"ماذا حدث للإدارة الأردنية.."؟!

"ماذا حدث للإدارة الأردنية.."؟!
الرابط المختصر

في سياق الإجابة عن السؤال أعلاه قدّم رئيس الوزراء الأسبق معروف البخيت "رؤية نقدية" على درجة من الأهمية للأسباب التي أدّت إلى تدهور الثقة بالإدارة الأردنية والترهل والتشوهات التي أصابت القطاع العام خلال السنوات الأخيرة، في ورقته بمؤتمر مكافحة الفساد مؤخراً.

ولعل السؤال الجريء، الذي طرحه البخيت، يعكس هاجسا حقيقيا لدى كثير من المثقفين والسياسيين، بعد أن رأوا القطاع العام الذي لعب دوراً مباشراً ومحورياً في بناء الدولة وتعزيز مؤسساتها ومنحها قدراً كبيراً من الاحترام والتميز والهيبة ليس فقط داخلياً بل إقليمياً، وإذا بهذا الصرح الكبير يتراجع بصورة متسارعة ويتعرّض لنكسات كبيرة، أصابت مؤخراً صميم العلاقة بين الدولة والمجتمع وطاولت قيماً أساسية مثل هيبة الدولة وسيادة القانون.

ثمة زوايا متعددة للتفسير والرؤية في الإجابة عن هذا السؤال (ماذا حدث للإدارة الأردنية؟..)، لكن الفرضية الأكثر رواجاً – في ظني- بأوساط القرار أنّ دور القطاع العام الطبيعي انتهى مع تراجع دور الدولة الاقتصادي، والتحول نحو اقتصاد السوق والخصخصة وعدم القدرة على الاستمرار في التوسع، إذ أنّ ذلك أصابه بالتضخم والعطب والترهل، وقد بدأت علامات ذلك تظهر منذ النصف الثاني من التسعينيات.

ذلك التحليل صحيح نظرياً، أي بالقول بأنّ الانتقال من القطاع العام إلى الخاص والتحول في نمط العلاقة كان ضرورياً لإنقاذ الاقتصاد الوطني وتحسين فرصه في المستقبل، لكنه لا يقدّم تفسيراً لماذا حدث الترهل والتراجع في القطاع العام ومصدر التشوهات الهائلة التي ضربته، وتداعيات ذلك سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.

من هذه الزاوية، تحديداً، يلج البخيت إلى تفكيك عملية التدمير المتراكمة التي حدثت للإدارة الأردنية، ولعلّ أحد أسبابها يكمن في الانتقال المفاجئ من الدور البنيوي للقطاع العام وتقديمه مختلف الخدمات الأساسية إلى الخصخصة من دون المرور في مراحل متتالية مدروسة تحول دون حدوث التشوهات التي حدثت.

يلقي البخيت المسؤولية، أيضاً، على "الاقتصاديين الجدد" الذين ساهموا في نمو ظاهرة غير صحية وهي المؤسسات المستقلة بجوار مؤسسات القطاع العام، بذريعة تسهيل الاستثمار، وعجز الإدارة الحكومية عن القيام بهذه المهمة، ما خلق مشكلات جديدة في أسس التعيين والاختلال في ميزان الرواتب، إذ بدأت المؤسسات المستقلة التعيين بمبالغ خيالية خارج نظام الخدمة المدنية.

في الوقت نفسه، كانت ضغوط البطالة والفقر والظروف الاقتصادية المختلة، بالتزاوج مع خلل العلاقة بين الحكومة والبرلمان، كل ذلك أدى إلى استيعاب أعداد من العاملين في القطاع العام، وتم ابتداع أنظمة جديدة للتغطية على هذه التعيينات، كالمياومة والمقطوع، حتى وصل العدد إلى 42 ألفا، فقط في الفترة من العام 2001-2005!

الغد

أضف تعليقك