسكوكات مزورة مطابقة لها، واكتشفت الحادثة بالصدقة، وفق ما أوردت "مصادر مطلعة" حينها.

المصادر ذاتها أكدت عدم وجود نظام رقابة إلكترونية في جميع المتاحف الأردنية، كما لم تبادر دائرة الآثار العامة بتوضيح ملابسات ما حصل، ولم نسمع إلى اللحظة عن نتائج لجنة التحقيق في الحادثة المذكورة، رغم أن تحقيقاً قامت به "صحيفة الغد" أظهر أنه جرى استبدال وتزوير 401 قطعة أثرية من أصل 402 مسكوكة اكتشفت في منطقتي عراق الأمير وعبدون.

الغربيون وحدهم من يكتشفون، عبر الصدفة المحضة، مثل هذه الوقائع التي نواجهها نحن بإهمال غير مسبوق، كما حدث مع الباحث الفرنسي الذي اكتشف عملية التزوير هذه، وهم أيضاً من يتمكنّون من تهريب آثارنا خارج البلاد، وكان آخرها منذ أعوام حين تمكّن تاجر آثار إسرائيلي من سرقة 70 قطعة أثرية أردنية، بحسب الصحافة الأردنية.

الخسائر في ارتفاع متزايد من دون تقدير لحجم الكارثة، فأرقام وزارة السياحة والآثار تؤكد تضرّر 2877 موقعاً أثرياً، وهناك 1526 موقعاً مهدداً بالخطر -وهي تشكّل أكثر من ثلث المواقع المسجلة البالغة 10 آلاف موقع- نتيجة النهب الممنهج والتوسّع العمراني والعوامل الطبيعية، وأن هناك ما يقرب من 1300 موقعٍ فقط بحالة جيّدة أو معقولة.

ليست الحروب الأهلية والفوضى التي تُغرق العراق وسورية وليبيا واليمن السبب الوحيد وراء نهب إرثنا الحضاري، وإلاّ كيف يمكن تفسير حدوث ذلك في بلد يفخر بأمنه واستقراره مثل الأردن.

الأخطر من ذلك كلّه، هو الاستمرار في تبنّي المرويات التوراتية حول تاريخنا الأردني، وقد نبّه أكتر من باحث لذلك، ومنه التسليم بوجود قبر موسى فوق جبل نبيو قرب مادبا، وهي مجرد خرافة يهودية لا يسندها أي كشف أركيولوجي أو تاريخي، بل إن هذه الذهنية تحاول فرض هذه الخرافات دون غيرها في عمليات التنقيب أو في تسويق المعالم السياحية!

حماية تراثنا باستخدام كل التقنيات والتجهيزات التقنية والأمنية سيحفظ ما تبقى منها، بعد السطو على جزء مهم منها كمخطوطات البحر الميت التي سلبها الكيان الصهيوني، و"مسلّة ميشع" التي استولت عليها فرنسا، وغيرها، وهو لا ينفصل عن تحريره وتحررنا من استبطان رواية العدو حول تشكّل هويتنا الحضارية.

محمود منير: كاتب صحافي. محرر "تكوين" في "عمّان نت".

أضف تعليقك