ما يريد الأردن وما تطرحه أميركا

ما يريد الأردن وما تطرحه أميركا
الرابط المختصر

بعد سقوط نظام حسني مبارك، لم يبق لأميركا حليف استراتيجي في المنطقة سوى الأردن. أما إسرائيل، فهي الولاية الأميركية الواحدة والخمسون كما يقال، ولذلك تصر الولايات الأخرى على حمايتها، وتحافظ على أمنها ومصالحها بكل ما أوتيت من قوة.

في مراكز صنع القرار الأميركية، يدرك صناع السياسات الخسارة الكبيرة من فقدان الحليف الأول، بعد أن تسلم الإسلاميون الحكم في مصر.

وثمة صوت مرتفع هناك ينادي بدعم الأردن واستقراره وأمنه، للحفاظ عليه كحليف أخير.نظريا، هذا ما يقال. أما ما يتم على أرض الواقع من أفعال، فهو أقل بكثير.

سياسيا، واشنطن لم تدفع باتجاه مزيد من الإصلاح السياسي محليا، وبقيت تحمل العصا من المنتصف؛ فمرة ترى مساعد وزير الخارجية الأميركية يؤكد أن الأردن سيتأثر برياح الربيع العربي كغيره من الدول، ليرد مسؤول أميركي آخر بأن مستوى الإصلاح محليا، وإن كان تدريجيا، إلا أنه إيجابي وكاف.

والتحدي الأكبر الذي يواجه الأردن خلال الفترة المقبلة، مرتبط بالوضع الاقتصادي.

وفي هذا الملف، يبدو الاهتمام الأميركي في حدوده الدنيا؛ إذ تصل أخبار بنوايا الحكومة الأميركية تخفيض حجم المساعدات المقدمة لجميع الدول، بما فيها الأردن، رغم معرفة الجميع بالعبء الإضافي الذي يسببه لجوء ما يزيد على نصف مليون لاجئ سوري، يضغطون على الموارد المالية، والبنية التحتية والمياه والكهرباء، وفرص العمل.

التحرك الأميركي حيال ملف اللاجئين السوريين لا يختلف كثيرا عن مواقف العديد من الدول التي تتكلم أكثر بكثير مما تفعل، ما يضعف دورها في التخفيف من عبء هذا الوضع الاقتصادي والأمني على المملكة، رغم أن الأهداف المشتركة بين الحليفين، الأردني والأميركي، حيال الوضع في سورية، وتحديدا ما يتعلق بمخاوفهما من مقاتلي "القاعدة" هناك معروفة، والكل يسمع بما يدور بينهما حول هذه المسألة.

المشكل الاقتصادي، بعيدا عن اللاجئين السوريين، كبير، ومن الصعب السيطرة عليه. رغم ذلك، فإن ما قدمته أميركا للأردن خلال العام الماضي اقتصر على المنح الاعتيادية المتفق عليها، والمقدرة بحوالي 450 مليون دولار مساعدات اقتصادية، إضافة إلى 250 مليون دولار مساعدات عسكرية، فيما تقدم لإسرائيل مبلغ 3 مليارات دولار، ولنا أن نقيم الفرق. وقد قدمت واشنطن 200 مليون دولار مساعدات إضافية للمملكة لدعم الخزينة.

وثمة وعود بكفالة الحكومة الأردنية لمساعدتها في الحصول على قروض بقيمة مليار دولار، فيما ظل الدور الأميركي محدودا في الضغط على دول أخرى لتقديم ما التزمت به من مساعدات للمملكة.بيد أن شدة الأزمة التي يعاني منها الأردن بحاجة إلى جهود أكبر للتخفيف من المشكلة، خصوصا أن البلد بانتظار تطبيق قرارات صعبة تتعلق بتعرفة الكهرباء.

والجميع يعلم كم تستفز زيادة الأسعار المواطن الأردني الذي أنهكته الظروف الاقتصادية الصعبة خلال السنوات الماضية.

الأردن يرزح تحت حمل ثقيل محليا.

ويضاعف صعوبة الحال، الظروف الصعبة التي تحيط به إقليميا من الشرق والغرب، ولربما يكون هو الأكثر معاناة وتأثرا بهذه الأزمات وتداعياتها. ورغم ذلك، يبدو دعم الحليف دون مطالبات الفريق الأميركي المتمثلة بمزيد من الدعم للأردن.

الرئيس الأميركي باراك أوباما، وفي زيارته الثانية للمنطقة، يحمل ملفات تركز على الوضع في سورية، والبرنامج النووي الإيراني، وهذه تمس أمن إسرائيل.

فيما عملية السلام الإسرائيلية-الفلسطينية على الرف؛ إذ لم يحمل ساكن البيت الأبيض مبادرة تحرك المياه الراكدة، رغم إدراك الجميع خطورة تضييع فرصة جديدة للسلام في المنطقة، وتأثير ذلك على جميع الدول، والأجيال المقبلة.

أميركا التي تحاول إعادة تموضعها في المنطقة، ورغم كل المحاولات، تجد نفسها في النهاية مضطرة للتعامل مع قضايا المنطقة، والأردن جزء منها، ويفرض الواقع حرصها على أمنه.

بيد أن ما يحكم إعادة ترتيب دورها يرتبط، أولا وأخيرا، برغبات إسرائيل ومصالحها.

الغد