مبادرة سياسية تنقذ البلاد من حالة الشلل

الرابط المختصر

انسداد الافق يعني استسلام الشارع لثقافة التعصب .

تعرض المسار الاصلاحي لحالة من الشلل بعد احداث الجمعة الاخيرة. لجنة الحوار الوطني التي شكلت بارقة امل لكل الأطراف انهارت تقريباً وتبذل محاولات محمومة الآن لثني الاعضاء المستقيلين عن قرارهم, واقناع الاسلاميين بالانضمام الى اللجنة على أمل ان تستعيد دورها وتكمل ما بدأت به.

الحكومة التي بدت مصممة على استلام زمام المبادرة في البداية تعرضت لضربة موجعة في احداث الجمعة, واصبحت في نظر الرأي العام الطرف الاضعف في دائرة صنع القرار, وانشغلت في ادارة الازمة وتداعياتها, والدفاع عن نفسها في مواجهة الانتقادات والاصوات الكثيرة التي تدعوها للاستقالة.

لقد بات واضحا في الايام الاخيرة ان "الخلية الامنية " نجحت في توجيه ضربة قوية لخلية البخيت السياسية في الحكومة, وتمكنت من فرملة تحركاتها لجهة تسريع مسار الاصلاحات, وارباكها في لحظة حساسة وفارقة.

لكن الأسوأ من ذلك الانطباع لدى اوساط سياسية واسعة بوجود خلافات وتباينات عميقة في الصف الرسمي للدولة, وغياب الرؤية الاستراتيجية الموحدة في التعاطي مع التطورات الداخلية وحزمة الاصلاحات المطلوبة. بمعنى اخر هناك من يرى ان مؤسسات الدولة لم تحسم خياراتها بشأن مسألة الاصلاح الدستوري تحديدا, ويسجل في هذا الصدد عدد من الاشارات والرسائل المتضاربة في اكثر من اتجاه.

وتجلى الاضطراب في المواقف بالاسلوب الذي تعاملت فيه الاجهزة الرسمية مع احداث الجمعة وما تلاها من تطورات. وانعكس ذلك في المواقف والتصريحات والتوجهات حيال مظاهر التجييش في الشارع وفي وسائل الاعلام المحسوبة على الدولة الامر الذي دفع بوزير الدولة لشؤون الاتصال والاعلام الى التلويح بالاستقالة اذا لم تكف هذه الوسائل عن مواصلة حملات التحريض والتعصب الاقليمي.

ووسط حالة الارتباك في دوائر صناعة القرار, وانعدام الرؤية, تتعمق الاصطفافات الاقليمية والجهوية في الشارع, ويتنامى شعور بالقلق والخوف من المستقبل, جراء مظاهر الترهيب الماثلة كل يوم في عمان, والشحن الاعلامي الممنهج.

اذا ساد الشعور بانسداد الافق السياسي وتعطل المسار الاصلاحي, فإن الرأي العام سيستسلم للخطاب السائد وينخرط في لعبة الاستقطاب القاتلة, وستأخذ هذه الحالة اشكالا مختلفة يصعب احتواؤها بعد ذلك.

ولذلك ينبغي الشروع على الفور بتطوير مبادرة سياسية للاصلاح والخروج من حالة الشلل والارتباك, تستعيد بموجبها كل الاطراف لغة الحوار بدلا من لغة التهديد والتصعيد. ومن اجل الحفاظ على السلم الاهلي والاستقرار الامني يتعين على الجميع الاستعداد لتقديم التنازلات واعني في ذلك مؤسسات الدولة والحركة الاسلامية وقوى الحراك الشعبي بمختلف تلاوينها.

لقد جرى في الايام الاخيرة تشويه السجال الوطني الجاري وعلينا جميعا ان نعيد العملية الاصلاحية الى سكّتها الصحيحة.

وبصراحة اكثر, الجميع ينتظر المبادرة وكلمة الفصل النهائية من جلالة الملك.

العرب اليوم