نحو عقاب صحفي جماعي!!!

نحو عقاب صحفي جماعي!!!
الرابط المختصر

ما يُخيل إليّ في نهاية المطاف؛ أن يُجمع الصحفيون في الأردن، ويوضَعون في مكان واحد، بهدف تنفيذ عقاب جماعي لهم، لمنعهم من نقل الصورة الحقيقة للمواطن الذي من حقه أن يحدد اتجاه ما يحدث ويدور حوله.

تشاؤمي هذا نتج بعد اعتداءات ثلاثة على مجموعة من الصحفيين، لحسن الحظ أنّي كنت منهم، الاعتداء الأول وقع في الجامعة الأردنية أثناء انتخابات اتحاد الطلبة، وتحديداً في قسم اللغة العربية، بعد أن أقدم طلبة مخمورين بالتعدي على زملائي المصورين وعلي، خلال تواجدنا هناك، ومنعونا من التصوير محاوليين ضربنا وتكسير الكاميرا! إلا أننا منعناهم بمساعدة الأمن الجامعي، مع الملاحظة بأن الجامعة وقع فيها أكثر من اشتباك في هذا اليوم، منها  تعدي على صحفيين، وإطلاق نار داخل الجامعة، والتهجم على طلبة،  يعني سلطة الجامعة "باي باي" لا بتهش ولا بتنش، "على الرغم من تقديم اعتذار من قبل إدارتها بشكل رسمي، وتعهدهم بتقديم تحقيق في الأمر".

أما الثاني؛ والذي جاء بعده على التوالي، كان أثناء مسيرة المفرق، التي قام خلالها "زعرنجية" و"بلطجية" و"دواوين" بالاعتداء على زملائي من فريق الـ "جوردن ديز" بالضرب وتكسير الكاميرا، ومع ذلك حاول الفريق، بكل جرءة نقل فيديو يبيين الاعتداء بالكامل، "مع التحفظ على أنهم اعتدوا على أشخاص من حقهم الذي كفلة الدستور؛ التعبير عن رأيهم والمطالبة بالإصلاح".

وأخيراً تمّ الاعتداء الثالث، كان ذلك أمس، أثناء اعتصام أمام رئاسة الوزاء، حيث اعتدى مجهولٌ بالضرب على زميل آخر من موقع "إصلاح نيوز"، بوجود رجال الأمن والدرك!

إذاً والحمدالله مجموع الصحفيين الذين تم ضربهم، خمسة، خلال يوميين! يعني لو كل أسبوع اطلعنا بخمس أو عشر صحفيين، مع محاولة التقرب من الزعران، لتشكيل مجموعة من الضربات، والتي يمكن أن تضيف للمشهد بعض الجمالية، سنتمكن من إيجاد "مركز تجمع الصحفيين المضروبيين"، هذا لو شد الزعرنجية حيلهم، في حالة التكثيف والإعتداء، حتى نتمكن من الإسراع بإنشاء المركز.

في البيان الذي أصدرته "جماعة الإخوان المسلميين"؛ أن ما جرى يوم الجمعة الماضي، يرجع لأحد احتمالين، الأول عجز الحكومة وأجهزتها وأدواتها عن حماية مواطنيها، وعن فرض القانون وصياغة دولة المؤسسات، وعن مواجهة البلطجية والخارجين عن القانون، "وهذا مؤشر على دخول البلد في نفق مظلم وفي حالة فوضى لا يعلم إلا الله مدى الشرور المترتبة على ذلك". والاحتمال الثاني – برأي الجماعة- "أن تكون أجهزة الشرطة وقوات الأمن متواطئة مع هذه الفئات الفوضوية التي يقودها الزعران والجهلة".

هذه التحليل والذي أراه منطقيا وواقعيا، خصوصا بعد مشاهدتي للفيديو الذي يبين الزعرنه والبلطجة "بفنون عصرية". حيث أصبحت أخشى أن ياتي اليوم الذي لا تستطيع فيه الأجهزة الأمنية من حمايتنا، وتُمكن أقدام هؤلاء الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم أنهم جنود الوطن، والمنقذ الوحيد له، مع قناعتي أن من يقوم بهذه الاعتداءات هو شخص منتفع من الفساد وليس غير ذلك.

وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، والناطق الرسمي باسم الحكومة؛ راكان  المجالي، قال بتصريح له "هناك أشياء في الأردن تعتبر خطا أحمرا، هي حمل السلاح، وحرق أي ممتلكات، وأي عنف ضد أي إنسان"، "لا يجوز أن يكون لكل شخص دكانه الخاص، هناك دولة واحدة هي دولة القانون فقط".

وأنا أتساءل؛ أي خط أحمر وقد تجرأ أشخاص على الاعتداء ليس فقط على المواطن العادي، بل على الصحفي الذي يساهم بنقل الوقائع والحقائق ويخاطر بنفسه لينقل الصورة الكاملة للمواطن الأردني؟!!

أخشى ما أخشاه؛ أن يأتي يوم وأن يحاول هؤلاء الأشخاص بالتعدي  ليس على الصحفيين فقط، بل على المواطن العادي، بحجة حب الوطن والولاء، وهذا ما لن يحمد عقباه، لأنه في ذلك الوقت لن يكون هناك ما يخسره الشخص،  وسيبدأ الجميع بالتحشيد، وبمحاولة استرداد الحق الضائع، وهذا ما لا نتمناه، لأن من يخسر الوطن لا يستطيع استعادته مرة أخرى.

وفي عتابي الذي سيتجاوز كل الخطوط الحمراء إلى  كثير من وسائل الإعلام التي لم تذكر هذه الاعتداءات، بل قليلون من ذكروها، والتي تعرض لها الصحفييون خلال اليوميين الماضيين يعد تعاونا سواء كان مقصودا او غير مقصود لعدم فضح هؤلاء الذين يعتبرون انهم أصحاب الولاية لحماية هذا الوطن، وأنهم أحد الأولياء الصالحيين لينقذوه!

إن مضمون ما تم خلال اليوميين،  من اعتداء على صحفيين يقومون بواجبهم؛ يحمل رسالة خطيرة، وخطيرة جداً، وهي  تعني دعوة لكل الصحفيين، بأن من السهل التعدي علية دون المحاولة حماية نفسه، والسكوت يعتبر تهيئة لجو مناسب لتكريس الاعتداءات على الصحفيين بشكل لا يستطيع فيه أحد المنع، وأنتم تذكرون حجم الاعتداءات على زملائنا الصحفيين خلال الفترة الماضية التي لم يجنى زملائنا خلالها  إلا الإصابات.

إن ما يحدث اليوم ما هو إلا بداية الطريق في مسلسل الاعتداء على الصحفييين، ومواساةً لزملائي، اقول لهم؛ راحت عليكم!!!

أضف تعليقك