متواطئون ضد الاصلاح؟

متواطئون ضد الاصلاح؟
الرابط المختصر

لا يبدو المجتمع الاردني «موحداً» تجاه الاصلاح، ثمة حراكات اجتماعية في الأطراف أشهرت مواقفها للمطالبة بالاصلاح، وثم «خصوم» تقليديون للاصلاح أصبحت عناوينهم معروفة، لكن ثمة «كتلة» كبيرة تشكل الاغلبية ما تزال صامتة، وهذا الصمت ينطلق من اعتبارين: أحدهما يخفي رغبة في المطالبة بالاصلاح وتشجيع دعاته، لكن لحظة اعلان هذه الرغبة لم تنضج بعد، وهو هنا مفهوم في سياقات تطور الحدث ووضوح الفكرة والتعلق بأمل الحل والانفراج، أما الصمت «الآخر» فلا يمكن فهمه أو تفسيره الا في اطار «التواطؤ» ضد الاصلاح.

إذن، يشكل المتواطئون ضد الاصلاح كتلة كبيرة في المجتمع، ويتذرعون بموقف الحياد للدفاع عن عزوفهم وعدم مشاركتهم في الحراكات الاجتماعية، فهم يتفرجون على المشهد، ويتعاملون معه بمنطق «المراقب» السلبي، وينظرون اليه وكأنه «حدث» لا يهمهم ولا علاقة لهم به، لكن ذلك لا يعني - في الباطن على الاقل - أنهم معزولون عن احداثه، أو غير مدركين لحساباته، أو بعيدين عن التفكير بلحظة «الحسم» فيه، وما يترتب عليها من نتائج أو مآلات.

هم، بالطبع، لا علاقة لهم بالمدخلات، فهذه من نصيب الآخرين الذين يتولون العمل والحركة والتضحية، أو يصنعون - إن شئت - الحدث ويحددون سياقاته ويتحملون نتائجه، لكنهم معنيون دائماً «بالحصاد» والمخرجات، وهنا المشكلة!

لا يمكن «لحركة» الاصلاح أن تسير بشكل طبيعي إلا اذا شارك فيها الجميع، وتخلى البعض عن «صمتهم» الذي اخذ «شكل» التواطؤ في كثير من الاحيان، كما لا يمكن ان نفهم كيف يتذرع هؤلاء «بالحياد» وهم مواطنون مثلهم مثل غيرهم، يطالبون بحقوقهم ويغضبون اذا انتقص منها، ولكنهم ينتظرون من غيرهم أن يتبناها ويدافع عنها ويضحي من أجلها؟؟

نريد أن نخرج من هذه «المعادلة» التاريخية التي انقسم فيها المجتمع بين «معطل» و»محرك» أو بين «لاعبين» و»متفرجين»، أو بين فئات تفهم المواطنة وتدافع عنها وتدفع ثمن المطالبة بها وترسيخها، وبين فئات اخرى تتعامل مع «المواطنة» بمنطق آخر، أقرب ما يكون لمنطق «الدكانة» هيه التي يشغل صاحبها ما يأتيه من أرباح.. وأرباح فقط.

لا شك بأن هؤلاء «المعطلون» أو «المرجئون» قد أضروا بالحراك الاجتماعي نحو الاصلاح، فقد قدموا - ذريعة - لخصوم الاصلاح كي يشككوا فيه، وقدموا حجة للمسؤول حتى يتباطأ في تنفيذه، وتم استخدامهم «كفزاعة» لاقناع المواطنين بالاصلاح بأنهم يحرثون في «البحر» وبأن تضحياتهم سيقطفها آخرون ما زالوا يمارسون دور «المتفرج» أو «المتربص» للاستيلاء على «البيدر» بكل ما فيه.. وهذا جزء من الحقيقة.

باختصار، لا يمكن لمن لم يشارك في الحركة والدفع نحو الاصلاح أن يطالب «بالشراكة» في النتائج، أو أن يشكو من انتقاص حقوقه، أو ان يتذرع «بالقعود» في مدرجات المتفرجين لأنه يخشى من سوء تأويل مواقفه، أو من تحميله «مسؤولية» يفترض - بمنطقه - ان يتحملها غيره، هذه كلها ذرائع مغشوشة لا تقنع أحداً، ولا «تقيم» شراكة، ولا تؤسس «لمواطنة» حقيقية، ولا تساعدنا في الدخول الى الاصلاح الحقيقي الذي يحتاج الى «مواقف» موحدة, وحراكات اجتماعية متنوعة وشاملة، واحساس عام بأن «الوطن» للجميع، وبأن من يريد «الغنم» يجب ان يشارك في «الغرم» ايضاً.

الدستور