من شرفة مجلس النواب
لم يكن مجلس النواب بحاجة الى"خضة" الاثنين الماضي, فمياهه لم تهدأ من "خضات سابقة"والاستعراض كان مسليا شعبيا, لكنه لم يفد سوى الرئيس البخيت الذي خرج منتشيا ولو معنويا وفي المقابل زادت سمعة مجلس النواب تضررا.
انه مشهد كريكاتوري غريب وعجيب, تختلط فيه الكوميديا بالمأساة, ادانة وتبرئة, فرحا وغضبا. مواطن يصيح بالنواب من الشرفة "يا بلطجية" وآخر يتهددهم "بالعقال" ونائب غاضب لا يدخر كلمة من قاموس البذاءة ليوجه الشتائم الى زميل في اصطفاف ليس له منطق.
تقرير لجنة التحقيق بملف الكازينو لم يوضع صدفة على جدول الدورة الاستثئانية بل ان 88 نائبا طالبوا بوضعه وهددوا الحكومة بالويل والثبور اذا تجاهلته وهو ما حدا بالرئيس البخيت الى ان يتحدى النواب ويقول ان التقرير موجود على جدول الدورة ومضى الى حد "التهديد" بالاستقالة اذا تم توجيه الاتهام رسميا له.
من حق النواب ان يغضبوا وان يحاسبوا الحكومات, فهذه مهام انتدبوا لها, ولا خير فيهم إن لم يفعلوها, ما حدث بعد انفراط عقد الجلسة كان خطيرا, فالنواب الغاضبون تداعوا الى قاعة المسرح لانهم شعروا ان التصويت لم يكن عادلا, وبعضهم قال بأن التصويت على ادانة الرئيس البخيت لو جاء اولا لتغير شكل الاتهام, لكن اخرين جاءوا امعانا في الانتقام وطلبا لتبرئة النفس بعد الخذلان.
ما قاله النواب الاربعون في بيانهم العاجل كان خطير جدا, وفيه اتهام لجهات - لم يسموها - بالعمل ضد لجنة التحقيق " وبدأت تحركات مشبوهة من أطراف مخلتفة لإجهاض عمل اللجنة والمجلس ومحاولة أخذ دوره في محاكمة الفساد, وكنا نلاحظ كل يوم مواقف تتخذ هنا وهناك, حيث واجهنا تخبطا في اليومين الأخيرين من مواعيد الجلسة وتغيير موعد توزيع قرار اللجنة ونقله من بعد الجلسة إلى قبلها, وقد رفضت الأمانة العامة طلب رئيس اللجنة بإرفاق المبرزات اللازمة بمعية قرار اللجنة لتوضيح الرؤية للزملاء النواب".
كلام عام لا يقدم شيئا, من حق كل الاردنيين ان يعرفوا الحقيقة, هل هناك ضغط او تعطيل مورس ضد اعضاء اللجنة ? هل هناك من يدعم الفساد ويتستر عليه ويمنع كشفه ومعاقبته? فمكافحة الفساد لم تبدأ بالكازينو ولن تنتهي عنده, انها عملية متواصلة تحتاج الى ارادة وقرارات صعبة وجراحات جريئة لا يتحملها النواب وحدهم.
لا نريد سماع المزيد من الاشاعات, نريد حقائق لمواجة الفاسدين ووضع الاصفاد في ايديهم لا التغطية على افعالهم, فخيار الاصلاح مكلف وخيار مقاومته باهظ, لا يحق للنائب المنتخب ان يستقيل, فهذا ليس خياره, وطرح الثقة بالحكومة في غير موعده كلام فائض عن الحاجة.
العرب اليوم