مجلس نيابي يمثل 470 ألف مواطن!

مجلس نيابي يمثل 470 ألف مواطن!
الرابط المختصر

لوسئل المرشح النيابي الفائز بمقعد نيابي زنته نحو 15 ألف صوت عن رأيه في انتخابات مجلس النواب السادس عشر ونتائجها ونسبة الاقتراع وفرز الأصوات,.. لأجاب بلهجة واثقة حاسمة قاطعة, وعلى البديهة, قائلا: لقد كانت انتخابات في منتهى النزاهة والشفافية; وإنها تصلح تعريفا جامعا مانعا للانتخابات الديمقراطية الحرة النزيهة الشفافة..

ولو سئل المرشح النيابي الفائز بمقعد نيابي زنته نحو 1200 صوت عن رأيه في الأمر نفسه لأجاب بما يجعلك تعتقد أن هذه الانتخابات كان يمكن ويجب أن تكون أكثر نزاهة.

أما لو سئل المرشح النيابي الخاسر (وإذا ما كان من أولئك المرشحين النيابيين الذين اعتادوا الفوز العظيم من قبل, وأدمنوا الجلوس على الكراسي النيابية الوثيرة) عن رأيه فإنه لن يجيب إلا بما يؤكد أن هذه الانتخابات كانت مزورة من ألفها حتى يائها.

التزوير.. إنها كلمة, أو تهمة, نادرا ما خلا منها الكلام الانتخابي بعد إغلاق صنادق الاقتراع على وجه الخصوص; والخاسرون, أو المتوقِّعون خسارتهم المعركة الانتخابية, هم الذين يتحدثون عن التزوير أكثر من غيرهم; لكن, شتان ما بين تزوير وتزوير; ذلك لأنه شتان ما بين أن تزور إرادة الناخبين وأن تزور نتائج الانتخابات, فيفوز في الفرز من خسر في الاقتراع; ويخسر في الفرز من فاز في الاقتراع.

ورب معترض يقول إن الآراء ووجهات النظر والأحكام.. والحقائق هي دائما نسبية; لكن شتان أيضا ما بين نسبية ونسبية, فالنسبية في آراء الفائزين والخاسرين في الانتخابات النيابية الأردنية لا يمكن تمييزها أبدا من الذاتية, ولا تشبه أبدا النسبية الموضوعية.

قبل ثلاث سنوات, وبعد إعلان نتائج انتخابات المجلس النيابي الخامس عشر, أدليت بالرأي الآتي:

عند انتخاب هذا المجلس كان المواطنون الأردنيون يعدون 5.7 مليون مواطن, وكان عدد الناخبين المسجلين منهم 2.5 ميلون ناخب, وكان عدد أعضاء المجلس 110 أعضاء.

نظريا (قلت) كان لكل 23 ألف ناخب نائب واحد; لكن نحو 1.4 مليون ناخب مسجل أدلوا بأصواتهم, فكانت نسبة المقترعين 57.5 في المئة; وقد خاض الانتخابات تلك 885 مرشحا, فاز منهم 104 مرشحين.

ناخبو هؤلاء, أي ناخبو المجلس النيابي الخامس عشر, كان عددهم 560 ألف ناخب, أي نحو 23 في المئة من الناخبين المسجلين (2.5 مليون ناخب مسجل) ونحو 40 في المئة من الناخبين المسجلين الذين اقترعوا (1.4 مليون ناخب مسجل مقترع).

إذا كان عدد المرشحين الخاسرين 781 مرشحا فإن عدد المقترعين الخاسرين كان 840 ألف مقترع.

التمثيل النيابي ذاك كان, في خلاصته الرقمية, مجلس نواب انتخبه 560 ألف مواطن لا غير!

بمعيار الأرقام والنسب, لم يكن ذلك المجلس بمجلس يملك من صفة التمثيل ما يجعله ممثلا للشعب أو الأمة أو المجتمع. إنه, بحسب هذا المعيار, مثل فحسب الأقلية من المقترعين (نحو 40 في المئة من المقترعين)!

إن نحو 60 في المئة من المقترعين لم يكونوا ممثلين في مجلس النواب الخامس عشر ولو بنائب واحد; أما الأقلية منهم (نحو 40 في المئة من المقترعين) فكان لها من النواب نحو 104 نواب!

وبعد إعلان الحكومة قانونها الانتخابي الجديد (المؤقت) والذي بموجبه أجريت انتخابات المجلس النيابي السادس عشر, وقبل بدء هذه الانتخابات, قلت: عما قريب ستتحدث الانتخابات وديمقراطيتها عن نفسها; لكن بلغة الأرقام والنسب, التي هي أصدق إنباء من الكتب, فلتأتوا بالورقة والقلم, ولتحسبوا عدد الناخبين الذين بفضل إيجابيتهم وأصواتهم فاز 120 مرشحا; فكم عدد هؤلاء الناخبين (الناجحين)? وما نسبتهم, انتخابيا وشعبيا?

أفترض الآن أن المواطنين الأردنيين يعدون 6 ملايين مواطن.

عدد الناخبين المسجلين نحو 2.4 مليون ناخب; أما عدد أعضاء المجلس النيابي الجديد فهو 120 عضوا.

نحو 1.4 مليون ناخب (مسجل) أدلوا بأصواتهم, فكانت نسبة المقترعين نحو 53 في المئة (نسبة المقترعين في العاصمة عمان كانت 34 في المئة).

ناخبو المجلس النيابي الجديد لم يتجاوز عددهم 470 ألف ناخب, أي نحو 35 في المئة من المقترعين, ونحو 20 في المئة من الناخبين المسجلين.

إن نحو مليون ناخب لم يدلوا بأصواتهم, مفضلين ملازمة منازلهم يوم الاقتراع; وإن نحو مليون ناخب آخر أدلوا بأصواتهم; لكن من غير أن يتمثلوا, في المجلس النيابي الجديد, ولو بنائب واحد; وهذا إنما يعني أن نحو مليون صوت قد ذهبت هدرا.

وإذا كان مجلس النواب الخامس عشر يمثل نحو 560 ألف مواطن لا غير, فإن مجلس النواب الجديد (السادس عشر) يمثل 470 ألف مواطن لا غير!

إنني أولا أود تهنئة الإيجابيين من المواطنين, أي أولئك الذين مارسوا حقهم في الاقتراع, أو أدوا, على خير وجه, واجبهم الانتخابي, فإن إيجابيتهم أثمرت مليون مقترع لا يمثلهم ولو نائب واحد في المجلس النيابي الجديد!

لقد أظهرت الحكومة, قبل الانتخابات, عداء للداعين المواطنين, أو الناخبين, إلى مقاطعة الانتخابات النيابية, مصورة إياهم على أنهم مرتكبون لإثم التحريض على تلك المقاطعة; وكأنها أرادت أن تقول إنها لا تقبل لنفسها, ولا لغيرها, إجبار المواطنين على التصويت, ولن تقبل, بالتالي, إجبارهم على عدم التصويت, أو المقاطعة, فكلا الأمرين (الإجبار على التصويت والتحريض على المقاطعة) يتساويان في خرقهما وانتهاكهما القانون.

الحكومة قالت للمواطن (الناخب) إن لك الحق (القانوني) في أن تدلي بصوتك; ولك أيضا الحق في ألا تصوت; لكن ليس لك, ولا لأي جماعة, الحق في أن تحرض الناس على مقاطعة الانتخابات, فإن التحريض لإثم لو تعلمون عظيم.

ولو كان القانون الانتخابي, الذي بموجبه أجريت الانتخابات النيابية, يحظى بما يكفي من الشرعية الديمقراطية, أي لو اقر عبر استفتاء شعبي مثلا, لوقع كلام المحرضين على المقاطعة على أسماع شعبية لا تشبه أبدا أسماعهم, ولعجزوا عن أن يجدوا أذنا واحدة تصغي إليهم.

span style=color: #ff0000;العرب اليوم/span

أضف تعليقك