موقف شائك في "الضمان"

موقف شائك في "الضمان"
الرابط المختصر

في الخبر المنشور، يوم الأربعاء الماضي، حول زيادة رأسمال شركة سرايا العقبة ليبلغ 765 مليون دينار، لم تفصح الشركة عن جزئية مهمة تتعلق بالقرار، وهي تلك التي تقضي بحصول "سرايا" على عائد مضمون نسبته  8.5  % على أسهم زيادة رأس المال.

القرار يتضمن السماح لكل طرف مستثمر في المشروع بزيادة حصته كل بحسب نسبة ملكيته، ما يعني أن حصة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي من زيادة رأس المال قد تصل إلى حوالي 16 % من إجمالي قيمة الزيادة؛ إذ يبلغ رأسمال الشركة حاليا ما قيمته 335 مليون دينار.

الخطورة التي تواجهها "الضمان" تكمن في أن حصة صندوق استثمار أموال الضمان ومساهمته في المشروع، والمقدرة بنسبة 16 % أو ما قيمته أكثر من 50 مليون دينار، ستتآكل مع الوقت، نتيجة المبالغة في تحديد عائد الربح.إدارة الصندوق تقول إنها لم تتخذ قرارا بعد، وأن الحوار ما يزال مستمرا؛ هذا من ناحية.

لكن على الضفة الأخرى، يظهر أن فرص "الضمان" في المناورة محدودة، كون حصتها في المشروع لا تعطيها فرصة للتأثير والتحكم بالقرار، والكلمة الفصل بيد الشركة التي تملك وتسيطر على غالبية الأسهم.

مؤسسة الضمان في أزمة؛ فإما أن ترضى بالأمر الواقع، وتقبل بقرار الشركة الأحادي وما تفرضه، أو أن تخرج من المشروع لتجنب خسائر مستقبلية، أو أن تشكل المؤسسة جبهة قوية للتفاوض مع الشركة، في محاولة نهائية لجعل الأخيرة تخفض نسبة معدل العائد المطلوب.

المهم هو أن الشركة تنوي عقد اجتماع هيئة عامة غير عادي نهاية الشهر الحالي، تتخذ خلاله قرارا نهائيا بخصوص رفع رأسمالها، وهي بطبيعة الحال تمتلك حصة مؤثرة ومسيطرة على القرار، ما يعني أن "الضمان" سيكون مضطرا للقبول بما تريده الشركة، رغم أنه يضر بمصالحه.

وبعد سنوات، سنكتشف أن الصندوق خسر جراء توزيع الأرباح قيمة حصته الأصلية في المشروع، والتي ستتبخر لتسديد العائد المرتفع المطلوب.

الموقف داخل إدارة الصندوق منقسم؛ فثمة من يدعو إلى القبول بشروط الشركة لأسباب تتعلق بضعف قدرة "الضمان" على التأثير، ما يعني الاستسلام لسياسة الأمر الواقع.

والغاية، كما يرى هذا الفريق، عدم إيقاع الضرر بالاستثمار الأجنبي؛ إذ تنوي شركة سرايا ضخ مبلغ 700 مليون دولار لاستكمال المشروع الذي طال انتظاره.

الطرف المتوجس من القرار والمدرك للمخاطر، ويقر بتأثيره السلبي على أموال الضمان، يدعو إلى مزيد من التفاوض مع الشركة بغية تقليص نسبة العائد المطلوب، من أجل تجنب التبعات السلبية له على أموال "الضمان".مرة أخرى، يبدو أن ثمة خطرا يحيق بواحد من مشروعات "الضمان".

والموقف شائك، والأمر يتطلب وضع جميع الخيارات والنتائج على الطاولة، والموازنة بينها، حتى وإن كان الخروج من المشروع هو أحدها، بحيث نحافظ على جذب الاستثمار، على أن نحيّد في الوقت نفسه الضرر المستقبلي على أموال "الضمان".

الاستثمار في النهاية شراكة؛ ومراعاة مصالح الشركاء من أبجديات العمل الاستثماري واستمرار الشركات المنتجة، ما يفرض على الشركة عدم استثمار المعطيات الواقعية التي تعطيها فرصة الاستفراد في اتخاذ القرار، بحيث يصب قرار زيادة رأس المال في صالحها وحدها، فيما توضع مصالح مليون أردني، يمتلكون أموال الصندوق، على الحافة.

الاستثمار الأجنبي، بدون أدنى شك، مهم. لكن الحفاظ على مدخرات الأردنيين هدف أسمى. ودور إدارة صندوق استثمار أموال الضمان، الأول والأخير، هو رعاية مصالح عملائها، وهم الشعب الأردني والأجيال المقبلة.

الغد