من يسكن الأردن؟

من يسكن الأردن؟
الرابط المختصر

اتخذ مجلس الوزراء، منذ أيام، قرارا بتأجيل الإحصاء السكاني المقرر العام المقبل، إلى العام التالي (2015). وبرر هذا القرار بصعوبة تنفيذ الإحصاء في ضوء الأوضاع السكانية غير المستقرة جراء أزمة اللجوء السوري، وغيرها من المتغيرات التي يمكن أن تؤثر على سلامة العملية.

لن نناقش مبررات الحكومة لتأجيل الإحصاء؛ مع الإدراك العميق لأهميته الكبرى في رسم السياسات، ووضع الخطط التنموية، وتحديد احتياجات المناطق السكانية من الخدمات والمشاريع، بناء على المعلومات الدقيقة عن أعداد المواطنين وأوضاعهم الاقتصادية والمعيشية. وكان عديد المؤسسات في الدولة يترقب نتائج إحصاء 2014، لأخذها بعين الاعتبار قبل اتخاذ القرارات بشأن مشاريعها المستقبلية.

على كل حال، مجلس الوزراء، وبحكم مسؤولياته، أقدر من غيره على تحديد الأولويات. وقد تكون المبررات التي عرضها للتأجيل مشروعة ومنطقية.

لكن النقاش حول قرار مجلس الوزراء يبدو مناسبة للحديث عن حالة السكان في الأردن؛ وهي في اعتقادي فريدة من نوعها. إذ يندر أن تجد بلدا في العالم يشهد تغيرا سكانيا مثل الأردن.

في غضون عامين أو أقل، زاد عدد سكان الأردن قرابة المليون نسمة، أغلبهم سوريون وعراقيون. إذ تشير الإحصاءات إلى أن نحو خمسين ألف عراقي دخلوا الأراضي الأردنية منذ بداية العام الحالي، ولم يغادروها.

أما على الجانب السوري، فإن المعدل اليومي للاجئين السوريين لا يقل عن ألف شخص. هل يوجد بلد في العالم يزيد عدد سكانه بهذا المعدل يوميا؟!

ويقيم على الأراضي الأردنية ما لا يقل عن 800 ألف عامل مصري، وعشرات الآلاف من العمال من جنسيات أخرى، لا تملك أي جهة إحصاءً دقيقاً لهم.

وقبل هذا وذاك، هناك ما يزيد على مليون وربع المليون من حملة الجوازات المؤقتة وأبناء غزة الكرام. ويوميا، يدخل المئات من الضفة الغربية. هذا ناهيك عن الطلبة العرب والأجانب الذين يتلقون تعليمهم في الجامعات الأردنية.

الحالة السكانية في الأردن متحركة ونشطة جدا، وتتسم بعدم الاستقرار. لكن الأهم من ذلك أن الجهات المسؤولة لا تملك أرقاما دقيقة وموثقة. خذوا مثلا اللاجئين السوريين؛ فبعد دخول عشرات الآلاف منهم من دون قيود موثقة، شرعت الجهات المعنية بعدّهم بأثر رجعي، وعبر عملية طويلة ومعقدة لم تنته حتى يومنا هذا.

والأدهى من ذلك التناقض الصارخ في الأرقام التي نسمعها من المسؤولين في الجهات الحكومية المختصة؛ ليس فيما يخص أرقام اللاجئين والوافدين فحسب، بل المواطنين أيضا، هنا وفي بلاد الاغتراب.

من الأرقام المتداولة لمن هم غير أردنيين، يقترب المرء من الاستنتاج بأن أعدادهم تقارب أعداد المواطنين، وقد تزيد قليلا إذا ما استثني الأردنيون المغتربون في الخارج.

بالنسبة لي، وربما لكثيرين، هذا ليس أمرا مقلقا. ولا تنتابني مشاعر القلق أو العنصرية تجاه المقيمين على أراضي المملكة. لكن الحاجة إلى إحصاء سكاني دقيق، ومتابعة دائمة للمتغيرات السكانية، أمر حيوي للدولة، ولراسمي السياسات ومتخذي القرارات. وهي في الوقت ذاته حق طبيعي لأفراد المجتمع؛ أليس من حقنا أن نعرف، مثلا، كم يبلغ عدد سكان عاصمتنا؟ هل يمكن لمسؤول أن يعطي رقما تقريبيا لعدد سكان عمان؟

الغد

أضف تعليقك