من جديد الإصلاح الداخلي في المجلس

من جديد الإصلاح الداخلي في المجلس
الرابط المختصر

بناء على طلب الأغلبية، هناك جولة جديدة من التعديلات على النظام الداخلي لمجلس النواب. وقد تم عقد لقاء غير رسمي ظهر أمس، لمناقشة التعديلات المفترضة، وسط خلافات وتباينات حول المقترحات، تُنذر بأن الجلسة الرسمية التي ستعقد بعد الظهر، وبعد كتابة هذا المقال، لن تكون سهلة على دعاة الإصلاح.

يحدوني الأمل أن لا تُفوّت هذه الفرصة الثانية من دون إجراء التعديلات الجوهرية الضرورية على النظام الداخلي. فقد أظهرت التجربة كيف أن شيئا لم يتغير في واقع المجلس بعد التعديلات السابقة؛ إذ يستمر هدر الوقت، وبعض الفوضى والنزاعات على الكلام تحت القبة، والغياب عن اجتماعات المجلس واللجان، وبالتالي ضعف الأداء وتواضع الإنجاز.

لقد أضاع المجلس الفرصة الأولى عندما ردّ عددا من التعديلات الرئيسة العام الماضي. وليس معقولا أن يُناط بنا التشريع للإصلاح في الوطن، ونعجز عن الإصلاح داخل مجلس النواب نفسه. يجب إنجاز إصلاح داخلي جريء، ينعكس على أداء مجلس النواب بصورة ملموسة يراها المواطن، وتساهم في تحقيق نقلة سياسية نوعية في عمل المجلس.

البند الأول هو نقاش القوانين تحت القبة. إذ بات تنظيم وتقنين النقاش ضروريين للخروج من الفوضى والسباق على الكلام والاقتراحات، واتهام الرئاسة بالظلم أو المحاباة؛ وكذلك تنقل النقاش بين التمديد المفرط ثم التسرع الزائد. وهذا التقنين يتصل بآلية نقاش القوانين فقط، ولا يشمل جلسات المناقشة العامة وما يستجد من أعمال، حيث يعبر جميع النواب بصورة مفتوحة عن أنفسهم وقضاياهم.

ويقال إن اللجان هي مطبخ القوانين، لكن هذه المقولة لا تجد ترجمتها في نصوص النظام الداخلي. إذ يجب تقييد النقاش تحت القبة حول الاقتراحات البديلة المقدمة سلفا، فيتاح لصاحب الاقتراح شرحه قبل التصويت، ولا حاجة لعشرات المداخلات التي تؤيد أصلا النص المعروض أو تكرر نفس الاعتراضات.

ولكي تتحقق مشاركة المجلس الفعالة في مطبخ اللجان، فإنه يجب إعادة النظر في طريقة تشكيلها. فالتجربة تؤكد لنا المرة تلو المرة أن طريقة الانتخاب المفتوح لأعضاء اللجان عقيمة؛ حيث تدور المنافسة على المناصب، فينافس مناصرون لهذا أو ذاك، ولينتهي دورهم واهتمامهم بعد الانتخابات التي لا تعطي تمثيلا متوازنا في اللجان لجميع مكونات المجلس. تشكيل اللجان يجب أن يتم بالتفاهم من خلال المكتب التنفيذي الذي تتمثل فيه جميع الكتل والمستقلين، ويجب أن يكون لكل كتلة الحق في وجود ممثل عنها في اللجنة، ويفضل قدر الإمكان من أهل الاختصاص. فيكون عضو اللجنة مسؤولا أمام كتلته؛ يضعها في صورة عمل اللجنة والقوانين المعروضة، ووسيطا بين الكتلة بجميع أعضائها واللجنة. ويمكن مراعاة التمثيل النسبي للكتل حسب حجومها.

هذا النظام لتشكيل اللجان ينعكس على دور الكتل النيابية. فرغم أن التعديل على النظام الداخلي ثبت وضع الكتل؛ بمنع الانسحابات والانتقال لكتل أخرى أثناء الدورة، إلا أن واقع الكتل بقي ضعيفا وهامشيا. لكن عندما يصبح أعضاء اللجان ممثلين منتدبين عن كتلهم، تصبح الكتل مطبخا لإدارة الموقف في جميع اللجان، حيث يعود العضو لكتلته ليضعها في صورة الموقف؛ وإذا قصر بواجبه تقوم الكتلة باستبداله. هذا طبعا إضافة إلى النص على ميزات إضافية للكتل، مثل وجود مستشارين وخبراء مختصين، وطاقم إداري، لكل كتلة أو ائتلاف.

الغد